23 ديسمبر، 2024 4:30 ص

الفدرالية ومتطلبات التطبيق في العراق

الفدرالية ومتطلبات التطبيق في العراق

الفدرالية وفق علم السياسة ، هي اتجاه عدد من الدول نحو التخلي عن سيادتها لصالح دولة جديدة تتمتع بهذه السيادة نيابة عن جميع الدول المتحدة، وهي كما يرى الدكتور حسن الجلبي في كتابه القانون الدولي العام ص 227 ، أن الاتحاد الفدرالي يتكون من توافق عدة دول على اقامة اتحاد دائم فيما بينها تمثله حكومة مركزية تملك اختصاصات عليا ملزمة مباشرة ومتنوعة قبل حكومات أعضاء الاتحاد ورعايا هذه الحكومات .وهذه الاختصاصات كما نعرفها ويؤكدها الدكتور في كتابه ص 234 الا وهي انفراد الاتحاد باختصاص ادارة الشؤون الخارجية والعسكرية او المحافظة على شؤون الامن العام وامور الجنسية ، وأصدار العملة وتنظيم التجارة مع الدول الاجنبية وبين الدول الاعضاء ومعاقبة الجرائم المرتكبة ضد أمن الدولة وضد القانون الدولي وفرض الضرائب الاتحادية، ويترك للدول الاعضاء اختصاص التصرف بالشؤون ذات الطابع المحلي والإقليمي مثل إنشاء وتنظيم وإدارة المصالح المحلية وتنظيم وإدارة التعليم وشؤون الصحة والشؤون الاقتصادية والتجارية وشؤون الضرائب المحلية ، والسؤال المهم اليوم يقوم على مدى قدرة المحافظات بواقعها الحالي وفساد بعض اداراتها وعدم كفاءة كوادرها للنهوض بأعباء الاقاليم وفق أحكام المادة 119، والمادة 120 من الدستور النافذ ، حيث ثبت بالعين المجردة فشل إدارات جميع المحافظات بأبسط مستلزمات الإدارة العامة لأسباب معروفة أهمها هي تلك المتعلقة بطريقة انتخاب أعضاء تلك المجالس والقائمة على الانتخاب بالقائمة والتي من شأنها قيام الأحزاب والكتل لحشو هذه المجالس بالأميين والفاسدين والفاشلين ومن ليست لهم القدرة على اضافة ابسط معالم التقدم في هذه المحافظات، ويمكن ان ينطبق الحال على الاقليم حيث فشلت الادارات المتعاقبة على التفاهم مع المركز وفق منطق وقواعد الفدرالية، بل كان التعامل قائما على وفق منطق النظام الكونفدرالي القائم على عدم الاعتراف بسلطة الجيش الاتحادي وأعتباره محتلا ان اذا ما دخل في بعض الاراضي العراقية ، او التعامل مع الدول وكأن الاقليم خارجا عن نطاق الدولة العراقية ، او تعامل المسؤولين مع الشعب في كردستان كان تعامل الأغوات لا السياسيين او تجليات انتشار السلطة العشائرية لتحل محل السلطة الشعبية الديمقراطية ، ناهيكم عن تصرف بعض الفاسدين.
ان تحول العراق المستعجل نحو الفدرالية كما جاء في المادة الاؤلى من الدستور هو كنحول العراق نحو الديمقراطية المستعجلة ، متجاوزا الفقر والأمية وحاويا على اسباب الفشل قبل اسباب النجاح ، لان خروج المجتمع من نظام الدولة الشمولية نحو دولة الحرية ، ان تحولت هذه الحرية من الحرية المضبطة بقواعد القانون الى الحرية المطلقة وأخذ كل منهم يغني عل ليلاه وفق اهوائه ومصالحه ، وترك الصالح العام ، مما دفع بالدولة لان تقاس وفق مقاسات السلطة ، وتحول العراق الموحد الى عراق تحكمه العشبرة والكتلة والحزب والفرد ، وضاعت البوصلة أمام حكومات مركزية هشة يحكم تصرفاتها المحتل او الغرباء او محافظات تحكمها مجالس خاوية على بطونها لا تملك من أمرها إلا المنابزة والمشاكسة المعاكسة وظلت تدور حول نفسها يغلفها العداء والفساد وجاءت على ما كان يمكن ان يكون بداية للتقدم ، واليوم يطالب ذات الأشخاص الاقاليم ، وكان هذه الاقاليم تملك العصى السحرية التي يمكنها أن تحول الفاسد والفاشل بين ليلة وضحاها إلى شخص قادر على الإتيان بالجديد ، ولكن هذا مستحيل ، الاقاليم بحاجة قبل التطبيق إلى ثقافة المؤمن بالكفاءة والإعداد المسبق للكوادر المخصصة في شتى صنوف الادارة والحسابات والهندسة المدنية والهندسة المعمارية وشؤون الصحة والتربية والتعليم وغيرها من مجالات الإدارة الرحيبة،
ان قانون مجالس اامحافظات غير المرتبطة باقليم رقم 21 لسنة 2008 وتعديلاته والحكومات المركزية وبعض الوزارات والفساد كان وراء زيادة فشل مجالس المحافظات ، وكان على مجالس النواب المتعاقبة ان تنظر بعين المراقب الحريص وان تأخذ بإصدار القوانين الكفيلة بمعالجة الأخطاء التي لم يعد نظام الاقاليم بقادر على تجاوزها لأنها تجذرت بموافقة الجميع….