22 ديسمبر، 2024 9:25 ص

الغرب يستميت في الدفاع عن المثلية

الغرب يستميت في الدفاع عن المثلية

بينما كنت امارس المشي، طريقة للتأمل وليس رياضة، لفتت انتباهي راية ترتفع خفاقة بالوانها الستة من احدى الشرف في مركز مدينة بروكسل، انها راية المثلية، فهؤلاء أصبحت لهم راية، وقريبا سيكون لهم نشيد، وممثل في الأمم المتحدة، ومن يدري ربما يكون لهم ممثل دائم في مجلس الأمن، بل سيكون، لأن لوبياتهم ضاغطة في اخطر الإدارات نفوذا وقوة، ابتداء من الإدارة الامريكية، فلا يجرؤ احد على المس بهم.

عندما رأيت راية المثلية تخفق، ترحمت في نفسي على أيام صاحبات الرايات، التي سردها بعض المؤرخين حكايات سيقت على أنها من مثالب العرب، وانا اخالفهم واعدها من محاسنهم، لأن العربي الذي كان يقتل ابنته خوفا من أن تقع أسيرة ثم تصبح جارية تباع للاستمتاع، وهي طبعا ممارسة مرذولة، بشهادة النص القراني الكريم، إلّا أنها تشير إلى أنه لا يقبل ان ترتفع من على شرفته راية بغاء، والمرجح ان اللاتي عرفن بصاحبات الرايات، انما هن نساء خرجن على تقاليد المجتمع، ومارسن البغاء مهنة للاسترزاق، وليس رغبة في الاستمتاع، ويبدو انهن احتمين برؤس كبيرة من اثرياء ومرابين، وهؤلاء موجودون في كل زمان ومكان، فاراد المجتمع حماية نفسه منهن، فالزمهن برفع رايات على بيوتهن لعزلهن، وقد اجبر بعضهن على النزول بعيدا عن سكن القبيلة، لتجنب التقرب منهن، تماما مثل ما كانوا يفعلون مع المصابين بالامراض المعدية.  

   من دون شك ان صاحبات الرايات أيام الجاهلية لم يكن مصدر احترام المجتمع الذي تسوده حقيقة المثل {تجوع الحرة ولا تأكل بثديها} والقصد لا تسترزق بجسدها، والرضاع احد مصاديق هذا الاسترزاق، فان قيل كيف والنبي ص ارضعته حليمة، نقول ان حليمة رضي الله عنها، ارضعته ليس طلبا للمال وانما طلبا للشرف، وقد اختيرت لهذه المهمة من بين نساء شريفات، وتقدير رسول الله ص لها يوم التقته، دليل على سموها ورفعتها وشرفها، فقد فرش ص لها رداءه واجلسها عليه، فاي كريمة تلك التي تجلس على رداء محمد ص.

   إن صاحبات الرايات أيام عرب الجاهلية لسن اقل شرفا من مثلي يرفع راية تخفق من على شرفته في مركز بروكسل، المدينة التي تعج بالسائح واللائح، يعلن من خلالها انه عضو في هذه الجماعة.

قلبت الامر تاملت في كل احتمالاته، ضربته اخماسا باسداس، ظنا مني أن قضية يجمع عليها عالم متحضر، يدعي أنه بؤرة حضارة الكون، وهو للانصاف لا يخلو من شيء من هذا، اخر ما اوصلني اليه عقلي، فرضية انها نزعة مغروسة في زاوية من زوايا النفس، وقد أشار القران الكريم الى ذلك في سورة الشمس بقوله تعالى {وَنَفۡسࣲ وَمَا سَوَّىٰهَا*فَأَلۡهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقۡوَىٰهَا*قَدۡ أَفۡلَحَ مَن زَكَّىٰهَا* وَقَدۡ خَابَ مَن دَسَّىٰهَا}، ربما هي من ذلك الفجور الذي حث القران الكريم على تزكية النفس منه، فهي تظهر اذا توفرت لها الظروف، ولكن التاريخ يفهمنا أن معظم البشرية حرصت على ان لا توفر لها تلك الظروف، فبقيت مركونة في تلك الزاوية البعيدة، تظهر في حالات هنا وهناك تحاط بالتكتم والسرية، ولم تتحول الى ظاهرة الا نادرا مثل قوم لوط كما حدثنا القرآن الكريم، فاوصلتهم إلى غضب الله، او لنقل غضب الطبيعة، كما يقول اللادينيون، واني اتفق مع اسبينوزا بان الله هو الطبيعة التي يعني غضبها غضب الله سبحانه، لانني ارى غضب الله بانه نتيجة لممارسة تجانب ناموس الحياة الذي اوجده سبحانه، فتؤدي الى الاصطدام بسياقها وما يتبع ذلك من كوارث، 

اذا كان الغرب بؤرة الحضارة ومضمار الحريات والديمقراطية، عليه ان يترك للناس حرية الموقف، وليتعامل مع المثلية كما يتعامل مع السياسة، وبالخصوص المواقف السياسية لشعوب العالم الثالث، ولا أعلم ابقي ثالثا ام هبط الى ما دون ذلك، فالغرب يمنع التعاطي بتلك المواقف السياسية والترويج لها في المدارس والجامعات، ومن طريف ما احفظه في هذا المضمار، ان ابني هادي عام 2006 كان في الصف الأول الابتدائي، خرج مع امه في مظاهرة ضد عدوان إسرائيل على لبنان نطمتها الجالية العربية، اعطوه علم صغير للبنان، اخذه معه في اليوم التالي الى المدرسة، وهناك يبدو ان الوطنية ارتفعت عندة، فرفع العلم الصغير وردد شعار المظاهرة، وهو على ما أتذكر إسرائيل انكسري لبنان ليس لك، كان يردده بالفرنسي، وهو ليس سوى طفل يلهو، وقد شاركه بعض الأطفال، وجلهم من أصول عربية وافريقية، مرددين ذلك الشعار، عندما ذهبت امه لتاتي به الى البيت، تقول اقترب معلمه مني وسلم علي وقال: لا يصح ان ترفع شعارات سياسية في المدرسة، استغربت كثيرا، لانها لا تتعاطى بالسياسة، اخبرها المعلم بما فعله هادي، فقالت له انه طفل، ثم انتهى الامر.
لا يطالب الغرب بأكثر من ان يساوي بين السياسية التي يمنع التعاطي بها في المدارس والجامعات وبين المثلية، لماذا إذن تقدم بعض دول الغرب مساعدات تربوية لدول ترفض المثلية، تقدمها مشروطة بالسماح بالمثلية وإشاعة ثقافتها في المناهج الدراسية، بل ان تجريم معادة المثلية اخذ طريقه الى المنظومة القانونية والأخلاقية الغربية تماما مثل تجريم معاداة السامية، علما أن العرب بمن فيهم الفلسطينيون ساميون، ولكن المقصود بالسامية، المجرم معاداتها في قانون الغرب، الصهيونية.