بعد احتلال العراق ومنذ بداية اول عملية سياسية في مجلس الحكم تقاسمت السلطة بين امريكا وإيران ، ولا وجود لإرادة وطنيه مستقلة خارج هاذين المحورين ، ومن خلال الحكومات المتعاقبة أصبح من البديهي لدى جميع العراقيين ان العملية السياسية في العراق مسيطر عليها من قبل امريكا وإيران بالكامل .
الحقيقة الغير معلنه التي يغضب الآخرين لسماعها، ان الفشل في إدارة العملية السياسية من قبل حلفاء الطرفين واضح جدا من خلال قيادتهم للعملية السياسية في العراق فشلو ليس في تقديم ابسط الخدمات والأمن والتعليم وتطور البنية التحتية فحسب، بل فشلوا حتى في توفير ابسط خدمات الانسان وان كل ما وصل اليه البلاد يتحمله الطرفين بغض النظر عن مساعدة هذا ودعم ذاك ، وبعيداً عن الاصطفاف المذهبية وعواطف الديمقراطية ،فأن فشل إدارتهم للعملية السياسية واضح وشاهده الأعمى ، وسمع بِه الأصم وكل واحد منهم يحاول ان يرمي فشله على الاخر،وتحاول امريكا في الايام الاخيرة ان تبرأ نفسها من فشل ادارتها للعراق وتحاول الإشارة الى ان الفشل تتحمله ايران وهذا غير منصف إطلاقاً، فأن كلا الطرفين يتحملان خراب البلاد ، ان لم تكن امريكا اكثر مسؤوليه .
كتبنا سابقاً ان هناك ارادتين تتصارع في العراق هي الإرادة الامريكية والارادة الإيرانية وأن غلب نفوذ الإرادة الامريكية الأن ، ولَم يكن هناك إرادة وطنيه في بداية العملية السياسية إطلاقاً .
لكن الان ظهرت قوة وطنية غير تابعة لتلك الجهتين ، تحاول ان تخلق إرادة وطنية تنافس تلك الإرادتين وفاجأت كل توقعات المفكرين والمحللين وصدمت القوتين المسيطرتين على العراق، وفازت في الانتخابات وانتصرت الإرادة الوطنية لكنها لا تزال فتيه ، ومشكك بها من قبل الكثير، لذلك ورغم فوز الإرادة الوطنية لعبت امريكا لعبة (الذئب عند الباب) ودفعت في اتجاه اعادة الفرز بشياطينها التي تدار بالروبوت وهددت بهدم العملية السياسية برمتها ، بل ودخول العراق في دوامه لا خلاص منها، وما شعر العراقيين الا ان القضاء يسيطر على مفوضية الانتخابات بين ليلة وضحاها حتى قبل صدور كتاب بذلك ، لكن بعد ان خضع الكل و وصلت الرسالة ، اتضح ان الانتخابات صحيحه بل ان القضاة اعطى شرعية اكبر للمفوضية بعد اعادة الفرز ، وباركت أمهم واشنطن انتخاباتنا التي لولا مباركتها ما تمت الانتخابات .
ما استطاعت الإرادة الوطنية ان تحتفل بفوزها لان امريكا بعثت رسالة بهدم العملية السياسية برمتها ،لأنها تسيطر على كل مفاصل (الدولة ) وليس الحكومة فقط ، وأيقن الجميع ان العراق بحاجة الى إرادة وطنية تنمو اكثر وتكون جذورها اكبر واكثر صلابة لتقف امام الإرادتين الامريكية والايرانية وايقن الجميع ان فوز إرادة وطنية وحده لا يكفي .
أودّ ان أصل الى نقطة مهمه في الختام هي ان الإرادتين فشلتا في إدارة الملف السياسي في العراق ليس امام العراقيين حل سوى خلق إرادة وطنيه ، وهذا لن يحصل او انه يحصل بشكل بطيء جداً ، الا اذا تحررت مؤسسات الدولة العراقية من الشياطين التي تدار بالروبوت وحلت محلها مؤسسات وطنية خالصه الولاء للوطن وتساند الإرادة الوطنية هذا اولاً ثانياً اذا أصبحت الانتخابات مباشرة للرئيس .