23 ديسمبر، 2024 5:57 ص

الفايروس ذلك الجسيم اللامرئي بعيوننا يداهمنا ويقرر مصيرنا , ويردع أعتى القوى والقدرات الأرضي ويجعلها تتخبط في تداعيات هجماته الفتاكة التي لا تستطيع أن تواجهها بسهولة , وخير لها أن تتعلم الهرب والإنزواء , وهو سلوك صعب بعد أن وصلت البشرية إلى مديات تواصلية فائقة.
الفايروس يزعزع أركان الوجود الأرضي , ويعيد ترتيب الأولويات , ويوقظ الدنيا من سكرتها المادية , وما تغطس فيه من التصورات والأوهام الفانية , فلا أمريكا أمريكا , ولا أوربا أوربا.
فالأقوى هو اللامرئي , والقوى الأرضية تستنفر طاقاتها لمحاربته والوقوف صامدة بوجهه , العدو اللامرئي هو الذي تغفله البشرية وتتناساه , رغم صولاته الفتاكة المتكررة على مر العصور.
عدو مهما حذرتً منه لا يؤخذ تحذيرك بجدية وإعتبار , بل ربما يكون محط إسنهزاء وسخرية , حتى تقع الواقعة ويصبح الناس أمام الأمر الواقع الذي لا مفر منه.
فالعديد من العلماء المتخصصين في الفايروسات والمايكروبات قد حذّروا من نوبة وبائية شديدة تنتظر البشرية وكتبوا ونشروا وتحدثوا , وما من سياسي أو قيادي إستمع إليهم وأخذ تحذيراتهم بجدية وإهتمام , وإنما إهملوها جميعهم , وهاهي مقالاتهم وخطاباتهم تقبع في المواقع التي نشرت فيها منذ سنوات.
ذلك أن البشرية لا تؤمن بالمتصور أو الذي لا تراه وتعيشه يوميا , وحتى فايروس كورونا وفي المجتمعات التي نسميها متحضرة , يتم نكرانه والإستهانة بإجراءات الوقاية منه , ولهذا فهو ينتشر بقوة في هذه المجتمعات ويقضي على الآلاف , ولا يزال الناس في غفلة منه ونكران حتى يصيبهم.
فعلى سبيل المثال تجد الناس يستثقلون وضع الكمامات , أو البقاء في البيوت , أو غسل اليدين والإلتزام بعدم التجمع وإبقاء مسافة بين الأشخاص , ولا تزال الحالة على وضعها رغم تزايد عدد الإصابات والموتى منها.
ويصعب تفسير السلوك البشري وفهمه , رغم أن الموقف الذي يواجهه خطير وكارثي , مما يشير إلى أن البشر يعترف في لا وعيه بضعفه وعجزه , ويبدو على غير حقيقته وكينونته الجوهرية الفاعلة فيه.
“خلق الإنسان ضعيفا”!!
فهل من الحكمة أن نقول بأنه قوي؟
ولماذا يتوهم القوة؟