18 ديسمبر، 2024 6:41 م

الغزو الثقافي للطاغوت الربوي الأسباب والحلول

الغزو الثقافي للطاغوت الربوي الأسباب والحلول

هل هناك خطر تواجهه المجتمعات العربية في الوقت الحاضر فيما يسمى “الغزو الثقافي الطاغوتي الربوي” بأسلحته المتنوعة من كتب وإذاعات وصحف ومجلات وافلام ومسلسلات ووثائقيات وتلفزيونات وتطبيقات ترفيه ووسائل تواصل اجتماعي وغير ذلك من الأسلحة الأخرى، علينا ان ننطلق من التساؤل ذاته لنبدأ الشرح، فليست المسألة هي عقدة من الاخر المختلف عنا !؟ وليس الامر هو الهوس في البحث عن مؤامرة؟! ولسنا في خط الوسوسة ورمى فشلنا الحضاري العربي الرسمي والشعبي على شماعة من هم خارج نطاق جغرافيتنا.

يقول ألكسندر دوغين: “الكل قد شاهد في حربنا المعلوماتية كم ان عمليات ومزاجيات المجتمع يمكن ان يُتلاعب بها وتتم السيطرة عليها.

ان أكثر شيء جدية هو الصراع الحاصل على مستوى النماذج والمعرفة لقد قال ميشيل فوكو: ان الذي يسيطر على المعرفة، يمتلك القوة الحقيقية، وان القوة الحقيقية هي القوة التي تسيطر على عقول وارواح الناس.”

وتعرف الأستاذة “شيماء سعد” المسألة فتقول: “الغزو الثقافي لا يقل خطورة عن الغزو العسكري، بل يمكن أن يكون أشد خطورة منه؛ حيث يمكن التخلص من الغزو العسكري بالحروب والمعارك وطرد العدو من الأراضي المحتلة، بينما الغزو الثقافي يسيطر على عقول الإنسان فيجعله يكتسب ثقافات جديدة كالثقافة الغربية والتي تبتعد كل البعد عن ثقافة الدين الإسلامي وأوامر الإسلام التي وصانا الله عز وجل ورسوله بها.

مفهوم الغزو الثقافي هو الهجوم على أسس وثقافات أمم من أجل طمسها والسيطرة عليها ونشر المعتقدات والثقافات الأخرى. وغالبًا يتم ممارسة هذا النوع من الغزوات على الدول النامية”

“تتعدد أهداف الغزو الثقافي وأساليبه التي لا نهاية لها، فهو لا يترك مجالًا إلا وضع فيه بصمته، سواء كان مجال التعليم أو الأدب أو وسائل الإعلام والصحافة وغيرها. ومن أهم أهداف الغزو الثقافي هو نشر أفكار مزيفة وغير حقيقية، بالإضافة إلى تحريف الحقائق وإظهارها بمقصد آخر مناسب لخططهم والأهداف التي يرغبون في الوصول لها، أيضًا من أهم أهداف الغزو الثقافي هو ملء العقول الشبابية بأفكار عن الثقافة الغربية والتي تحول بين ثقافتهم ومعتقداتهم الدينية.”

ان السؤال و الشرح و الحلول التي نريد طرحها هي كلها أمور توصيفية تحدث من حولنا و شاهدنا كلنا ذلك كمراقبين للوضع و أيضا ضمن من يستهلكون ما يتم تقديمه لنا بواسطة الاعلام المرئي و المسموع و من خلال طرق الترفيه الموجهة للأنسان العربي و الأخطر طبعا هو ما يتم توجيه وتلقينه للطفل العربي الذي يعيش التشكيل والتأسيس والخلق الثقافي الابتدائي مرورا الى مرحلة مراهقته العمرية حيث التمرد و أيضا انطلاق تساؤلاته المعرفية الكبرى و المتوسطة و الصغرى لأي شاب و شابة عربية , لأن من خلال التشكيل الطفولي التأسيسي و صناعة قاعدة للثقافة تنطلق التساؤلات و أيضا الاهتمامات التي قد تكون ذات نباهة و وعي او ذات استحمار وتفاهة.

اذن ما نريد ان نقوله: ان قاعدة الثقافة التأسيسية هي من الأمور المهمة والتي منها سينطلق الشباب العربي في مسيرته , فالقاعدة الثقافية هي من سيحدد ويقرر أي من الخطوط التي سيتحرك فيها في حياته العملية الشخصية والوظيفية والسياسة و أيضا نوعية اهتماماته و درجة وعيه و أيضا مقدار رؤيته للعالم و كذلك مستوى أهدافه التغييرية لذاته و لمجتمعه الوطني وبعده القومي الاشمل , و أيضا مدى ارتباطه المعرفي مع دينه و انتمائه القومي العربي , فالقاعدة الثقافية عندما تكون ذات قيمة معرفية “اصيلة” فأنها ستكون ذات منحى و خط إيجابي في حياة الانسان العربي و بالتالي سيكون المجتمع و الدولة ضمن توجهات إيجابية و ذات وضع صحي , و العكس هو صحيح حيث القاعدة المعرفية الثقافية عندما تكون منحرفة او ضمن أساس بعيد عن الدين و الانتماء القومي العربي فهنا ستكون المشكلة لأن الشباب العربي سيصبح بلا “شخصية” و بدون “هوية” و يعيش ضمن “فراغ” و “ميوعة فكرية يتم ادخال نموذج غريب له قد يكون شخصية استهلاكية فارغة تخدم النزعة الاستهلاكية الغربية او ما يحدث حاليا في الترويج للأفراد بدون هوية او شخصية او قومية او دين حيث الميوعة الفكرية عنه و عن واقعه.

اذن الحلف الطاغوتي الربوي العالمي كان يتحرك في خط صناعة قاعدة للفكر منحرفة عن الهوية الدينية للعرب و ضد مصالحهم القومية هي تتنج “ثقافة استهلاكية” ستصنع شخصيات تافهة سطحية التفكير مرتبطة في صفحات ورسومات فتى و فتاة الغلاف و ما يقدم من أوهام سينمائية للصورة و معها تتشكل الاهتمامات و خط الحركة الفردية و المجتمعية و مدى تأثيرها على النظام السياسي الحاكم و أيضا المنظومة المجتمعية , فالمجتمعات الاستهلاكية الكمالية الغير منتجة و الغير خالقة لأبداعها المنطلق من ثقافتها الخاصة “الدينية و القومية بما يراعي استقلالها الذاتي , هي مجتمعات و أنظمة و طبقات تابعة خادمة للحالة الطاغوتية للحلف الربوي العالمي , و الذي انطلق للترويج لصناعة شخصية الاستهلاك الإعلامية الفارغة لكي يعزز استفادته المادية المالية الاقتصادية من الاستهلاك السلعي الفارغ و أيضا لتثبيت أنظمة الحكم الرسمية التابعة له مع تعزيز بقاء الجماعات التجارية الخادمة له و لمصالحه و التي تطبق أهدافه.

هذه المسألة تحركت ضمن نطاق زمني طويل لا زال مستمر الى يومنا هذا وتعزز مع انهيار الاتحاد السوفيتي و دفع الحلف الربوي الطاغوتي العالمي للترويج للعولمة وفتح الأسواق وتدمير دولة الرعاية للمواطن في الصحة والسكن والامن الغذائي والاستقرار الوظيفي بكل مكان في العالم و تعزيز “وهم ” ان الخصخصة هي من ستنتج “الصورة الوردية للمجتمع الطاغوتي الربوي المشاهد على شاشات السينما و المسلسلات الترفيهية الغربية” وهي الخديعة التي سقطت فيها شعوب المنظومة الاشتراكية الشيوعية و اكتشفوا ان فقاعة الوهم الربوية انفجرت في وجههم واقعيا مع دمار مجتمعاتهم , و ما كان مضمونا لهم من امن غذائي و رعاية صحية و سكنية و استقرار وظيفي و أيضا دول حقيقية تحمي استقلالهم السياسي و تحمي منظومة دينهم الوراثية وهذا كله حدث و جرى لكي يخدم منافع الشركات العابرة للحدود ومنظومات السيطرة والتحكم لهذا الحلف الطاغوتي الربوي العالمي.

واقترح الدكتور “إسماعيل صبري عبد الله” (وهو رائد من رواد الاقتصاد في مصر) مفهومًا جديدًا للعولمة، حيث شرح العولمة على أنها كوكبة، بمعنى أن العولمة هي نقل شيء من النطاق الوطني للدولة إلى النطاق القومي العالمي، ونظرًا لأن الولايات المتحدة هي المسيطرة عالميًا الآن فتعتبر العولمة “أمركة العالم” كما يطلق عليها.

وبالتأكيد تؤثر العولمة بالسلب على الدول الضعيفة التي تفتقر إلى الاقتصاد والمال، وهي دول العالم الثالث لأنها تعتبر المستهلك للمنتجات الأقل قيمة سواء كانت هذه المنتجات في مجال العلوم أو الاتصالات أو غيرها. وهذا يعني أن الخاسر وغير المستفيد من تطبيق العولمة هو الأضعف إنتاجيًا كما أنه يصبح مستهلكًا مستلب القرار والإدارة.”

“أما د. علي دياب رئيس تحرير مجلة التراث العربي يرى أن الغزو الثقافي أو الفكري أو الأيديولوجي هو انتهاك القيم التي تشكل خصوصية فكرية لأمة ما، وينسحب ذلك على مفهوم العولمة والتغريب وما إلى ذلك من مصطلحات، وهذه هي معاناتنا في سيطرة الثقافة الأجنبية على ثقافتنا العربية.

ويحاول الغرب إقناع أمتنا العربية بضرورة انسلاخها تماما عن كل ما يربطها بماضيها، وإعادة تشكيل المجتمع على النموذج الغربي من حيث العادات والتقاليد والسلوك الاجتماعي، وللأسف نعيش في عصرنا غزوا ثقافيا أصبح ذا دفع ذاتي يتم دون مجهود من الجهات الغازية، وهنا مكمن الخطر.

ويرى د. دياب أشكالا للغزو الثقافي «برنامج تلفزيوني، نظرية فيلسوف أو أديب مستغرب.» وعملية الغزو الثقافي تستهدف الجذور لا القشور، وتحاول القضاء على الجوهر لا الشكل، وتساعدها في ذلك ثورة الاتصالات وقبلها المواصلات، وبذلك تم القضاء على عامل الزمن، وهذا الغزو هو أخطر من الغزو العسكري، ويضاف إلى ذلك فإن نجاح الغزو الثقافي يستطيع تحقيق أهداف بسبب التخلف والجهل وعدم الوعي.

وعند توفر عامل الوعي والتمييز بين ما هو مفيد وما هو ضار تتحول العولمة إلى شيء مفيد، وخصوصا عندما نستفيد من تطورهم العلمي، وهنا يترتب علينا القيام بحملات وطنية لمواجهة أشكال الغزو المختلفة والتركيز على صياغة نظام تعليمي قوي يواجه هذه التحديات، ولا ننسى دور الإعلام بعد التعليم في مواجهة الغزو الثقافي، وعدم تغليب نظرية المؤامرة في عملية الغزو الثقافي، فعندما نكون محصنين لا نتأثر، وعندما تتوافر القوة تكون السيادة لصاحبها في السياسة والفكر والاقتصاد، كما يتوافر الانتصار في المعركة للأقوى عسكريا. ”

يذكر الأستاذ احمد دهشان التالي: “فيما يخص العولمة تغير مفهومها بعد نهاية الحرب الباردة وبعدما كان شعارها ومستهدفها التكامل الاقتصادي تحولت لوسيلة استغلال من الدول الغنية للدول الفقيرة ونهب موردها الطبيعية واستغلال طاقتها البشرية في أعمال شاقة وبعائد مادي محدود للغاية وتحولت من عولمة تهدف لخلق تنوع يثري العالم في معرفة عادات وتقاليد وثقافات الأخرين وانتقاء أفضل ما فيها لخدمة البشرية لنموذج أمريكي واحد ووحيد يود الهيمنة على الأخرين ومسخ هوياتهم وقيمهم وحصر منظومة القيم والفكر في أمريكا كمصدر رئيسي لها.”

وتطورات هذا الامر تواصلت مع إضافة اهداف أخرى واجندات جديدة مع الترويج الحالي لبرمجة اللوطية والشذوذ الجنسي والغاء دور الاب وتدمير العائلة والدين و القومية , ضمن رغبة الحلف الطاغوتي الربوي العالمي و الحركة الصهيونية العنصرية في صناعة تجمعات من غير هوية او دين او قومية وخلق ما نعتبره “ميوعة فكرية” كما ذكرنا سابقا، وهذا نراه واضحا في الضخ الإعلامي التوجيهي المبرمج في الأفلام والمسلسلات وتطبيقات الترفيه والتسلية وأيضا الفرض القانوني على المواقع الدينية الكنسية المسيحية للقبول في اللوطية والانحرافات الجنسية.

وهذا ما نعتقد انه سيتم لاحقا الفرض على مواقع صناعة الفتوى الدينية الاسلامية في الازهر الشريف والنجف الاشرف وأي موقع اخر للمسلمين له احترام في صناعة الفتوى وانتاج الثقافة الدينية، نحن نقول ان برمجة اللوطية والشذوذ الجنسي سيتم فرضها على هذه المواقع في المرحلة القادمة وسيتم تحريك “فقهاء حلف الناتو” إذا صح التعبير ضمن هذا السياق الشيطاني.

وأيضا مع الفرض الديني في الجانب المسيحي والاسلامي سيتم الاجبار على القبول والموافقة القانونية لأعطاء حماية قضائية للوطيين والشواذ جنسيا والمنحرفين اخلاقيا، ضمن ترويج دعائي خبيث يربط الحابل بالنابل ويدس السم مع العسل تحت شعارات “فخامة فارغة” مثل الديمقراطية والتنوير والحرية والتقدم، من اجل تمرير تلك القاذورات الشيطانية.

من هذا كله نريد ان نستنتج: ان الغزو الثقافي للطاغوت الربوي ليس امر قديم بل هو امر متجدد ومتطور مع موجات ومحاولات السيطرة، اذن هي اشياء متواصلة ضدنا، ولكنها تعززت وتقوت مع فقدان العرب لمشروعهم القومي ودخولهم في مسألة جلد الذات والهزيمة النفسية والثقافية والاستسلام المعرفي بعد الهزيمة العسكرية لمعركة 1967 وهو أخطر من خسارتهم القتالية وكأنها المعركة الأخيرة !؟ ومن يقدم هكذا اطروحات انهزامية يتناسى ويتجاهل أن الإمبراطورية الفرنسية تم غزوها بالكامل بواسطة المانيا النازية وأن الإمبراطورية البريطانية تمسخرت وهرب جيشها من دانكرك في قوارب الصيد فرار من جيوش هتلر، وان الولايات المتحدة الامريكية تم ضربها في عنف وقسوة اذلالية وتم تدمير اسطولها البحري الأطلسي في يوم واحد بواسطة اليابان.

ان خسارة معركة لا تعنى فقدان الحرب و إعادة الحركة في خط صناعة النصر هو المهم مع إعادة قراءة التجربة و تقييمها و ليس اسقاطها و اعلان الهزيمة و الاستسلام و هي المسألة التي لم تصنع لنا شيئا الا خروجنا من التاريخ و تحولنا الى هامش لا يحترمه احد في العالم ننتظر ما سيتفق عليه الروس و الصينيين و الحلف الطاغوتي الربوي العالمي لما بعد نهاية الحرب الروسية الأوكرانية كأحد مواقع إعادة صناعة العالم الجديد المتعدد الأقطاب و الذي نحن العرب فيه سنكون الملعب و الملعوب فينا لأننا بدون مشروع و لا استقلال حقيقي ونعيش في فشل متواصل منذ وفاة جمال عبدالناصر و غرق المثقفين العرب في جلد الذات كما ذكرنا او في مشاريع قراءة التراث الاستحمارية كما سنفصل لاحقا.

ان الهزيمة العربية الشاملة لا تعنى ان الحلف الطاغوتي الربوي العالمي “لا” يخاف من العودة العربية للحركة على مسار جديد للنهضة العربية، فهناك داخل كل مواطن عربي، يوجد جمال عبد الناصر ولا اقصده ك “شخص” بل ك “رغبة داخلية” في العودة لصناعة الحضارة وخلق الابداع الفردي والمجتمعي والاستقلال الحقيقي، ان الانسان العربي يبحث عن مشروعه النهضوي العربي، وهذا ما يرعب الحلف الطاغوتي الربوي.

ان علينا ان نعرف ان الحلف الطاغوتي الربوي تم اذلاله على مدى ثمانية عشرة سنة لأن “انسان عربي واحد” عاش “هم المشروع النهضة العربي” واقصد هنا الزعيم جمال عبدالناصر وفترة حكمه الذي حاول فيها ضمن الطبقة العسكرية العربية التي كانت معه و امنت به ك “شخص” و ك “مشروع” مع كل سلبيات و إيجابيات تلك الفترة الزمنية و ما حدث و جرى فيها , لكننا نقول انه كانت هناك تجربة للنهضة عربية تزعمها عبدالناصر , غيرت في كامل مخططات “الاستعباد الخارجي” ولخبطت تامر الحلف الطاغوتي الربوي العالمي و الحركة الصهيونية , فما بالك ان جاء شخص اخر و مجموعة جديدة في موقع عربي مختلف ضمن مشروع يؤمنون به يتحرك تنفيذيا في انطلاقة متجددة لصناعة “لا” عربية في واقعنا التعيس الذي يغرق بدون انقاذ.

لذلك مسألة سد الثغرات الثقافية من كل الجهات في الاعلام والصحافة والرواية والقصة والشعر والكتاب هي الهم الشاغل للحلف الربوي الطاغوتي العالمي والحركة الصهيونية العالمية، لأن الثقافة هي صانعة الشخصية والثقافة هي الحاملة والرافعة لمشاريع وبرامج واهداف تصنع فرد ومجتمع ودولة يتحركون لتغيير واقع قديم لواقع مختلف، لذلك التحكم في الثقافة والمعرفة هو امر خطير لا يستهين به الطاغوتيين الربويين.

تلك المسألة وهذه القناعة جائت ضمن معطيات وادلة تراكمت عند كاتب هذه السطور في مصادر متعددة وقراءات للساحة مختلفة وأيضا عندما نشاهد فقهاء خلف الناتو يتكلمون بما يريده اسيادهم او عندما ينطلق المتصهينين العرب في إعادة الروايات الصهيونية ضد العرب والفلسطينيون، هذا كله وأكثر يطلق لدينا مسألة الوعي والادراك ان هناك ما هو غير طبيعي وان هناك من يتأمر ويتحرك ضدنا.

على سبيل المثال لا الحصر ضمن علاقاتي الواسعة ك طبيب وأيضا ك كاتب اهتم في الشأن السياسي والمعرفي، أبلغني أحد الرسميين العرب الضالعين في الموقع الثقافي ك “وزير” و “مسئول حزبي” وناشط قومي، عن معلومة مهمة جدا عن دعم الكيان الصهيوني لأحد مجلات الخاصة في الشعر العربي والتي تم اصدارها في لبنان والتي روجت لتدمير الثقافة العربية من حيث تدمير النمط الشعري العربي ورفض قواعد النحو والبلاغة والبيان ؟! من خلال إطلاق صفة الشعر الحديث على ما يتم الترويج له في هذه المجلة الممولة صهيونيا في الستينات، وكان بها شخصية لبنانية وأخرى سورية هاجرت لاحقا الى فرنسا، وهذا الأخير هو من بدأ سخافات إعادة قراءة التراث العربي، وهي جبال الورق التي انجر لها عدد من المخلصين وكذلك المأجورين وأيضا من هم تجاريين، والتساؤل كان بسيط ولكنه خبيث حيث يبحث عن أسباب هزيمة مشروع جمال عبد الناصر القومي في معركة 1967 من خلال قراءة التراث ونقده ؟! وكان الهدف الأساسي هو الهاء الشباب العربي عن واقعه العربي المعاصر والحالي واشغاله في معارك التاريخ وأيضا ضرب قدسية الرسول والرسالة والقران الكريم وإعادة تقديم تشكيكات الاستشراق الغربي والفرنسي تحديدا ضد الرسول والرسالة وطرح مسألة بشريتها ورفض قدسيتها والترويج لتاريخيتها واعتبار ان المدخل الحضاري لصناعة النهضة هو الغائها ك “قاعدة للفكر وصناعة الحياة” والقبول في بشريتها والسماح في الغاء القدسية الإلهية.

وهذه كلها أفكار شيطانية خبيثة اصبح هناك من قبل ان يعيد انتاجها في واقعنا العربي من اجل المال والشهرة والسماح بأن يشاركوا في المواقع الاحتفالية الدولية و الاقليمية في هذا البلد او تلك المناسبة العالمية او الحصول على الجوائز والتكريمات او حتى تمويل انتاج جبال الورق التي تعيد صناعة الهراء الاستشرافي في لسان عربي , وهناك من عاش السذاجة الفكرية ولم يكن متأمرا او مأجورا ولكنها كانت الرغبة في اللحاق في هكذا موجات انتجت طلاسميات كتابية غير مفهومة لم تغير واقع و ساهمت في احباط متزايد للشباب العربي و تعزيز مسألة غربتهم عن واقعهم و عن ذاتهم و أيضا ابتعادهم عن أي مشروع نهضوي موجود ولكنه “محاصر” وغائب عنهم.

ان الهدف هو ابعاد الشباب العربي عن أي مشروع حقيقي يلبي احتياجاتهم المعرفية والنفسية ويجاوب على اسئلتهم وأيضا يقدم لهم خارطة الطريق ك “افراد” ك “مجتمع” لكي يتحركون في خط انتاج الابداع وتحقيق التنمية الحقيقية والاستقلال السياسي بعيدا عن “استعباد” الحلف الربوي الطاغوتي ونفوذ الحركة الصهيونية.

واحد الأدلة الأخرى جائت عندما أبلغني أحد الناشطين في المجال القومي الناصري اثناء تواجدي في العاصمة البريطانية لندن عن دور نشر متخصصة في الرواية العربية عن تمويلها الصهيوني وهنا فهمت من اين جاء كل هذا المال الذي كان يمول دور نشر عربية في أوروبا حيث تطبع كتب فاخرة وتترجم روايات فيها طعن في الإسلام وتتهجم على الرسول وأيضا تشتم في علماء الإسلام العظماء اشباه ابن سينا وغيره وكذلك تروج للشذوذ واللوطية.

اذن ما اريد ان أقوله: ان الحلف الطاغوتي الربوي العالمي والحركة الصهيونية العنصرية لن تترك أي مجال او منفذ لأي بروز او انتشار او ترويج لأي “قاعدة فكرية عربية حقيقية ساعية للنهضة والاستقلال والوحدة القومية، ان الطاغوتيين الربويون لن يسمحوا بأن نعيش قوميتنا كخصوصية لغوية او ان نفهم ديننا الاسلامي ضمن عقل يفكر تحت مظلة حاكمية القران الكريم.

هم يصنعون حصار كامل ويصنعون البديل المنحرف من الرواية والشعر والقصة والفلسفة والثقافة التي تخدم ما يريدونه “هم” وما يصنع ما يخدم توجهاتهم.

هم يقدمون لنا اسلامهم “الأمريكي” وقراءاتهم المنحرفة الاستشراقية في كتب منشورة وأيضا يدعمون نسخ سخيفة للحالة القومية العربية كما روج لها غريب الاطوار القذافي، وهو استخدم الشعارات القومية في شكل ساخر أضاع القضية، ويقدمون نسخ إجرامية غير معرفية انتهازية وصولية شخصانية كالطاغية صدام حسين، وهؤلاء كانت القومية العربية بالنسبة لهم جسر وصول للسلطة او حالات دعائية بدون ايمان حقيقي.

ان هناك غياب لمثلث الشعار والفكر والحركة في هذه الحالات الانحرافية للأسلام الأمريكي او في القومية العربية المزيفة كما كان يمثلها القذافي او الطاغية صدام حسين.

ان مثلث “الشعار والفكر والحركة” وهي الثلاثية المطلوب تواجدها في أي ثقافة معرفية تغييرية، ومع فقدان أي ضلع منها فهذا معناه ان هناك ما هو خاطئ وان الأمور ليست مضبوطة؟

ما العمل اذن؟ ضمن كل هذه المعطيات؟ التي قلناها وهذه المعلومات التي ذكرناها؟

بداية الحل هو في انطلاق المثقفين العرب المخلصين و من يعيش قلق المسئولية و توتر الاهتمام في اعادة صناعة الحالة النهضوية العربية ان عليهم ان يتحركوا رساليا في استغلال أي موقع اعلامي او موقع دعائي او نافذه لأطلاق فكر عربي نهضوي يتحرك خارج سياقات الاستشراق وبالضد من الموجات الشيطانية الخبيثة التي ينشرها الحلف الطاغوتي الربوي العالمي والحركة الصهيونية العالمية , و كذلك ان يتحركوا ضمن مشاريع تطبيقية تنفيذية تخلق التغيير في الواقع و أيضا تنتج المؤسسات السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية و التي تعبر عن النظريات المعرفية التي يطلقونها في هذا الموقع او ضمن ذلك الكتاب او في تلك الندوات , لكي يكون “مثلث الحركة” مع اضلاعه الثلاث كاملا.

وعلى النظام الرسمي العربي ان يصحى ويتحرك في طريق الاستقلال السياسي والأمني والاقتصادي والثقافي ويستطيع بداية ان يشتغل على تعديل المناهج التعليمية بما فيه الترويج لصناعة الشخصية العربية القومية والدينية والتركيز على تعلم اللغة العربية وتطورها لدى الأطفال.

أيضا يمكن على مستوى الجامعة العربية إنشاء منظمة معنية في صناعة المعرفة وانتاج الثقافة العربية وكذلك تقوم بالترجمة لما هو نافع خارج مناطقنا العربية بشكل دقيق وتتوخى الحذر “الرقابي” حتى لا يتم تصدير أفكار خاطئة للوطن العربي.

علينا التأكيد على انشاء اعلام عربي رسمي يعني في الترفيه الهادف من أفلام ومسلسلات وصناعة قصصية روائية ذات مضمون ثقافي يكون بديل راقي مقاوم لموجات التأمر الطاغوتي الربوي والحركة الصهيونية، وبديل مناسب لجيل الشباب ولجيل الأطفال.

مخلص الامر ان هناك حالة من الغزو الثقافي يواجهها العالم العربي من الحلف الطاغوتي الربوي العالمي والحركة الصهيونية العنصرية لأسباب تتعلق في السيطرة و التحكم المصلحي الذي يريد تحقيقه هذا الحلف و تلك الحركة و ضمن هذا الغزو علينا ك “عرب” العمل لمقاومة هكذا “غزو” من خلال طرح مشاريع ثقافية بديلة تعتمد على القومية العربية و الدين ك “عمود فقري” يتم البناء عليها مشروعنا النهضوي العربي في السياسة و الاقتصاد و التربية و الامن و أيضا ضمن المطالبة بأن يعيش النظام الرسمي العربي الرغبة في “الاستقلال” بعيدا عن النظام الربوي العالمي و الحركة الصهيونية و ذلك بأن يستخدم ادواته السلطوية في اصلاح التعليم و دعم اللغة العربية و انشاء منظمات الترجمة و المراجعة المعرفية الصانعة للثقافة الحضارية العربية و أيضا ك “عامل رقابي وقائي” ضمن موجات غسيل الدماغ الموجه من الحلف الطاغوتي الربوي العالمي والحركة الصهيونية , و أيضا نطالب النظام الرسمي العربي بأن يصنع نماذج ترفيهية موجهة تتبني النظرة العربية القومية و الدينية التي تسعى لتقديم بديل ترفيهي نموذجي تربوي ينشر ما نريده ك “شعب عربي” و أنظمة رسمية بأن لا يقتحم دولنا و مجتمعاتنا الأعداء و المتآمرين و من يريد لنا الشر و السقوط.

 

د.عادل رضا

طبيب استشاري باطنية وغدد صماء وسكري

كاتب كويتي في الشئوون العربية والاسلامية