رَبُ العِزةِ والجَلالة أرسَلَ كَثيرٌ من الأنبياء لبني البَشر، وتوالت الديانات تباعاً وكل من الانبياء لديه رسالةٌ مُلَزَمٌ بتبليغها وآخرهم “محمد” ((صلوات ربي وسَلامُهُ عَليه فكان خاتم الأنبياء)) .
الرسول الأكرم في آخر حُجةٍ لهُ سُمِيّتْ حُجَة الوَداع، لأنها آخر مَوسمٍ يَحِجُ بِه، ومن بَعدِهِ كانت وَفاته، لكنه لم يَترُك الأُمة مِنْ بَعدِهِ مِن دُونِ قائدٍ، فكان كَما جاءَ فِي القُرآن الكَريم .
رَبُ العِزةِ والجلالة أنزل آيةٌ على رسولهِ الكريم، لَيكونَ الإسلامُ مِن بَعدِهِ في مأمن، ويبقى على نفس المنهج الذي أراده الخالقُ المختار، وآيةُ التبليغِ أتت لَيسَ كَكٌلِ الآياتِ السابقة، بل كَانت أمرٌ الهيٌّ واجبُ التطبيق، وإلا فَما بَلّغْتَ رِسالتَهُ! وغديرُ خُمٍ شاهدٌ على تِلكَ الآيةِ التي بَلَّغَها رَسُولهِ الكريم، بأن جَمَعَ الحَجيجَ بَعدَ إنهائهم مَوسِمَ الحجِ ذلك العام، ليبلغ آخر رسالةٍ لهُ، وهو بينهم فكان التبليغ واضحُ المعالمْ والصورة، إضافة الى الموارد التي ذكرها النبي في أكثر من موردٍ في حياته، بأن “عليّ” خليفتهِ مِن بَعدِهْ، وليس بنبي وعنده بايعَهُ القومْ بكلمةِ قريشٍ آنذاك ” بَخٍ بَخٍ لك يا بن ابي طالب، اصبحت وأمسيت ولي كل مؤمن ومؤمنة من بعد الرسول”، وهنا إنفَضَّ الحجيج ليبلغ من سبقه، ومن لم يأتي للحج ذلك العام، لكن قريش أبت أن تَجمَع الخلافةَ والنبّوة لبني هاشم، وهو أول مخالفة في عهد ما بعد النبي من قريش! وأتت تلك القصة التي إخترعها من كان في الصوب المخالف لمنهاج رب العالمين، وجرى ما جرى ولم يعلموا أن بيعة الغدير كانت عيداً لكل المسلمين على بقاع الأرض من شرقها الى غربها، كونها حوت تسليم زمام أمر المسلمين لمن كان كفؤاً لها .
وضع سروج الإبل وغيرها لتكون مُرتَفَعاً كالمنبر، ليشاهد كل من كان موجودا في غدر خم آنذاك، ورفع النبي لذراع أخيه ووصيه علي بن أبي طالب، حتى بان شعر إبطه بمعنى أنه رفعها الى أعلى ما بطاقة الرجل من رفع، واذا أردنا أن نُوصِفَها فنقول كالقامة المرتفعة من غير إعوجاج .
الوصية تبليغٌ من مالك الملك، ويُعتَبَر مِن الأوامر غير قابلة للنقاش، لأنها نُصوص، وكما هو معروف لا إجتهاد أمام النص، وليس كما يفهمه البعض في المخالفة! وإختلاق الأعذار لمن خالف الوصية والنص معاً، لانهم يعرفون أنه وصي النبي سلفاً.
السير وفق المنهاج الرسالي الذي أفنى نبي الرحمة “محمد” صلوات ربي وسلامه عليه عمره، وجاد بكل ما يملك الإنسان وترك الدنيا وما فيها، هو من يقيك ويجعلك على صراط مستقيم، ومنهاج “علي” صلوات ربي وسلامه عليه هو نفس منهاج النبي، وبيعة الغدير بيعة في عنق كل من شهدها، ومن خالفها إنما خالف الخالق! يعني خارج عن ملة الإسلام، ومن تمسك بها فقد عرف باب الجنة بتوثيقها، وجعلها بيعة في عنقه لا يَحيدُ عَنها أبداً.