23 نوفمبر، 2024 1:05 ص
Search
Close this search box.

العناصر المندسة بين تصريحات القائد العام للقوات المسلحة وقيادات الحشد الشعبي

العناصر المندسة بين تصريحات القائد العام للقوات المسلحة وقيادات الحشد الشعبي

المندس، وما أدراك ما المندس! فبالرغم من الدلالة اللغوية السلبية لهذه اللفظة إلا أنها وبفضل الدواعش  والمليشيات أصبحت تحمل معان سلبية اجرامية تبعث على جرم من يوصف بها.
إن الحملة على داعش الارهابي حملت تغييرات سياسية واجتماعية وحتى لغوية كثيرة؛ فمثلاً كلمة مندس أو بالإنكليزية infiltrator كانت تعني سابقا بالعميل أو المتسلل الذي يندس في صفوف المواطنين ويثير الشغب والمشاكل وأحيانا يلجأ إلى العنف، وانتشر هذا المسمى عند قيام المظاهرات، ولعل (أفضل او أهضم) تعريف لكلمة مندس كانت على صفحات التواصل الاجتماعي: (المندس هو كائن خرافي يعتقد أنه يعيش في العراق او سورية أو في أي بلد عربي شهد أو سيشهد انتفاضة لشعوبه).
 وظهرت كلمة شبيح في سوريا بعد المظاهرات وجمعها شبيحة مستقاة أصلاً من الشبح وجمعها أشباح وهم -مثل المندسون- كائنات وهمية تظهر للإنسان ليلاً وتقض مضجعه، وشبح الشيء هو ظله وخياله وفي سوريا كانوا يستخدمون سيارات المرسيدس المعروفة في ذاك الوقت بالشبح وهذا دليل آخر على اشتقاق اسم الشبيحة من كلمة «الشبح» في دلالة على أنهم كالأشباح ينفذون مهامهم دون أن يراهم أحد.
 أي أن (الشبيحة) يلازمون المواطنين في كل تحركاتهم، وتعبير الشبيحة قديم نوعا ما، لكن استخدامه هذه الأيام اتخذ نطاقا أوسع، وصار يقصد به كل من هو موال لحكم الأسد، وهذه المجموعة من العناصر المسلحة هي فوق القانون، إذ أن مهمتها إخضاع المواطنين لكل طلباتها، تحت رعاية السلطات الرسمية.
ان تصريحات السادة احمد الاسدي وكريم النوري وأبو مهدي المهندس ونواب عديدين، ومنها ما قاله المتحدث العسكري باسم الحشد الشعبي كريم النوري (قناة هنا بغداد) الى (أن داعش فخّخ البيوت والبنايات بطريقة لا يمكن تفكيك أغلبها الا بالتفجير، مشيرا الى أن الانتهاكات حصلت في تكريت في مناطق خالية من السكان …) ويتحدثون عن مطلقي الاتهامات بحق الحشد الشعبي الوطني بطريقة عنوانها كل من يطلق الاتهامات داعشي وذلك امر مرفوض ويحجب بناء دولة ويجعلنا امام عنوان نفي الاتهام باي طريقة حتى لو كانت غير مشروعة، لان الاعتراف بالخطأ فضيلة كما قال رسولنا الكريم (ص) ولا يجوز ان نؤطر تصريحاتنا ونقلل من أهمية هذه الانتهاكات لأنها سرقت فرحة النصر بتحرير تكريت من الدواعش، ولاستكمال وضوح الفرحة يجب ان نقوم بمواجهة الأمور بالدليل والبرهان والحجة والتصدي للانتهاكات والجرائم؛ لا ان نكذب لمجرد ان نكذب الاخرين، خصوصا عندما تم تصوير الأمور بانها منزل او منزلين تم حرقها ومن قام بذلك عناصر مندسة او من العشائر او داعش من قام بذلك؛ لان في ذلك اضعاف للحقيقة والباس المنكر زي طاعة والمعروف زي منكر، ونتحدث عن كائنات مجهولة تقوم بهكذا أفعال وانتهاكات وسرقات ورمي الاتهامات على خلافات عشائرية انتجت ثارات او ان داعش فخخ المنازل والبنايات والمحلات، ويبدو ان هذا الاتهامات متهافتة وبعيدة عن الصواب والموضوعية والعدل؛ وذلك لا ينسجم مع الوقائع الحقيقية التي جسد صورتها بوضوح السيد رئيس الوزراء بداية عندما ذكر بانه هناك اكثر من 180 منزل ومحل تم تفجيره وقبله كان هناك تصريح لرئيس مجلس محافظة صلاح الدين على قناة العربية الحدث بانه كانت هناك عمليات حرق وتفجير وسرقات حتى للمستشفيات ورافقها تصريحات صدرت من رئيس مجلس النواب ونواب رئيس الجمهورية (أسامة النجيفي واياد علاوي)  والسيد مقتدى الصدركلها تؤكد ما ذهب اليه السيد رئيس الوزراء بداية وعاد السيد رئيس الوزراء واكد في مؤتمر لحزب الدعوة يوم 9/4/2015 بان قال(.. هناك جيش من المسيئين وضعاف النفوس والمدفوعين من داخل الحشد الشعبي ممن يحاولون الإساءة الى القوات الأمنية … والحشد ليس سنيا او شيعيا وانما عراقيا وطنيا … والحشد هيئة رسمية تحتاج الى مزيد من الضبط وسأحاسب أي مسؤول وراء التجاوزات…) وتلك شهادة خطيرة لان الامر تحول الى وجود جيش وليس عناصر مندسة كما يصفها البعض كلما خرج على القنوات الفضائية بطريقة تجعل المتلقي لا يبذل عناءا في كشف زيفها لسذاجة وسطحية الطرح، لا سيما في وجود عشرات المشاهد والمقاطع تشير بالدليل القاطع بان الموضوع لم يعد مجرد اتهامات، ولم يعد هناك عودة للمندس المبنى للمجهول وكانه شخص يهبط من السماء، ويستريح البعض لنظرية «المندسين»، وأموال تدفع للمخربين، لحرق منازل ومحال وبنايات والاعتداء على الأمن، ورفع أعلام سوداء ونقل الأحداث من تحرير الأرض من الدواعش إلى تخريب وإساءات وفوضى؛ لا سيما ان المخربين أدوات وليسوا الفاعلين الأصليين.
 ان الأفعال التخريبية التي ارتكبت في تكريت والدور وقبلها؛ تشير قطعا بان مرتكبيها اشخاص يعملون ضمن وحدات كبيرة، وكما شخصها وزير الدفاع في تصريحه الأخير في عمان الأربعاء، 8/4/2015 عندما شارك في مؤتمر التحالف الدولي ضد “داعش حيث قال (..”بعد تحرير تكريت بساعتين دخل 2000 مندس إلى المدينة وقاموا باستهداف وحرق بعض المنازل)، وأكد أن القوات “غير المنضبطة” لن تشارك في العمليات العسكرية التي ستنفذ مستقبلاً.
ونحن نسأل السيد وزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة، ان امر تفجير وحرق منازل المواطنين قد مورس في اكثر المناطق المحررة وبنفس الطريقة؛ كيف يتم تكرار ذلك وفي كل مدينة محررة؟ اين خطط القيادات العسكرية لمنع حدوث مثل هذه التجاوزات والجرائم التي تسيء للجيش والحشد الشعبي الوطني؛ لاسيما غالبيتهم ترك بيته واسرته ومحيطه لأجل الدفاع عن الوطن؟ هل يجوز ان نسقط اعمال هذه الجموع الغفيرة التي ضحت بدمائها تطوعا بسبب تلك الممارسات؟ اين القيادات الاستخبارية والأمنية من عمل هذه المجاميع وبهذه الاعداد الكبيرة؟ كيف يدخل هؤلاء وهم بتشكيلات الوية وافواج الى ساحة معركة وفيها وحدات مهاجمة ووحدات ساندة (مدفعية وسرايا تموين ونقل ومفارز طبية وغيرها) أي هناك مساحات شاسعة خلف القطعات المهاجمة هي مشغولة من الوحدات الساندة، فكيف تدخل هذه المجاميع وبعمل ممنهج الى داخل المدن بعد تحريرها بساعات، وهذه القطعات الساندة ومعها عناصر استخباراتية (كما هو معمول في كافة الجيوش التي تخوض حروب) من المفترض ان تحمي ظهر القوات المهاجمة وتمنع أي تحرك يؤدي الى خروقات امنية وعسكرية، لا سيما انها موجودة وتتقدم مع تقدم القطعات المهاجمة؟ ان الامر فيه غموض وتواطئ كبير لا يمكن تجاوزه لأنه بات يسىء لأي انتصار وبطريقة تجعله خطيرا بنظر الكافة بسبب هزالة التصريحات المنكرة لهذه الاتهامات وبطريقة سمجة جدا، اساءت وعظمت من حجم التجاوزات وتحتاج الى وقفة وخطط تمنع حدوث مثل تلك التجاوزات يصاحبها تنقية للقوات التي تشترك بعمليات تحرير المدن، لان في ذلك هدر كبير لروح الجندية والوطنية والعقيدة العسكرية للجيش العراق وسحق للروح المعنوية لأبناء الحشد الشعبي الوطني الغيارى الذين هبو للذود عن وطنهم بطريقة عفوية، فكيف نسلبهم هذه النشوة والروح القتالية الوطنية؟
ان التركيز على انتصارات الجيش العراقي والحشد الشعبي الوطني مهم والاهم؛ ان يصبح الحشد تجمعأ وطنياً منسجماً ممثلاً لمكونات المجتمع، بذلك؛ يمكن ان تكتسب الانتصارات نكهتها الوطنية، وهذا ما أكده القائد العام للقوات المسلحة مؤخرا.
ان للحفاظ على زخم الحشد الشعبي الوطني، يتم بفضح الجرائم البشعة التي ترتكبها المليشيات المنضوية تحت الحشد الشعبي الوطني، مع توفر الأدلة والشواهد الموثقة التي حصلت عليها المنظمات الدولية, ومنظمات حقوق الإنسان، والمجتمع المدني، وصارت حديث الأسرة الدولية، وتناقلتها تصريحات المسؤولين والمراقبين والمتابعين المحليين والدوليين، وذلك يحتاج تصدي سريع وحازم لأجل ضبط الجناة ومنعهم من الإساءة الى الحشد الشعبي الوطني، لاسيما قد شاهدنا عرض صور ومقاطع فيديو، تظهر تلك الجرائم، وهنا لم يبقَ شماعة لتبرير الجرائم والانتهاكات وتبرئة مرتكبيها بان الزعم بأن مَن يقوم بها هم عناصر مندسة، هدفها تشويه صورة الحشد الشعبي الوطني، فحصولها بهذه الصورة والكيفية والديمومة والاستمرارية لا يمكن تفسيرها أنها صدرت من عناصر مندسة، او أنها تمثل حالات شاذة، لأن الحالة الشاذة لا تتكرر بكثرة ولا تستمر بنفس المنهجية والجهات، خاصة أن تلك العناصر المندسة باتت تشكل حالة مستمرة وممنهجة مع كل تحرير ولها سلطة ونفوذ وتتحكم في بعض مفاصل الحشد الشعبي الوطني الذي تحول في قسم منه إلى حاضنة لهم والجرائم المرتكبة جنائية؛ وقلنا في مقال سابق(.. لا يمكن لعناصر قليلة مندسة أن تقوم بتلك الجرائم وبصورة مستمرة، مؤكدين، أن العنصر المندس يمارس مهامه بطريقة لا تسمح بانكشافه كونه مندسا؛ لكن ما نلاحظه ويعرف به الجميع أن مَن يرتكب تلك الجرائم يتبجح بها ويصورها ويعرضها، كما انه يمارس الجريمة علنا وأمام مرأى ومسمع القيادات والمراتب فأي عناصر مندسة ؟). 
ان الدفاع عن الحشد الشعبي لا يكون بالتستر على تجاوزات وانتهاكات بعض عناصره ولا بنفيها نفياً مطلقاً، فمثل هذا التستر أو النفي سيشجّع العناصر الرديئة في الحشد الشعبي على ارتكاب المزيد من التجاوزات والانتهاكات وتشويه صورة الحشد والطعن في مهمته الوطنية.
فهل تحرير المناطق يجب أن يكون ثمنه دماء وأموال الابرياء وتدمير دورهم وحرق وسرقة محلاتهم ومزارعهم؟ وهل وقوع محافظات عراقية كاملة تحت سيطرة (داعش)، يعني أن السكان فيها باتوا جميعا عناصر في هذا التنظيم؟
إذن ما الفرق بين جرائم (داعش) وجرائم ترتكب من بعض العناصر وهي بحماية الدولة لتحرير المناطق المسيطر عليها من داعش، وهذا معناه انها تحصل من قبل جزء من السلطة؟  وهناك من يتستر عليها بطريقة واضحة وبذلك نكون امام جريمة التستر بركنها المادي والمعنوي، ونكون تحت طائلة قانون مكافحة الإرهاب رقم 13 لسنة 2005.
وحتى لا تكون مجرد اتهامات تليفزيونية، وتصبح إساءات أشد بحق الحشد الشعبي الوطني الابطال، بخاصة ان نقد الحشد الشعبي عن تجاوزات بعض عناصره واجب وطني وضرورة وطنية، فإن حديث القائد العام للقوات المسلحة في يوم 9/4/ 2015 في مؤتمر حزب الدعوة واضح وهناك فاعلين ومحرضين معروفين، والأولى أن يتم القبض عليهم، ومعرفة علاقاتهم بالمسؤول الفلاني والجهات الخارجية لو كانت موجودة؛ حتى لا تظل الأحداث مسجلة ضد مجهول مع أن ضحاياها دائماً معلومون، ولا يمكن أن يكون الفاعل كائنات فضائية أو عفاريت، بل هم مواطنون يعيشون بيننا، مثل قطاع الطرق واللصوص والسلابة والبلطجية ولا يمكن استبعاد وجود أصابع خارجية أو داخلية من مصلحتها أن  تسرق انتصارات الجيش العراقي وتضحيات الحشد الشعبي الوطني وتبقى الفوضى ويسود الانفلات، ودور الحكومة أن تلقي القبض عليهم وتعلن عنهم وتقدمهم للعدالة، ساعتها يمكن أن نصدق بوجود أطراف ثالثة وأصابع خارجية، لأن استمرار الاتهامات الهلامية لا يجيب عن الأسئلة، ويبقينا في حلقة مفرغة، نتهم بها أشباحاً بإشعال الفتن والحرائق والتفجيرات، وقطع الطرقات والسرقة والترويع.
ان اتهامات رئيس الوزراء ووزير الدفاع وغيره لجهات خارجية وداخلية بتمويل المخربين، يستلزم إعلان الحقائق، حتى لا نظل ندور في دائرة المندسين والطرف الثالث وجهات خارجية.
والغريب ان النشطاء الاعلامين عرضوا فيديوهات يظهر فيها (المندسين) علانية في شوارع العاصمة بغداد ومدن اخرى يرتدون الزي العسكري دون علامات مميزة لوحدة بعينها وسيارتهم لا تحمل للوحات فلا هم شرطة ولا هم قوات مسلحة عراقية فمن هؤلاء؟ وهذا في القانون؛ يعرف بانتحال صفة او شخصية؟
هؤلاء المندسين الذين تحدث عنهم القائد العام ووزير الدفاع واخرين، أصبحوا جيش من المسيئين؛ انهم يطلقون النار بصورة عشوائية وكثيفة ويفجرون ويسرقون من خلال قوائم (حسب ما قال وزير الدفاع) وبعمل ممنهج داخل الإحياء السكنية المحررة بسواعد الجيش والحشد الشعبي الوطني وعشائر المناطق تلك، فهل هم رجال شرطة أم قوات تابعة لجهات أخرى غير القوات المسلحة العراقية؟
أن دستور البلاد الذي يسوي بين جميع المواطنين في الحقوق والواجبات يضمن للجميع حقوقهم كاملة غير منقوصة، ولا يعقل أن تصادر حقوق البعض من أجل أن يستفيد البعض الآخر، وواضح أن الدستور في فصل الحقوق والحريات؛ يمنع المس بالسلامة الجسدية أو المعنوية لأي شخص في أي ظرف من قبل أية جهة كانت خاصة أو عامة، ولا يسمح بمعاملة الغير تحت أية ذريعة معاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة أو حاطه بالكرامة الإنسانية، بل يعتبر ذلك جريمة يعاقب عليها القانون، وقد شاهد الجميع اليوم بالمناطق المحررة هذه الممارسة الخارقة لحقوق دستورية قانونية.
ان تلك الممارسات منافية للمنطق وللعدالة والإنصاف، حيث هناك، دماء أزهقت وأعراض انتهكت واموال خربت واحرقت وكرامات هدرت وحقوقا ومظالم في رقبة من اقترفها وأموال نهبت وثروات توارت وشعب تم إفقاره وإذلاله، وتلك تدلل لانعدام الأخلاقيات، فلا شرف، ولا صدق ولا وفاء بالعهد، لمن ارتكبها او ساعد او حرض او شارك فيها.
أن أسلوب تحرير المدن والمناطق وفق تلك الممارسات؛ قد تجعل الناس يعزفون عن تايد جيشنا الباسل وقوات الحشد الشعبي الوطني؛ وفق قاعدة الحق الذي يراد به باطل.

أحدث المقالات

أحدث المقالات