7 أبريل، 2024 2:28 ص
Search
Close this search box.

العملية السياسية وزمانها الرديء: استفتاء كردستان …واللحظة المضطربة

Facebook
Twitter
LinkedIn

” الكورد يعرفون ماذا يفعلون في 25 سبتمبر القادم، لكنهم يجهلون ماذا سيفعلون يوم 26″، بهذه العبارة البسيطة والبليغة معاً، لخص الكاتب والمحلل الاستراتيجي بلال وهاب – متخصص في الشأن الكوردستاني -، قضية الاستفتاء في الاقليم وتداعياتها على اكثر من صعيد، في لقاء له مع موقع “بوست وور ووتش ” نُشر في 21 تموز الماضي على موقع معهد واشنطن لدراسات الشرق الادنى.
ودلالة العبارة، تُلفت النظر – وهي التفاتة صحيحة وضرورية – الى ان ما بعد الاستفتاء يكتسب اهمية اكبر من الاستفتاء ذاته، بمعنى ان الاستفتاء ليس غاية بذاته، بل احد اهم الادوات للعبور نحو الاعلان المنشود للدولة الكوردستانية ، وغياب رؤية شاملة وفق برنامج موحد وواضح للقيادات الكوردية المختلفة – في الادنى ان شيئا من هذا لم يُعلن – لما بعد الاستفتاء، يُفرغ الاستفتاء من محتواه ومهامه الحيوية، ويجعل منه جهداً كبيراً ضائعاً بامتياز. وفي التفاصيل نرصد الاتي:
1 – في المستهل، نسجل، ان ذهاب الاقليم الى خيار الاستفتاء وبقوة، انما يمثل اعترافا تاما بفشل العملية السياسية، ولجهة تدبيرالازمات التي صاحبت العلاقة بين المركز والاقليم خصوصا، وظهر بما يكفي، انه وبعد مضي 14 عاما من الاداء السياسي الرديء الذي تداعى ليشمل كافة المرافق الحيوية في البلاد، امنياً وخدمياً وثقافياً واقتصادياً واجتماعياً، انما كان بسبب الخلل الاستراتيجي الذي نشأ في بنية العملية السياسية ذاتها منذ لحظة الولادة وفي قطبها المحرك ، الدستور.
2 – وفي السجال الدائر والمستمر بين بغداد والاقليم حول دستورية قرار الاستفتاء من عدمه، لم يتقدم اي من الطرفين الى المحكمة الدستورية للبت في ذلك، وهو امر مثير ومشين في نفس الان، لأطراف ساهمت في صياغة عملية سياسية قاعدتها الاساسية الدستور، ومع ذلك لايعيروهما اهتماما ولا يحتكموا لهما، لا للدستور ولا للعملية السياسية التي بسببها، وبسببها فقط، تمكنوا من تصدر المشهد السياسي الحاكم في عراق ما بعد الاحتلال،

2
وهي ليست المرة الاولى حيث حصل ذات الشيء في سجالات دستورية سابقة حول قرار كوردستان باستغلال الثروة النفطية في الاقليم وفي كركوك لاحقا.
3 – وقد يكون مرد ذلك، الى الضبابية المحيطة في النص الدستوري المتعلق بالاستفتاء مما يُعطي امكانية التأويل الدستوري لصالح الجهتين معا – ولسنا هنا نناقش في دستورية القرار- وبالتالي سيكون قرار المحكمة سياسيا اكثر منه دستوريا، اي سيكون قرار من له قوة التأثير في قرارات المحكمة الاتحادبة، وقد فعلتها ذات المحكمة اكثر من مرة اخرها – في الولاية الثانية للمالكي – كان في نقض قرار البرلمان بتحديد ولاية رئيس مجلس الوزراء بدورتين الذي جاء اعتمادا على قرار سابق لذات المحكمة في جعل مشاريع القوانين المقدمة للبرلمان محصورة بالسلطة التنفيذية فقط، وكانت تلك قرارات سياسية واضحة المعالم جرى اخضاع التفسيرات التعسفية الدستورية لها ، لذا يحجم – الكورد على الاقل – في الذهاب باتجاه القضاء، وللحكومة اسباب اخرى سيكون من بينها بالتأكيد ارادة الراعي الامريكي.
4 – وهنا تكمن المغامرة في اللجوء اتجاه البت دستوريا في قرار الاستفتاء، فان كان التفسير لصالح كوردستان يعني فتح الابواب نحو قيام دولة كوردية مستقلة وان كان العكس فسيصبح حلم دولة كوردستان “حلم العصافير” كما وصفه الطالباني ذات مرة، ولان امر الاستفتاء هو اقليمي دولي ايضا، بل اكثر منه عراقي، لذا لم تتحمس اي من الدول ذات العلاقة الجيو-سياسية للاستفتاء، خصوصا الولايات المتحدة وايران وتركيا. . مع ملاحظة ان بغداد ستكون مجبرة للذهاب الى المحكمة الاتحادية في حال تم الاستفتاء، حينها سيتعقد الامر باكثر مما نتصور وما يتصوره الاخوة الكورد ايضا.
5 – ولعلنا في الاخير نشير بنوع من التأكيد، الى اننا في لحظة مضطربة تماما، اقليميا ودوليا، لحظة لا تدعم قرار الاستفتاء، ذلك ان الاقليم –الشرق الاوسط – وامريكا وروسيا منشغلون فعلا في متغيرات حقيقية ومتسارعة على اكثر من مسار، ولعل اهمها هو انهاء ملف ارهاب داعش باقصى وباسرع ما يكون، وواشنطن – في عهد الرئيس ترامب – اكدت غير ما مرة، بان هدفها الاستراتيجي الاول لها في المنطقة هو القضاء على داعش ويتأكد هذا التوجه في كل العلاقات الامريكية المتجددة – وفق هذه الرؤيا – مع الدول ذات العلاقة مثل روسيا وتركيا والعراق وايران ودول الخليج والاتحاد الاوربي ايضا والى حد بعيد. لذا فان الوقت غير مناسب تماما بالمعنى الجيو – سياسي، وقد تكون مواعيد اخرى مناسبة، وليس كما يحلو للسيد زيباري ان يردد دائما.

3
نصيحة اخيرة للاخوان في كوردستان، اسرع طريقة واكيدة للوصول الى اعلان دولة كوردستان هو ان تعلنوا انسحابكم من العملية السياسية اولا، حينها ستصبحون شعبا بلا دولة وسيكون الاستفتاء خيارا وحيدا لكم وسيفضي حتما الى اعلان الدولة… لكني مدرك ، والقيادة الكوردية ايضا، صعوبة ذلك جيدا، ليس لان القيادة الكوردية لا تريد ذلك بل لان المخرج الامريكي، مصّر والى مدى غير منظور، ان يستمر عرض المسرحية بوجود اللاعب الكوردي.
خلاصة تذكيرية:
في الحصيلة الختامية لهذه المقاربة، احسب، بشيء من التأكيد، ان لا ثمة مناص للقيادة الكوردية، من الاعلان عن تأجيل اجراء الاستفتاء، والاشكال الوحيد الذي اتصور انهم يناقشوه الان، هو في كيفية التأويل والتعليل للشعب الكوردي قبل الاخرين وهو امر لن يطول على اي حال. واذا لم يحدث ذلك، فانه يعني وببساطة شديدة، ان اللامنطق هو الذي يحكم مسارنا وان بدا غير ذلك.
ملاحظة ليست للقراءة : نؤكد اننا في هذه الورقة، نناقش الامر كما يناقشه تماما حكام العراق الجدد لكن الفرق انهم يناقشوه في الغرف المظلمة ، حيث تطبخ اغلب القرارات البليدة ومنذ 2003، ونحن نناقشه في وقت الظهيرة .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب