مقدمة بسيطة :
ما اثارني لكتابة هذا الموضوع هو ما شاهدته من ردود ظالمة على مقالات البعض تتهم الشيعة بقيامها بذات الافعال والممارسات الوحشية التي قام بها السلف “الصالح ” للسنة في سبيل الحفاظ بالسلطة متناسين حقائق لايمكن التغاضي عنها طريقتهم في ذلك لي الاذرع وكأن الشيعة كتب عليهم الذلة ووجوب الطاعة الى الابد.
ولان وضعنا في العراق لم يعد يطاق ولابد من نهاية لهذه الماساة والمهزلة التي لاطائل من ورائها شاء من شاء وابى من ابى لهذا لابد من ايضاح الامور والمصارحة المخلصة بوضع النقاط على الحروف ليعرف كل ذي حق حقه فالجميع ابناء تسعة ولا فضل لاحدٍ على احد الا مايحسنه في سبيل المصلحة العامة وقول الكلمة الطيبة.
لماذا العنوان :
رغم اننا لانريد القول بنظرية المؤامرة غير ان المتتبع للاحداث منذ قيام المقبور بن لادن بهجومه الغبي على نيويورك متبجحا بجنونه بما يسمى غزوة نيويورك وامريكا والغرب تخطط للثأر بشكل يعيد لاتباع المذاهب الاسلامية رشدهم ولكن بعد تلقيهم مايستحقونه لوضعهم في حجمهم الصحيح.
لهذا فالماكينة السياسية الصهيونية لايمكن ان تمرر هذا الامر دون توظيفه لاضعاف عدوها التاريخي اللدود وهم المسلمين، فلامناص من خلق لوبي عالمي جديد يحقق هذا الهدف التاريخي العظيم وقد تم التعبير عن ذلك وقتها بالاعلان عن ستراتيجية عالمية جديدة بما يسمى ( one world order) ولايمكن لعاقل ان يتصور ان سياسة القطب الواحد هذه ستشق طريقها دون الربان اليهودي.
وقد اطّلعنا كيف ان الامريكان حفّزوا المقبور صدام على غزو الكويت وشجعوه وكيف ان بوش الاب صرخ وقتها بان الله قد بعثها يعني بذلك فرصة شن الحرب على العراق بحجة غزوه الكويت.
وقد ذكرنا الاسلام في العنوان بمشهوره العرفي الشائع ولا نعني به جميع المذاهب فقد نوهنا الى عدم تواجد الاسلام الحقيقي في سلسلة (نحن والاسلام) انما هنالك مذاهب كل منها يدعي هو الاسلام الحقيقي وهي متصارعة فيما بينها ومتناقضة في شعائرها حتى في بيت الله تعالى ولايسمح احدها بتحول احد اتباعه للمذهب الاخر وكأن كل منها لايعترف باحقية الطرف الاخر وما نشاهده من مجاملات وكلام عن الوحدة الاسلامية ما هو الا نفاق ليس الا. لهذا فما تعنيه هذه المقالة هو الاسلام المتمثل بالمذهب السني دون شك لما سنبينه من خلال الحديث.
مع الحدث :
ليس من طبع الانسان الاصيل الشماته، كما ان من يصبو لخلق جو صحي وسليم ليكتنف ابناء البلد الواحد بصورة ديمقراطية متطورة لايعاني من امراض حب الانتقام والتشفي لانها ببساطة لاتتماشى وتطلعاته ولاتنسجم وطبعه.
اننا في هذا البلد العريق علينا ان نتحمل الكثير ونتوقع الاعظم على مايبدو مازال ينعم بنعمة او قل (نقمة) النفط والتاريخ الغني والتلون العريض والصراع المذهبي المشؤوم.
وعلى ترابه ستنجلي غبرة الكثير من الطلاسم التي لايقوى على حل كنها الا الله تعالى والراسخون في العلم.
فما وراء مايحدث في العراق اليوم ليس بالامر الهين فلم تصل الامور بهؤلاء المرتزقه المتخلفين الدواعش الى ما وصلت اليه الا بعد وصولهم الى ارض العراق وما مضى من تواجدهم في سوريا الا سراب ازاء ذلك.
ومن نافلة القول عدم الركون الى انهم بامكاناتهم الذاتية سيستطيعون القيام بما قاموا به دون مساندة قوى كبرى.
وقد نوهنا الى اكثر من مقال ومنها ( ماذا وراءك ياهولاند وماذا يحاك لنا ) الى استغرابنا ومخاوفنا من تباطؤ وتردد قوى التحالف في صب جام غضبها على الدواعش وما رافق العملية من تصريحات هزيلة وضبابية لمسؤوليهم اقل مايقال عنها تصب في كسب الزمن وتغذي عامل التسويف وذر الرماد في العيون.
ورغم مرور الكثير من الاحداث عبر التاريخ الحديث اظهر الغرب مدى استغلاله الخبيث لها لتشويه صورة الاسلام ومن ابرزها قضية سلمان رشدي وكيف التزمه وشد ازره، غير ان الامر مختلف جداً بعد احداث نيويورك.
وقد احسن الغرب ومن ورائهم الصهيونية لكيفية توظيف هذا الامر واجاد استغلال الرعاع الخونة ممن يحسبون على العالم الاسلامي فوجد في هؤلاء معيناً خصباً لزرع بذور الخراب من خلاله وفعلاً مضى الامر كسريان النار في الهشيم. وتم توظيف الطاقات الخسيسة من الخونة التي لاتصبوا الا لاستعادة الحكم في العراق باي ثمن كالمعتوه حارث الضاري ومحمد الدايني وطارق الهاشمي … والقائمة تطول من الخونة الذين سيدركون عاجلاً ام عاجلاً انهم اصبحوا وقود نار اشعلوها بهم من الخارج ولم يدركوا ذلك.
الم يعقدوا المؤتمرات في عمان لصالح مايسمى قوى السنة، وهل ننسى كيف ارسلوا المقبور ابي مصعب الزرقاوي وكيف اقيمت المآتكم عليه حين تم هلاكه وهم يشاهدون كيف ان النار اخذت تصل اليهم بشكل علني وبكل صلافة لاتدلل الا على القصد الواضح لتسقيط الفكر الاسلامي والتشهير بالسمعة الاسلامية واظهار الاسلام كدين همجي لاينسجم ومفاهيم العصر والتطور الذي يشهده العالم.
ولازال هؤلاء الاغبياء من ازلام البعث الصدامي ومن يسير ورائهم غير مكترثين بكل هذا تاخذهم في ذلك العزة بالاثم للوصول لتحقيق غايتهم في رجوعهم للسلطة.
ولكن ما يؤلم هو عدم تصدي العقلاء من معممي السنة لهذا المنحى الفتاك وهم يطلعون على فتاوى مخزية لاتتخذ منهجاً الا “الغاية تبرر الوسيلة” مما حدانا لاطلاق مقالة ( استحمار الفقه السني ) منبهين الى هذا المنزلق ومطالبين الابتعاد عنه ولكن الكثير من السنة اخذ الامر على عكس ما نادى به المقال معتبرين ذلك اساءة بدل اعتباره تنبيهاً لهم.
ولان الاحداث تتسارع بشكل عجيب فقد وصلنا الى حالة الطيار الكساسبة بسرعة طائرته علهم يعوا الحقيقة ولو بعد خراب البصرة.
صحيح ان هنالك ما يدلل في الاسلام على الغلظة على اعداء الله ورسوله الذين يفسدوا في الارض بقوله تعالى في سورة المائدة ( ان يقتلوا او يصلبوا او تقطع ايديهم وارجلهم من خلاف او ينفوا في الارض )، ولكن هذه العقوبات بالاضافة الى اختلاف الاراء بشان تفسيرها لايمكن الشروع بها الا بشرطها وشروطها وعلى يد اولي امر عدول، كما ان هذا الامر مقرون بوحدة الفكر الاسلامي المتكاملة التي تحكمها افعال الرسول (ص) وهو القائل ( جئتكم بالشريعة السهلة السمحاء ).
اما ما يشاع عن الامام علي (ع ) من انه احرق البعض فهذا مرفوض من قبل الشيعة وهم لايعترفون بشيء اسمه عبد الله ابن سباً ويعتبرونه اسطورة يهودية وضعت لتشويه الفكر الشيعي لان اليهود وجدوا الصلابة والمنعة في هذا الفكر فارادوا الدخول اليه من خلال ابن سباً.
فكيف برجل هذه افعاله مع المحاربين وفي نفس الوقت ينهى عن التعرض لمن طعنه على راسه غدراً وهو ابن ملجم ويقول لهم احسنوا الى ضيفكم اشارة الى منهج الاسلام السليم بالاعتناء بالاسرى وقال ان انا شفيت سارى رائيي به وان مت فضربة بضربة.
ثم هل نسينا موقف مسلم بن عقيل مع الزنيم عبيد الله بن زياد رغم انه على يقين تام ان ابن زياد سوف لايتركه حياً ان ظفر به ولكنهم جبلوا على سليقة اسلامية سليمة وهي ان لايبدأوا احداً بقتال.
ولابد من ذكر الموقف الايراني هنا من الاخوة الفلسطينيين ورفدهم بكل مايستطيعون رغم المواقف الفلسطينية الغير مشجعة ازاء الشيعة وهذا ليس باصطفاف مع ايران كما سيصوره المتصيدون بالمياه العكره من الفاشلين الذين لايحسنون الا العرقلة والخراب.
واخيراً موقف السيد السيستاني من حادثة الشهيد الطيار الاردني الذي لايدلل قطعاً على قبول الفكر الشيعي بهذه الاساليب البعيدة عن الذوق الانساني فكيف يقع الامام علي ضحيتها؟.
والشواهد التاريخية على ذلك كثيرة، وكذلك الشواهد على بني امية وما فعلوه مما يندى له الجبين باسم الاسلام وما فعلوه مثقال ما فعله بنو العباس من بعدهم وها هو السلف الصالح امثال ابن تيمية والضاري والقرضاوي لايفقهون بفتاواهم التكفيرية والاجرامية في القضاء على من يقف بطريق تحقيق احلامهم وخصوصاً الشيعة الا ما يخزي الاسلام ومن اتبعهم وما فعله العفالقة لايقل شأناً، فهل ينسى العراقيون كيف وضعت اصابع اليناميت في جيوب الشهداء وكيف قطعت الالسن على شاشات التلفزة وثم قطعت الرؤوس وهم يتشدقون باغانيهم بقطعها في سبيل الوصول الى الغلبة والتسلط لاغير وليذهب الاسلام والفكر الاسلامي ومفاهيم التعاون والمحبة والتآخي والسلام والبناء والتقدم الى جهنم ويئس المصير.
هذا هو ما قام باستغلاله الغرب ووظفه احسن توظيف وجسد فتاوى اهل السنة اوضح تجسيد عبر الفضائيات ليشكل اكبر فضيحة للفكر المذهبي السني تحت عنوان الدين الاسلامي.
ولهذا يمكن تفهم خروج المندوبه الاوربية وهي تعترض على عقوبة الاعدام للمجرمة الارهابية ساجدة الريشاوي والكربولي فهم ربما يريدوننا بهذا ان نشكك حتى بانفسنا لذا وجب متابعة امرهم العجيب بدقة وتان.
ولان امريكا ومن ورائها اسرائيل تعي جيداً مايريده ابناء السنة فلازالت تلعب على هذا الوتر وتدعوهم الى الوقوف بوجه الشيعة وطلب المزيد من المكاسب وهم مخدرون بهذه الاطماع ولاندري الى اين ستصل الامور ان لم يعوا ما هم عليه ويدركوا ان لاخير لهم الا بتعاونهم المخلص مع ابناء بلدهم مهما كانوا بغض النظر عن ديانتهم ومذهبهم فليس هنالك من احد في عصرنا الحالي لايعي ماهي حقوقه ولايوجد من يتنازل عنها مهما كلفه الامر ولكن لابد من منصف عادل يصغي للغة العقل والعدل ليدعو الى التعاون مع النوايا المخلصة في سبيل بناء البلد ولا اعتقد ان نوايا الدكتور العبادي تجانب ذلك بل لا اتردد بالتحدي بكل صراحة ان يظهروا شخصاً آخر سواء من الطرف السني او الشيعي اكثر منه حرصاً على العراق وابناءه اما الاكراد فلهم حديث آخر.
والله تعالى من وراء القصد.