على الرغم مما أوردته الأيات القرانية والأحاديث الشريفة بالحث على العمل الجماعي لما له من أثار ايجابية في تحقيق الاهداف سواء كانت دينية أو سياسية أو اجتماعية ، كما في قوله تعالي (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون ) وقول رسول الله صلى الله عليه واله وسلم(“يد الله مع الجماعة) وغيرها ..
الا إنّ العمل الجماعي لا يكون مثمرا ً أو محققاً لهدفٍ محدد، ما لم تكن الجماعة منظمة ويكون عملها مؤطراً بإطرٍ معينة لتحقيق الهدف المنشود ، لانّ كل جماعة إنّما اجتمعت على تحقيق هدف ما كما ذكرنا ، وقد يكون اجتماع الجماعة ذا مردود سلبي ومضر كما في قول الامام علي بن ابي طالب (ع) الغوغاء هم الذين إذا اجتمعوا ضروا، وإذا تفرقوا نفعوا (فقيل قد عرفنا مضرة إجتماعهم فما منفعة افتراقهم؟ فقال): يرجع أصحاب المهن إلى مهنتهم فينتفع الناس بهم، كرجوع البنّاء إلى بنائه، والنسّاج إلى منسجه، والخبّاز إلى مخبزه )، والغوغاء هم مجموعة من الناس غير منظمة إذا إجتمعت لا يمكن لها تحقيق ما اجتمعت من أجله .
وفي وقتنا الحاضر أحدى مصاديق العمل الجماعي هي الاحزاب والجماعات السياسية على وجه العموم ، وإنّ اكثر هذه الاحزاب لم تستطع أن تحقق اهدافها بسبب مايمكن أن نسميه (الغوغائية التنظيمية) داخل هذه الاحزاب والتي القت بظلالها على أدائها العام ، الا إنّ الذي يهمنا الكلام على الغوغائية التنظيمية داخل الاحزاب الاسلامية ، والتي يمكن أن نوجزالأسباب التي أدت الى ذلك فغياب القيادة الواعية و الفهم الواضح لأسس التنظيم وقلة الخبرة لدى قيادات وقواعد هذه الجماعات وغياب المنهج والمبادئ و ضعف التخطيط وفقدان مبدأ الموازنة مابين حقوق الفرد والجماعة و فقدان الثقة و ضعف حلقة التواصل، كل هذه الامور مجتمعة او منفردة ، أدت الى وصول الاحزاب الاسلامية الى حالة من التراجع على مستويات عدة .
و لعل الاحزاب والجماعات الاسلامية اذا ارادت الخروج من الغوغائية التنظيمية ، والنهوض بواقعها وصولاً الى الهدف الذي اسُست من اجله هذه الجماعة أو ذاك الحزب عليها أن تتخذ المرجعية الدينية الواعية الرشيدة مرجعاً أساسياً على الصعيد الداخلي و الخارجي ، وأن يكون لدى الجماعة السياسية وضوح فى الوسائل والأهداف وأسلوب العمل وأن تعنى بتربية أفرادها إيمانياً وخلقياً وثقافيًا وسياسياً .وتعمل على احياء فكرة العمل الرسالي في نفوس أبنائها وأن تضع خطة رشيدة للعمل وتخطيط مناسب للتنفيذ تنسجم مع طبيعة المرحلة وتتفق مع الواقع السياسي والاجتماعي للبلد وكذلك العمل على ان تكون النظريات المطروحة داخل أروقة الجماعة السياسية ، ممكن تطبيقها على ارض الواقع ، وليست نظريات ترفية ، وكذلك ابتليت بعض الاحزاب والجماعات السياسية بعدم وجود الاسوة الحسنة في داخلها ، لما لها الأثر الواضح في نفوس أعضاءها. وللتنظيم والنظام الداخلي للجماعة السياسية شئ أساسي ومهم للوصول الى الهدف بأسرع وقت ، حتى توجد القيادة المسؤولة والقاعدة الواعية والنظام الاساسى الذى ينظم العلاقات بين القيادة والقاعدة ويحدد المسؤوليات والواجبات لكل فرد ويبين الوسائل والاهداف وجميع ما تحتاج اليه الحركة فى تسيير أعمالها وإدارة أجهزتها وتماسك بنائها ووحداتها .