17 نوفمبر، 2024 11:00 ص
Search
Close this search box.

الغيرة المشروعة

يتمتع شعب كولومبو عاصمة سيريلانكا بالثقافة و الغيرة و الشرف التي فقدتها شعوب كثيرة كما في العراق ، قد يغتاظ البعض لهذه العبارة لكن لو شاهدنا ما حصل من شعب سيريلانكا تجاه الظلم و الفقر و الانهيار الاقتصادي الذي يعاني منه الشعب السيريلانكي خلال الشهرين الاخيرين بسبب السياسة الفاشلة للحكومة وعلى رأسها حكومة كوتابايا عندما انهار اقتصاد البلاد وتسبب بمعاناة الشعب بنقص في كل موارد الحياة (الطاقة والغاز و والوقود والغذاء) وتأثرت المعيشة و النقل بشكل عام مما ادى الى صعوبة الحصول على لقمة العيش ، وعلى اثر ذلك هدد الشعب رئيسهم و حكومتهم بالنزول الى الشارع و الاعتراض و الاحتجاج اذا لم تتمكن الحكومة من اتخاذ خطوات سريعة لمعالجة الازمة وقد قامت الحكومة بالاستعداد لمواجهة الاحتجاجات في محاولة الحفاظ على الاستقرار وقامت بنشر قوات الامن وامرت بحضر التجوال و تقنين استهلاك الطاقة وتقليص صرف الوقود في محاولة للسيطرة على الحراك الشعبي الا ان الشعب انتفض خلال يومين لينهي و يسقط كل اجراءات الحكومة الفاشلة و قام بتنظيم اكبر احتجاج امتد على طول كيلومترات و اقتحم المبنى الرئاسي بعد ان هرب الرئيس من مواجهة الشعب الغاضب ، نعم اقتحم الشعب القصور الرئاسية واسقط نظام الحكم ، ولم ينتظر او يعتمد على قوى خارجية لها عملاء في الداخل ولم يتقسم او يتشضى الى احزاب و قوميات و ديانات واعراق تتنافس على تسلم السلطة و نهب المال العام كما فعلت التكتلات العراقية ، وما اجمل تلك اللحظات و الصور التي سجلت انهيار الحكم واسقاط الفاسدين دون اراقة قطرة دم واحدة . كل ذلك تم على يد البسطاء من افراد الشعب و المجتمع ، نعم انهم شعب متماسك عندما يقول يفعل ، قالو كلمتهم و هددو و نفذو ، و خلال ايام هرب الرئيس و حاشيته ينتظرون محاكمتهم و مواجهة مصيرهم الاسود . هذا هو الشعب السيريلانكي فاين منه شعبنا العراقي العريق ؟ اين ما كابده هذا الشعب العراقي العظيم وهو يعاني و يصبر صبر ايوب على اقسى مرحلة من الذل و الاضطهاد مر بها العراق على يد اقبح و اخس شخوص عراقية انتهازية حكمت العراق عبر عصور التاريخ ، الشعب العراقي يكابد و يعاني من الفاسدين من وما بعد 2003 الى يومنا هذا و يستمر بالمعاناة .

الغريب الذي يثير الاعجاب و يفرض الاحترام للشعب السيريلانكي هو ما قام به الشعب السريلانكي عند مداهمتهم و اقتحامهم للقصور الرئاسية حيث انهم كانو يتجولون بأسلوب حضاري و متمدن فقط تعبيرا عن احتجاجهم دون ان تمتد يد اي منهم للسرقة او العبث او التخريب و الحرق ، تذكرت من خلال هذه المشاهد ما كان يفعله المحتجين العراقيين ايام الانتفاضة و سقوط بغداد من سلوك مخزي في سرقة وتحطيم الابنية وتدمير و حرق الممتلكات العامة على الرغم من امتلاك العراق شعبا و ارض و تاريخ بعمق التاريخي العربي و الديني العظيم وكان من اوائل الشعوب التي صنعت الحضارات والعصور الذهبية وعلمت شعوب العالم معنى الحضارة و التمدن و التقدم على خطى العلوم . ويحق لنا ان نتسائل … كيف انتصر الفساد في نشر الفوضوية و الهمجية على سمة التحضر والرقي لدى الشعب العراقي ؟. الا يحق لنا ان نغار من هذا الحراك الشعبي السريلانكي الحضاري.

أحدث المقالات