15 نوفمبر، 2024 5:28 م
Search
Close this search box.

العلم والجهل وجها لوجه

العلم والجهل وجها لوجه

العلم نور والجهل ضلام عبارة رائعة رافقتني منذ نعومة أظفاري وجدتها على جدران الصف الأول الابتدائي وكتبت بخط واضح كبيرعلى السبورة ,وكان المعلم هو الاب الثاني لي ولكل الطلبة يجهد نفسه غير مبالي براحته لكي يوصل لنا هذا الشعار وكأنه يريد ان يقول لنا ولكن بطريقة تناسب عقولنا ومستوى فهمنا وإدراكنا،ما فائدة الأموال والثروات الطائلة والأرصدة في المصارف والعقارات المرتفعة الثمن في الدولة العالمية والأسهم التي تتزايد بالارتفاع بين كل دقيقة ودقيقة ،والمرء من كل هذا لا يمتلك العلم والمعرفة ويعيش حالة من الفراغ الفكري والضياع والفوضى بين أولئك الذين يمتلكون المعرفة فهو في وسطهم ضائع في متاهات،والسبب لأنه يظن أن الأموال والمنصب والسطوة هي من تأتي اولاً في الصدارة ويليها العلم ، فالعلم هو المنعطف الذي ينقل الإنسان من الجهل والظلام الى عالم النور والهداية فهو يبصر ويشخص الخلل ويجعله يدرك بواطن الأمور وجزئياتها فالقراءة والمعرفة تفتح أمام المرء آفاق واسعة لعالم مليء بالإسرار والتناقضات ،حتى ان الله تبارك وتعالى قال (أقراء باسم ربك الذي خلق ،خلق الإنسان من علق ،أقراء وربك الأكرم الذي علم بالقلم ) وهذا دليل واضح ان الباري اكد على مسالة مهمة وهي العلم وقوله (وخلقنا فوق كل ذي علماً عليم ) وهنا اشارة الى درجات العلم ومراتبه ،وقول الرسول محمد (ص) (اطلب العلم من المهد إلى اللحد ) وأخر (اطلب العلم ولو كان بالصين ) وقول الامام علي عليه السلام (ليس يتيم الذي قد مات والده ..ان اليتيم يتيم العلم والأدب ) وقوله (العلم خير لك من المال،العلم يحرسك وأنت تحرس المال ،والعلم حاكم والمال محكوم عليه) والأمم تقاس بعلمائها ومبدعيها ومفكريها وما هي نتاجاتها التي تخدم بها البشرية ، صحيح ان الأموال تخدم العمل لكنها ليست ركيزة مهمة في بناء منظومة الدولة فهي الوسيلة التي من خلالها تمول المشاريع والاستثمارات، لكن العقل المدبر هو العلم الذي يمتلكه الإنسان في التخطيط والتدبير وصناعة الخطط والبرامج ورسم السياسات وإيجاد البدائل والحلول للازمات ،ولعل

حادثة بدر الكبرى تشير للأسرى من المشركين عندما ابلغ الرسول ان كل مشرك يستطيع القراءة والكتابة فليعلم عشرة من المسلمين لقاء الحصول على حريته ،فكان دليلاً رائعا وبرهاناً ساطعا ان لمنزلة العلم دور مهم في صناعة وتقويم الإنسان،فالصراع بين العلم والجهل هو صراع يمتد الى وجود الانسان على الأرض وعلى وجه الخصوص عندما تؤول الأمور للطغاة المستبدين في السيطرة على مقاليد الحكم فأنهم لا يكتفوا باضطهاد شعوبهم وترويعهم والمساس من كرامتهم ومصادرة حرياتهم وإنما يعمدون الى فرض ثقافة تسودها قيم الجاهلية وينشرون الامية وعلى وجه الخصوص الامية الثقافية ويدخلون مجتمعاتهم في في حروب وانكسارات سياسية وذلك لغرض اطالة فترة الجهل للشعوب وبالتالي تعيش الجماهير في وادي وهم في وادي اخر،ان العلم والمعرفة يحتاجان الى الهدوء والاستقرار السياسي والاقتصادي فكل يكمل الاخر،فالفوضى والدمار لا يخلفان سوى مجتمع متخلف تغلب عليه الخرافة وتحركه الافكار البالية التي تزيد منهم جهلاً ،ولذلك نجد الدول العظمى تولي عناية فائقة وكبيرة للعلم وتخصص ميزانية ضخمة لمراكز البحوث العلمية فضلا عن الدعم المعنوي والجوائز في هذا المجال ومواكبة التطور اولا بأول والاهم من هذا كله أنها تحترم العلماء وتوفر لهم كافة السبل اللازمة للنهوض بمشاريعهم العلمية والمعرفية ،في حين لاتزال الدول الشرقية تنظرالى العلم من منظار اخر،وزاوية اخرى بعيدة عن التطلع لمستقبل افضل ينقل المجتمع والشعب من حالة البؤس لحالة الرخاء ،انما تنظر الى العسكرة والى رجل البوليس والامن هو الراعي الرسمي والمهيمن والمرتبة الاولى في بناء الدولة من اجل خلق دكتاتوريات ورقية سرعان ما تهاوت امام أرادة الشعوب .

أحدث المقالات

أحدث المقالات