لا شيء جديد، الارهاب هو الارهاب، والانسان هو نفسه لا يحاول ان يفهم ما يدور حوله. خير مثال على ذلك ما حدث في نيوزيلاندة امس منتصف شهر اذار الجاري، عندما قام الارهابي المتطرف باطلاق النار على الاقلية من المصلين العزل في اهدئ مدينة في الجزيرة الجنوبية في نيوزيلاندة، لصالح من وضد من؟ كلً له تحليله.
قبل سنتين وصلت الى دولة نيوزيلاندة لاول مرة كزائر لعائلتي المقيمة فيها، ثم اقمت هنا لغرض الدراسة. ما وجدته هو ان الشعب النيوزيلندي او ما يسمى بالكيوي شعب يتمتع برفاهية عالية، هم خليط من المهاجرين الانكليز والاوربيين يعيشون بسلام مع السكان الاصليين ( الشعب الماوري) ويحل السلام في هذه الجزيرة البعيدة جدا عن العالم. وعبر هذا الشعب عن صدمته عما حدث من خلال زيارتهم لاهالي الشهداء والجرحى وتقديم المواسات والمعونات الانسانية لذويهم.
ورئيسة وزراء البلاد وصفت الحادث بالارهابي. وكذلك شاركها الرأي رئيس الوزراء الاسترالي. ووصف قادة دول الغرب الحادث بالاجرامي، وصرح بذلك كل من رئيس الولايات المتحدة ورئيسة وزراء بريطانيا ورئيس الوزراء الكندي. الا ان الطريف بالموضوع ان هذه الدول تشترك كلها بتبني مشروع موحد وهو العولمة. وهذا الاخير له علاقة كبيرة بما حدث.
فنظام العولمة يحاول ان يسحق الاعراق او على الاقل يخلطها مع بعضها لظهور عرق هجين، ولهذا فتحت هذه الدول ابوابها امام المهاجرين، وبعض الدول من الاتحاد الاوربي ايضا، ونلاحظ ان منفذ العملية الارهابية هو من عرق ابيض، اي ليس من الاعراق المتهمة ”دوما“ بتبنيها فكرة التطرف الديني الارهابي كالحركات الاسلامية الارهابية واخرها داعش مثلا.
وهذا الارهابي الابيض ومن خلال التكتيك المتبع الذي اتخذه في تنفيذ عمليته الوحشية استطاع ان يوصل رسالته، فوجد على قطعة سلاحه اسماء المعارك التي خسر فيها المسلمين على مر التأريخ واسماء اشخاص اخرون قاموا بعمليات ارهابية مماثلة ضد المسلمين في كندا والنروج والسويد.
ورسالته كانت واضحة لا تحتاج الى شرح وتأويل، فهو يحاول ان يضع نفسه في خانة اليمين المتطرف، وهذا ما تدعي العولمة محاولة القضاء عليه. ونظام العولمة لم يكن بعيدا عن محل شبهة ما جرى. فالاسكندر الاعظم يقول : ( استخدم سلاح عدوك، وطريقة تكتيه، لقتله بها، ثم سيهجم الناس على الجثة ويقطعوها ظناً منهم انه هو القاتل!)
ومنفذ مجزرة نيوزيلاندة كان يدعي التطرف الديني، وتمت قراءة الموقف على انه رسالة من المسيحية المتطرفة تجاه المسلمين. والحقيقة ليست كذلك. فالديانات السماوية تخلو من التطرف، الا ما دس لها من سم مؤخرا. المسيحية ديانة سماوية مقدسة وكذلك اليهودية، والاسلام خير من عبر عن تلك الاديان، ولم يكن هناك خلاف بماهية الاديان الثلاث، لكن الاختلاف بتفاصيل تلك الديانات التي قادتها دول على حساب مصالح اشخاص يتحكمون بمصائرها، ويروح ضحيتها اناس ابرياء لا ذنب لهم سوى انهم غير قادرين على استيعاب ما يحدث من مخطط اجرامي تجاه الانسانية جمعا.