القسم الثالث
إستكمالا لعرض ما تضمنته المعاهدة العراقية البريطانية لسنة 1927 ، التي إعترفت الحكومة البريطانية بموجبها لأول مرة بإستقلال العراق وبسيادته ، وبخلوها من القيود الكثيرة والعراقيل الموجودة في الاتفاقيتين السابقتين في المجالين العسكري والمالي ، وبإحتوائها على تعهد صريح بمعاضدة الحكومة البريطانية لدخول العراق في عصبة الأمم سنة 1932 ، وإن كان ذلك من أساليب السياسة الإستعمارية الشكلية والصورية ، ذات التوجهات والأبعاد غير الجادة ولا الحقيقية إلا فيما يتعلق بتحقيق مصالحها المباشرة ، حيث نصت في :-
م11- لا يوجد في هذه المعاهدة ما يؤثر على صحة المقاولات المنعقدة والموجودة ما بين الحكومة العراقية والموظفين البريطانيين ، وفي كل الأحوال يجب أن تفسر هذه المقاولات كما لو كانت إتفاقية الموظفين البريطانيين المنعقدة في اليوم الخامس والعشرين من شهر آذار 1924 موجودة .
م12- ستعقد إتفاقية منفردة لتنظيم العلائق المالية بين الفريقين المتعاقدين الساميين ، وهذه الإتفاقية ستقوم مقام الإتفاقية المالية المنعقدة في اليوم الخامس والعشرين من شهر آذار 1924، الموافق لليوم التاسع عشر من شهر شعبان سنة 1342هجرية التي ينتهي حينئذ العمل بموجبها .
م13- يتعهد صاحب الجلالة ملك العراق ، بأن تبقى في حيز التنفيذ الاتفاقية العدلية الموقعة في اليوم الخامس والعشرين من شهر آذار 1924، الموافق لليوم التاسع عشر من شهر شعبان 1342 هجرية .
م14- كل خلاف يقع بين الطرفين المتعاقدين الساميين ، فيما يتعلق بتفسير نصوص هذه المعاهدة ، يعرض على محكمة العدل الدولية الدائمة ، المنصوص عليها في المادة الرابعة عشرة من عهد عصبة الأمم ، وإذا وجد في هذه الحالة أن هناك تناقضا ما بين النص الإنكليزي والنص العربي لهذه المعاهدة ، فالنص الإنكليزي هو المعول عليه .
م15- تصبح هذه المعاهدة نافذة العمل حالما تصدق ، ويتم تبادل وثائق الإبرام وفقا للأصول الدستورية المرعية في المملكتين ، وتكون عرضة لإعادة النظر فيها بقصد إجراء التعديلات التي تقتضيها الأحوال ، عندما يدخل العراق عصبة الأمم وفقا لنصوص المادة الثامنة من هذه المعاهدة ، وستقوم هذه المعاهدة مقام معاهدتي التحالف الموقعتين في بغداد في اليوم العاشر من شهر أكتوبر سنة 1922، الموافق لليوم التاسع عشر من شهر صفر سنة 1341 هجرية ، وفي اليوم الثالث عشر من شهر يناير سنة 1926، الموافق لليوم الثامن والعشرين من شهر جمادي الآخر سنة 1344هجرية ، التي ينتهي العمل بهما عندما تدخل هذه المعاهدة حيز التنفيذ ) .
لقد وقع المعاهدة الجديدة (جعفر العسكري) إثر عودته من ( لندن) بطلب من الملك فيصل في 14/12/1927 ، التي قبلها مجلس الوزراء العراقي في20/12/1927 ، لإعتبارات ما تضمنته مما أشرنا إليه فيما تقدم ، وبإلغائها المعاهدتين السابقتين وتركها حق التمثيل الخارجي السياسي ( الدبلوماسي ) حرا غير مقيد ، مع الإشارة إلى التحفظ الذي أبداه الوفد العراقي في شأن عصبة الأمم (المادة 6) من المعاهدة . بما يتضمن ( أن الحكومة العراقية لم تعترف بالمادة (22) من عهد الأمم الباحثة عن الانتداب ، ولا بأية صلة بينها وبين الحكومة البريطانية غير صلة الصداقة المعبر عنها في المعاهدة الجديدة ) ، مع الإشارة إلى تصريح الوفد البريطاني بقبول ذاك.