جميع دول العالم وخلال العصور الفائتة شهدت عنفاً سياسياً فتك بمعايير الإنسانية، وأدى إلى نشوب حروباً وويلات حصدت ملايين الأرواح البريئة؛ من أجل حفنة من الدولارات! سنتطرق الى الدول العربية، وسنركز على العراق الذي شهد عنفاً سياسياً طال أمده وتوسعت سبله.
يعتقد معظم العرب ومنهم العراقيون بأن العنف هو الحل الأمثل للإستقرار السياسي والأمني، وهناك من يستشهد بتجربة الديكتاتور صدام حسين الذي أذاب خصومه ومعارضيه بالحوامض، كي لا يظهر لهم لا شعر ولا بدن.
إن الدول العربية برمتها وبالأخص الدول التي تدعي “الديمقراطية” إنتهجت ضاهرة العنف السياسي للحيلولة دون تمدد الخصوم السياسيين ونجاحهم للسيطرة على مقاليد الحكم، فالعرب عندما تتعرض مصالحهم الداخلية للخطر، حتى من أقرب الناس إليهم، لايتوانون لطلب نجدة دول جندت مافيات مدربة لقمع الخصوم المعارضين؛ فما يحصل في العراق اليوم ليس وليد اللحظة، بل هي خطة طال أمد تنفيذها؛ وستؤدي الى كوارث تودي بأرواح الكثيرين الى التهلكة.
شهدنا خلال المرحلة السابقة، صراعاً سياسياً يشوبه الكثير من اللغط، بدأ قبل الإنتخابات التي عانت عزوف معظم أبناء الشعب العراقي؛ حيث حاولت الكتل السياسية برمتها التغطية على ما شهدته الإنتخابات من حالات تزوير وتحريف، وأضطر الخصوم الى التحالف مع أعداء الأمس، والعكس صحيح وبعد الإتفاق على آلية أختيار رئيس الحكومة وكابينته، أيقنت جميع الكتل بأن المشاركة في الحكم والمغانم أصبحت ضاهرة مكشوفة وغير مقبولة، وتشكلت تحالفات على أساس وطني بعيداً عن الأنتماء العرقي والمذهبي؛ حيث شهد العراق خلال الثلاث دورات الماضية تخندقات وتحالفات على أساس المذهبية والقومية والعرقية.
إن العنف السياسي سيشهد تطوراً خطيراً خلال المرحلة المقبلة، وسيأخذ مآخذ خطيرة تتسم بتصفية الخصوم والموالين لهم؛ وهذه هي لعبة المواجهة الأخيرة، فالساحة لا يمكن أن تتحمل أبطال عدة؛ وسيكون البقاء للأقوى مع عودة عقارب الساعة الى وراء وولادة نظام قمعي جديد أصبح قاب قوسين أو أدنى من التنفيذ والداعم يقينا ستكون الدولة الراعية للإرهاب والعنف السياسي أمريكا وأعوانها.
فما سيحصل في العراق قريباً سيؤجج الشارع؛ وستتوتر الأوضاع الأمنية بعد إفلاس عرابي العنف السياسي المقيت، من الإستحواذ على مقود السلطة وستفشل الشعارات التي تتبروز بشتى الوان الوطنية والمواطنة.