هناك مغالطات وتوهمات فيما يُطرح من رؤى وتصورات حول الأحداث الغابرة , وما جرى في العصور السابقة.
وبلغة رقمية بسيطة فان أعداد البشر كانت تحسب بالآلاف وليس بالملايين , فكم كان عددد سكان مكة زمن البعثة المحمدية , ربما يتصور الكثيرون بأنها بالآلاف المؤلفة , والذين كانوا مع النبي “300” شخص أو أكثر بقليل عدد ضئيل , بينما الحقيقة أن عدد سكان مكة بضعة آلاف , أو أقل , فنسبة “300” شخص يعتبر عدد كبير , ودليل على نجاح الدعوة.
وكذلك سكان يثرب , فهم بضعة آلاف لا غير , أو بضعة مئات من العوائل , فالبشر في تلك الأزمان لا يتكاثر بسرعة عصرنا الحالي , فنسبة الوفيات كانت أضعاف نسب الولادات.
ومن الإحصاءات المؤكدة أن أحد مدن العراق كان نفوسها “850” في الزمن العثماني المتأخر , ولا يعرف كم كان العدد قبل ذلك , ربما بضعة عوائل , واليوم يقترب سكانها من المليون.
فالتحدث عن أرقام فلكية في ذلك الزمان بهتان عظيم , فالحروب والنزاعات التي نقرأ عنها , ما هي إلا مواجهات بين بضعة مئات من البشر.
ونتحدث عن هذه المدينة أو تلك , وما هي إلا كيانات تتوطنها عدد من العوائل , وقد يتجاوز نفوسها بضعة آلاف.
إن تسطير الأعداد الهائلة للجيوش والضحايا في المعارك لا يقبله العقل الواعي السليم , فالمعارك التي نتخيلها كبيرة , ذات جيوش عرمرم , هي بين بضعة مئات أو آلاف هنا وهناك.
وما عندنا أن النبي وبعد 13 عام من الدعوة إستطاع أن يجيش أقل من 400 شخص في معركة بدر , ولا يمكن لقريش ان تجيش الآلاف لأن عدد نفوسها لا يسمح بذلك.
أما الحديث عن آلاف الجواري والأسرى . فمحض هراء لا رصيد واقعي ولا دليل منطقي يؤازره.
فهل لنا أن نرى الأمور بعيون عصرها , لا أن نقرأها ونقيمها بعيون عصرنا , فعقولنا غير تلك العقول , ونفوسنا غير تلك النفوس , وما نستنتجه يعد خيالا بالنسبة لهم , فحياتنا التي نعيشها أبعد من خيالهم بمسافات ضوئية هائلة .
فهل لنا أن نتبصر ونتعقل , ونتمثل حياتهم ونقترب منها , لا أن نتخيلها وفقا لمعطيات عصرنا , فأفقرنا يعيش أحسن من أعظمهم في ذلك الزمان!!