“من كنت مولاه فهذا علي مولاه”، قالها معلم الامة وقائدها ومنقذها، سمعتها الامة بقادتها ومقاديها، سمعها كل مسلم أدى فريضة الحج مع الرسول الكريم، مائه وعشرين الف صحابي من الطبقة الاولى حسب نظرية الصحابة التي تدين بها الامة، في بعض الروايات اكثر اواقل في اخرى، حتى قال قائلهم ” بخ..بخ لك ياعلي اصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة”، اقرها واعترف بها كل من سمع، ليقدم الجميع لتهاني لوصي نبيه وخليفته، لكن اول من سارع للتهنئه بالولاية، كان اول من نقض بل وانكر ماسمع والعنوان؛ ان المولى تعني باللغة المحب! ارتضت تلك المسامع التي ملئتها عبارة ” من كنت مولاه..” التخريج الجديد للكلمة، ليعترف لاحقا من بادر للتهنئه ” كره قومكم ان تكون النبوة والخلافة فيكم…”، عندما سئل من ابن عم الوصي عن سر التحوير والتغيير بمعنى المفردة، رغم هذا ظل الوصي وفيا للنهج، حاميا مدافعا عليه، فالعدو على الحدود يتربص بالمشروع برمته، اذن الصبر اهون الشرين٠
الامه استسلمت للواقع الجديد، لتسلم بالآمرة على المغتصب، الذي لم يرضى بسكوت الوصي واعتزاله داره، فأراد ارغامه على اداء البيعة ولو مكرها، عندها حل جزء اخر من وصية وعهد قائد الامة ومنقذها” وانصر من نصره”، واجب الامه الان نصرت الوصي والوقوف الى جانبه، عندما حوصرت داره من الطمع والجشع والانقلاب، والا فقدت النصر حسب نص الوصية، “واخذل من خذله”، لكن في اذانهم وقرا، سكتت الامه وتخلت عن الرسالة التي اخرجتها من الظلمات الى النور، “وما أوذي نبي مثل ما أوذي حاملها”، بل تخلت عن نفسها وحاضرها ومستقبلها، وحصل الانقلاب الخطير في مسيرتها.
بدأت مسيرة الخذلان والهوان والتردي، لتتوالى الهزائم والنكبات وتغرق الامة في وحل عهد نقضته، ووصية تركتها وراء ظهرها، ليتسيدها ابناء الغواني، مجهولي النسب والحسب، ولتلطخ اوراق تاريخها بالدماء الزاكية، دماء اطهر واشرف وانبل مافيها، لتستمر مسيرة التردي، لتحجز موقعها في ذيل الامم الخائبة الخانعة، منذ انتحارها بترك الوصية وجفاء الوصي، لم تسجل الامة موقف او حدث تفخر به اجيالها، اذن لاغرابة ان يصل حالها الى ماهي عليه اليوم، تمول قتلها وفحشها واذلالها، وتقف بالضد من كل بارقة امل قد تعيد لها شيء من الكثير الذي فقدته، انها لعنت الغدير الذي ذبح بسكين النفاق والطمع والشخصنه، لعنت خيانة عهد من اراد لها ان تكون سيدة الارض وقائدتها، لعنت الكذب والوعود المعسولة والقبلية المقيتة، لعنت حب السلطة والتسلط ولوعلى حساب اقدس مقدسات الامة، وأهم مرتكزات بقائها ووجودها.
الامة التي جربت الانحراف عن قياداتها الحقيقية وجربت ذل التبعية والانسياق خلف مشاريع لاناقة لها فيها ولاجمل، مازالت مصرة على نهجها الى يومنا هذا، سهلت الانقياد من قبل اعدائها، سريعة الخطى الى حتفها، استبدلت اصدقائها بأعدائها ومخلصيها بأراذلها، لهذا كل ماجاءت ذكرى الغدير وجدت الامة بحال اسوء من حالها في الذكرى السابقة، والان يحين الغدير والامة تصارع الموت في أكثر من جزء فيها، والامل بمن تبقى يفقه الغدير مشروع الهي، لن يموت لانه الحقيقه الوحيدة في امة الوهم والوهن…..