للدنيا عجائب وللغرب غرائب في رسم الاستراتيجيات تجاه الأنظمة الخارقة لكل المعاني الدينية والسياسية والإنسانية للشعوب الآمنة المطمئنة . الغرب ومعه الغول الأمريكي باتوا حيره من أمرهم لم يعد لديهم المنطق الواقعي في كيفية التعامل مع الفاشية النووية. ان الرؤية الموضوعية لمنظمة الطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة حول الملف النووي الإيراني تختلف كثيرا عن حسابات السياسيين أصحاب النخبة بصناعة مركز القرار الأوربي والأمريكي ومعهم الدول المحبة للسلام في المجتمع الدولي الذين ما برحوا الاستماتة المشينة لمصالحهم التجارية او بتعبير أدق المنافع المادية قد تكون خاصة او عامة وبكل الأحوال تبقى بعيدة عن طموحات الإنسانية بالعيش الآمن البعيد عن الرعب النووي الذي يهدد صيرورتهم بأي لحظة وخصوصا أذا كان بيد التطرف الأعمى الذي يغشي بصيرة أصحابه ويجعلهم يعيشون التفكير بالمراحل الأولى للنمو البشري وتحديدا منذ كان الإنسان يتصارع مع شريعة الغاب قبل نشوء نظام العشيرة والقبيلة التي سبقت نشوء الدولة بمعناها المعروف بملايين السنين .
اذن كيف تتعامل الدول المتحضرة مع هكذا حظيرة تعود للعصور ما قبل التاريخ. هذا النظام الحاكم في طهران يمثل سردنا المذكور خير تمثيل بل اشد مرارة عما كان في تلك الأزمنة الغابرة فهو يوظف قيم الدين الحنيف من اجل ارتكاب الجرم بحق المواطن الإيراني الذي وصلت معدلات الإعدامات دون محاكمة عادلة الى أرقام مرعبة بل تعدت هذه الأفعال الجرمية الى دول الجوار كالعراق وأفغانستان وفلسطين وسوريا ولبنان واليمن والدول الأوربية ذاتها وأمريكا الجنوبية وشرق أسيا وإفريقيا السوداء بلون بشرتها والغنية بمثلها وقيمها الإنسانية ولن تغيب عن تلك الجرائم أوربا الشرقية فقد تدخل بشكل سافر في أحداث البوسنة والهرسك لا من اجل دعم المسلمين المضطهدين بل لتأجيج الطائفية المقيتة ضد الأقلية المسلمة بعد ان ادخل أكثر من إلفي عنصر من مخابرات اطلاعات وجيش القدس تحت ذريعة الدبلوماسية حيث وصل عدد أعضاء سفارة النظام في هذه الدولة المنكوبة لأكثر من إلفين وخمسمائة عنصر. ثم ذهب الى شمال إفريقيا لكي يساند ما يسمى بجبهة الإنقاذ الإسلامية عند مطلع التسعينيات القرن الماضي وحدث ما حدث من موت وقتل ودمار للجزائريين لا زال يعاني منها هذا البلد العربي الشقيق . ولم يقف عند هذا الحد لقد اتجه هذه المرة الى شرق أسيا وأعلن صراحة لدعمه لجبهة مور الفلبينية بذات الحجج الواهية ومدها بالسلاح والمال ولن تسلم دول أمريكا الجنوبية من شروره وتدخله اللاخلاقي بشؤونها . ان هذه الحقائق مدونة وموثقة لدى الهيئات الأممية ولا تقبل أية متعارضات او متناقضات .
أما بما يتعلق بالشأن الداخلي الإيراني عدا الأسلحة الذرية تلك التي تتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان الذي يتباكى عليه الغرب بدموع التماسيح ولم يحرك ساكنا مثلما هو الحال مع سكان دارفور بعد ان احدث ضجيجا إعلاميا قل نظيره لا للاعتبارات إنسانية بحتة بل ان بقايا الافكارالخاصة بالحروب الصليبية تبقى حاضرة للانتقام التاريخي بذهنية العقل الغربي. ان المسار الأخر في سلوكية النظام الحاكم لإيران يتلخص بالدعم المباشر الى الجماعات الإرهابية عبر الكون. يقول المثل العربي الدارج (هذا من أرباب السوابق لا تترجى منه خيرا). ما هي الأسباب التي تجعل الغرب بعد هذه الانتهاكات الخطيرة للنظام الإيراني ان يتخذ سياسة الاسترضاء كوسيلة للتعامل مع هكذا نظام فاشي.
أليست تلك الحسابات الضائعة في الزمن الصعب التي تعيشه شعوب الكون تكون قاتلة أم ماذا؟ من طالب بضم مملكة البحرين الشقيقة الى إمبراطوريته الفارسية؟ ومن غيره احتل الجزر الإماراتية منذ سبعينيات القرن الماضي أليس النهج ذاته من عهد الشاه حتى نظام الملالي؟ ان حسابات هكذا نظام لم ولن تكن خاطئة بل العكس انه نجح فيها وتمكن من مخادعة الدول المترهلة على الساحة الدولية كأوربا وأمريكا وجعلها مجرد أشباح في قوة التأثير والتغيير لمجريات الأحداث الإقليمية وادخلها ضمن القوة الكارتونية كاملة المواصفات ما لم تسرع باتخاذ الإجراءات الرادعة ليس على مستوى فرض المزيد من العقوبات الواردة في القرارات الصادرة عن مجلس الأمن الدولي بالأرقام 1737 و 1747 و1803 ولكن الحل الأمثل لمعالجة تداعيات هذا النظام على ضوء ما ذكر أعلاه الذهاب الى حيث موجبات المادة 42 من الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة لان الحسابات الغربية بالتأكيد خاطئة ؟؟؟