23 ديسمبر، 2024 6:09 ص

قضية العراق اليوم مثل الدين، لاتتقبلُ الأسئلة المنطقية ، إذا أردتَ أن تكون علاقتك طبيعية مع الوطن بلا مشاكل ، عليكَ أن لاتسأل أيَ سؤال إجابته محرجة تُفسّرُ على أنها كفرٌ بالسياسةِ والتاريخِ والحكومات .
كثيرٌ من الأسئلة الفطرية يحضرُها الدين ، فلايحق لكَ السؤالُ في قضايا تجعلك مشرِكاً شكوكا ،ولايحقّ لك ان تطلبَ تفسيراً منطقياً . منطقُك العقليُّ (المحدود ) الذي لايتحمّل تصديقَ قصة ولادةِ سيدتنا مريم العذراء لسيدنا المسيح ، أو معجزة سيدنا موسى، أو الاسراء والمعراج أوصلب سيدنا ثم عودته في اليوم الثاني من ضريحه. وكثيرٌ من عقائدِنا ومعتقداتنا. هو ماجعلك لامتوازناً، ليس لك الا الايمانُ بالغيب. ايمانك بالغيب وحدَه وتصديقك بما أنزل على انبيائِك من ربِك ونزاعه مع مخلوقاته، يجعلك تؤمن بأن ذلك أمرٌ طبيعي وأنه من إعجاز الخالق وأسرار الخلق والسر المكنون وتقفل الموضوع. 
في العراق اليوم الشيءُ نفسُه ، دون تشبيه ، عليكَ ان تتقبل كلّ مايحصلُ في بلادك ولكَ ولشعبِك دونَ احتجاجٍ أو سؤالْ .حيث لااجابات منطقية مباشرة على أية أسئلة تتعلقُ بالحاضر والمستقبل، بازدواجيةِ المعايير، بشكلِ النظام ، ديني؟، علماني ؟مدني ؟عسكري؟ جمهوري ؟ (عوائلي) ؟ بالسؤال عن اقتصادِ الدولة ، أو سوء الادارة ، عن التدخل الخارجي أو صمت القضاء والفساد والتقصير دون محاكمات، ودون مساءلة عن أموال أو دماء أو مصائر الناس في هذي البلاد ، فلن يجيبك أحد حتى لو صرختَ أو كتبتَ أو شتمت ، أو تظاهرت و طالبتَ بتفسيرٍ لأسباب احتلال البلاد واسباب الفقر واسباب تراجع البلاد وعدم تطبيق الدستور وعدم تعديل الدستور،. أو أسباب ترؤس بعض الوجوه للمسؤولية طيلة اربعة عشر عاما في عملية تدوير مثيرة للأحزاب والوجوه والمناصب من أجل البقاء في المشهد السياسي بأية صورة كانت.
بناءً على ذلك فانتَ أمام خيارين ، اما أن تتركَ السؤال عن أي شيء في العراق ، لتُريَح وتستريح ، وتنسجمَ مع الوطن الجميل الذي لامشاكل فيه، والمسؤولين الأجمل الذين لايخطئون البتة !، واما أنْ تكون منطقياً حريصا تفتش عن المواقف والحالات والمسؤوليات والدوائر وتنبس ببنت شفه عن الحريات والحقوق وتاريخ الأشخاص وأدائهم ، فيبدو لك مالا يَسرّك ، لينطبق عليك ما ورد في كتاب الله سبحانه وتعالى من تحذير للمؤمنين من بعض السؤال بقوله : ( يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبدُ لكم تسؤكم) صدق الله العظيم.
 . عليك إذاً أنْ تصمت كي تكونَ مواطناً صالحاً ، وأنْ تستسلمَ لفكرةِ أنّ مايحدثُ لبلدك اليوم لاتفسيرَ له ، انه في عالم الغيب الوطني ، وان السياسي العراقي الذي لن يعترفَ بخطأ ولن يتنحى عن مسؤولية، انما هو وحده، علاّمُ الغيوب .