أبتداءاً لا بُدَّ لنا من الأطلاع ولو بشئ بسيط، على مفهوم العملية السياسية، والذي نسمعه دائماً عبر تصريحات السياسيين، لذلك سنأخذ تعريفاً مختصراً لها : ( هي مشروع سياسي مصاغ من قوى سياسية تؤمن بالعملية السياسية، يراد له ان يترسخ ويستمر. وتتسم مجمل العملية بالاستمرار الى حين تجسدها بنظام سياسي يتسم بنوع من الثبات والاستمرار، ويرتكن الى دستور حاكم لحركته ومنظم له ” أ.م.د خيري عبدالرزاق جاسم / العملية السياسية في العراق) .
إن العملية السياسية جزء من المجتمع، وبما أن المجتمع في تطور وتغير دائم، فلا بُدَّ أن تكون العملية في تطور وتغير دائم أيضاً، وبما أن العملية السياسية يجب أن تركن الى دستور فمن غير الممكن أن نقول : يجب على العملية السياسية أن ترتكز على دستور ثابت!، لأن الدستور جزء من العملية السياسية، فتشمله قاعدة التطور والتغير أيضاً، ولا خلاف مع ما أوضحه التعريف أعلاه (وتتسم مجمل العملية بالاستمرار الى حين تجسدها بنظام سياسي يتسم بنوع من الثبات والاستمرار)، حيث أن استقرار الدولة ومؤسساتها يجب أن يكون تحت رعاية نظام سياسي ثابت لفترة من الزمن .
قد بينتُ رأيي في مقالي السابق (الشراكة الوطنية وأسلحة الدمار الشامل)، بمساوئ (الشراكة الوطنية)، حيث أنها كذبة لا يمكن تحقيقها؛ اليوم في مقالي هذا أريد أن أعرض إتجاه يتبناه بعض الساسة في حكومات العالم الحديث، وقد يكون مصيباً بدرجة كبيرة، ألا وهو الأتجاه الفئوي :
يقول (أ.م.د خيري عبد الرزاق – العملية السياسية في العراق) : (يقوم الاتجاه الفئوي على افتراض ” أنه مهما كانت درجة التماسك القومي في المجتمع, فان المصالح السياسية الفاعلة هي مصالح فئوية, وما ندعوه المصلحة العامة ليس شيئا فوقها بل هو توازنها مع بعضها البعض “.
أبرز ممثلي هذا الاتجاه دافيدي ترومان ” ” David Truman في الولايات المتحدة . ويرى ترومان ” إن تأكيد وجود مصلحة عامة أو مصلحة قومية شاملة هو حيلة فعالة يتذرع بها في الظروف العصيبة. ولكن هذا التأكيد لا يتفق مع واقع الحياة السياسية للأمة الحديثة المعقدة التركب. ولذلك لا نحتاج في اعتمادنا التفسير السياسي الفئوي لأن نتحدث عن مصلحة كلية شاملة، لأن مثل هذه المصلحة لا وجود لها ” .
يتناول هذا الإتجاه المجتمع السياسي على إعتبار أن فعالياته الفئوية تؤلف عملية سياسية في حالة تغير دائم، ويظهر الثبات خلال توازن هذه الفعاليات، ولكنه هو أيضاً توازن متغير .
طرح السيد عمار الحكيم، رئيس تيار شهيد المحراب والمجلس الأعلى، فكرته السياسية القائمة على إنشاء (الفريق السياسي القوي المنسجم)، وهي فكرة ناجحة جداً، وحل لما يمر به العراق من أزمات متلاحقة، حيث أنها تحفظ وحدة الوطن الواحد، كما وتحافظ على الحقوق الفئوية للجميع …
نتمنى من حكومة العبادي أن تفهم هذه الفكرة جيداً، وأن تطبقها بصورة صحيحة، وأن تعمل على إصلاح ما أفسدته نظرية الشراكة الوطنية الغير حقيقية!، لبناء مشروع سياسي ناجح، يستطيع النهوض بواقع العراق المزري .