23 نوفمبر، 2024 9:55 ص
Search
Close this search box.

الفجر والإنترنت وزومير!

الفجر والإنترنت وزومير!

من المؤسف أن الإنسان يقوم في الصباح من أجل رزقه, ولكنه لا يقوم في الفجر من أجل الرزاق, عبارة استوقفتني كثيراً ,عند سماعي لأحد المحاضرات الدينية, التي أعشقها عشقاً لا يوصف, فالناس ينهضون مبكرين ,للقيام بأعمالهم ومعظمهم لم يؤدي حق صلاة الصبح, ولا يدركون أن هذا الوقت, هو وقت تقسيم الأرزاق للعباد, ويتكاسلون عن أداء عمود الدين, ظناً منهم بأن الرزق ينتظرهم على أبواب الأرصفة .
لو رأيت الكل يمشي عكسك, لا تترد أمشِ حتى لو أصبحت وحيداً, فالوحدة خير من أن تعيش عكس نفسك لإرضاء غيرك ,وما دام فعلك متماش مع الدين والحق, فلا تخف, لذا لا تعتبر إقامةالصلاة فجراً تخلفاً ,لأن البعض يبقى مستيقظاً, أمام شاشة الأنترنت حتى طلوع الشمس, وينام الظهيرة بأكملها ,ثم يعاود نشاطه الإلكتروني بدقة وجدية في المواعيد, دون أن يلتفت لحظة واحدة, لأوقات الصلاة الخمس, فتأخذه عوالم التويتات والتعليقات والمشاهدات, التي ما أنزل الخالق بها من سلطان, وهذا هو التخلف بعينه.
 ورغم أن لكل قاعدة شواذ, ففي مجال الإلتزام بالقيم والمبادئ, والأصول والأخلاق, أصبح المتمسك بها شاذاً عندهم, والحداثة لديهم, هي الخروج عن جادة الصواب, أياً كان سلوكه في العادات والتقاليد والأعراف, خاصة وأن الزمن جعل الفقراء من زجاج, والأغنياء من حديد, فبات التغاضي عن الحماقات والأخطاء شيئاً عادياً, وكأني بالعاصين الغافلين, كالأعرابي الذي يعتاش على تجنيد الغلمان, لنوادي ومراقص الجاهلية الماضية والجديدة, فيقول للمسلم الذي جرى بينهما هذا الحوار, حيث قال المسلم للأعرابي: إن الرب سيحاسبك, قال:سررتني بذلك, فإن المحسن عندما يحاسب, يتفضل على عباده بالثواب الجزيل.
منذ زمن بعيد, ونحن في صراع مع الغرب, لكن السؤال الذي يطرح نفسه, لماذا يتخلف المسلمون ويتقدم غيرهم؟, والجواب إن العرب كالعطشان, الذي يشكو النسيان ولا يجيد العوم, حتى على الأقل في بركة متعادلة من الخير والشر, ولا تستيقظ عنده أية قوانين عادلة, فكلها جافة لأنه بئر للباطل والظلم لنفسه, وهذا ما فعله التارك لصلاته.
إنحدار خطير يفوق سرعة الضوء, أطاح بالإنسان وقيمه مرة واحدة, فما الذي نحن بصدده؟, وأجيالنا الحاضرة تعيش أسوء عهود الوثنية الجديدة, ألا وهي عبادة الأجهزة الإلكترونية, بدلاً من عبادة الواحد الأحد, فالحرية المزيفة قد أوقعت المجتمعات في هاوية سحيقة, وتذكرت حينها قول المبشر اليهودي زومير: (لقد عملنا طوال ربع قرن, على إعداد مناهج للعرب, وأعددنا جيلاً لا يعرف الصلة بالله, ولا يريد أن يعرفها, وأخرجنا المسلم من إسلامه).
هناك قطيعة مؤلمة بين الشباب, وصلاة الصبح فجراً, وسط غياب معرفي وديني وأسري, بقيمة اللقاء بين الخالق والمخلوق, فبات الجيل يتخبط في خواء مظلم, أشاع قيم التخلف والفساد.

أحدث المقالات

أحدث المقالات