23 ديسمبر، 2024 7:16 ص

القادة مولودون من رحم الشعوب ولا يمكن لقائد أن يأتي من كوكب آخر أو دولة أخرى , إلا بعض مَن ينفذون إرادات الآخرين الذين وضعوهم على رأس سلطات البلدان , التي فقدت سيادتها , وأضاعت تقرير مصيرها.
والمشكلة التي تتفاعل في مجتمعاتنا أن الإرادة الجمعية تميل بإتجاه الفاسدين وتمنحهم الفرصة والقدرة والمبررات , لكي يعيثوا فسادا في المجتمع الذي يتضرر أكثره ويستفيد بعضه من فسادهم , وهذا البعض يستشري ويتأسد فيستتب الحكم للفاسدين , وهو ديدن متكرر ومعمول به على مر العصور في مجتمعات تدّعي أخلاقياتها وقيمها , لكنها تدين بدين الفاسدين.

وفي هكذا مجتمعات لا يمكن لقائد يريد البناء والرقاء والحكم بالعدل والقانون أن يبقى , بل أن الميل إلى معاداته ستتنامى وتستفحل حتى تقضي عليه , وقد حصل ذلك في مجتمعاتنا ومنذ بدايات النصف الثاني من القرن العشرين ولا تزال تحصل.

ومن أبسط أدوات التصدي لبناة أوطانهم ومنتشلي شعوبهم من آفات الإنحطاط هي الأحزاب بأنواعها , وخصوصا التي توهم الناس بأنها تحكم بأمر ربها الذي تعبد , وتتظاهر بالدين وما هي إلا على هواها وما يعتمل في أعماقها من آليات رغبوية وتطلعات نزوية عارمة.

وفي المجتمعات العربية فعلت الأحزاب المؤدينة دورها وأنجزت ما يحقق إرادة الذين يمولونها من كافة الجهات والتوجهات , فهي أحزاب مرجعياتها غير وطنية ومنطلقاتها لا تعترف بوطن أو بحقوق مواطن , فهدفها تضليلي بهتاني سقيم , ولذلك دمرت البلدان التي تسلطت عليها وحولتها إلى سوح معارك تنوب بها عن أسيادها.

وهذه الأحزاب تغري الناس لأنها تعفيهم من المسؤولية وترمي بها على ربهم الذي يعبدون , بينما القادة البناة يُشعِرون الناس بمسؤوليتهم الوطنية وما عليهم أن يتحملونه ويبذلونه من جهود لبناء الوطن , ولا بد من الإلتزام بالثوابت الوطنية والتطلعات التي تحقق المصلحة العامة , مما يتطلب جهدا وإجتهادا وإعمالا للعقل , بينما الأحزاب المؤدينة تضلل الناس وتوهمهم بأن عليهم تحمل الفقر والعناء والتحلي بالصبر لكي يفوزوا بجنات النعيم , وأن ما يجري عليهم مقدّر ومحسوب , ولا يمكن للإرادة البشرية أن تغيّره , فكل شيئ من عند الله.

ووفقا للنزعة السلبية الطاغية على الوعي الجمعي فأن القائد الباني لا يمكنه أن يتواصل بالبناء , وعلى المجتمعات أن تأتي بقائد فاسد يميل للخراب , لأن التخريب سهل بينما البناء يحتاج لبذل جهود كبيرة.

فهل نحن بإنتظار إسقاط قائد يبني , بذرائع بهتانية ستعيد بلاده إلى مناهج ما يجري في العراق؟

وإنها لقضية ذات وبال خطير على أمة أبناؤها تسعى بإرادتها للتدمير!!