22 ديسمبر، 2024 11:52 م

العلماني ذكي بغباء

العلماني ذكي بغباء

العلماني ذكي جدا في رسم خطواته للوصول الى اهدافه ودائما يختار الاقوى لمحاربته، وطريقة محاربته ليس بمواجهته ، بل بصناعة اذرع بمختلف المهارات ومن على عدة جبهات تقوم بالنيابة عنه في رسم وتحقيق خططه ، وان كانت قناعتهم بانتصارهم بلحاظ العمل على تحقيق اهدافهم ، والا واقعا هم الى زوال او لربما تتغير العناوين الا ان المتن هو نفسه ليمني نفسه بانتصار وهمي على على من يريد الانتصار عليه.

الاقوى على الساحة الفكرية هو الخطاب الاسلامي ، ولان الخطاب الاسلامي ساحة مفتوحة من غير سور او ابواب فاللصوص يدخلون بلا عناء لان الاسلام كالحفرة كلما اخذت منه فانه يكبر ، وتذكر جيدا ايها القارئ القوي دائما لا يخشى الافكار الاخرى فكيف اذا كانت الفكرة صناعة الهية .

ليس للعلماني مادة يتحدث عنها الا قراءة التاريخ الاسلامي في محاولة بائسة ويائسة لتنفير المجتمع من الاسلام بما فيه من قصص بعضها مزيفة وبعضها لا يستوعبها عقل العلماني ، ومشكلتنا مع العلماني انه لا يحمل اي طرح فكري سوى انتقاد الخطاب الاسلامي ، فمثلا لم يتحدث عن ثقافة الانسان وعن تحقيق العدالة والنهوض بالواقع الاقتصادي ودراسة الركود الاقتصادي او المواطنة او حروبها في العالم الثالث كما تقول بل حتى فيما بينها مثلا حرب الفوكلاند بين بريطانيا والارجنتين او حتى المهاترات بين امريكا وروسيا والصين ، فقط مادتهم الدسمة الاسلام والعالم الغربي

ومن ذكاء العلماني انه يستخدم الاعلام بمهارة وكفاءة عاليتين بحيث يستطيع تسليط الضوء على الصغائر وطمر كبائر قبيح اعمالهم، ودائما اؤكد على قراءة واقعهم من مثقفيهم او اصحاب الراي الحر امثال نعوم تشومسكي وقد اشاد بقلمه الحر والواقعي شخصيات ومؤسسات ومراكز بحثية امريكية وغير امريكية فمثلا نيويورك تايمز تقول عنه ( مفجر الحقائق الملقنة ) ، وله عدة كتب تتحدث عن الواقع العلماني وخصوصا الامريكي وفي كتابه الدول المارقة سلط الضوء على مختلف الممارسات البشعة التي تمارسها امريكا الا ان الاعلام يغض النظر عنها ، الكاتب نعوم يتميز بدقة وتسلسل معلوماته عن السياسة الامريكية الارهابية في العالم وله مؤلفات كثيرة عن ذلك ومنها كتابه الرائع الدول المارقة ، كشف فيه النقاب عن الوسائل الامريكية في السيطرة على الاعلام مستشهدا بالروائي جورج اوريل الذي كتب في مقدمة روايته مزرعة الحيوان ان الحقيقة الشريرة عن الرقابة الادبية في انكلترا هي انها طوعية على نحو كبير فالافكار غير الشعبية يمكن اسكاتها والحقائق غير الملائمة تبقى في الظلام دون اية حاجة الى حظر رسمي “” هل تعلمون كيف ؟ يشير الكاتب نعوم الى ذلك بالقول هي السيطرة على الصحافة من قبل اثرياء يملكون جميع البواعث ليكونوا كاذبين في موضوعات هامة معينة والنتيجة كل من يتحدى الارثوذكسية السائدة يرى نفسه مسكتا بفعالية مدهشة ….

هذا هو الاعلام اليوم تجد الاجندة الموجهة من قبل الدول العلمانية والمسيطرة على الاعلام الرقمي بكل مواقعه سرعان ما تاخذ اكاذيبه حيزا واسعة من المصداقية والتعامل معها على انها حقيقة ومن ثم تقوم هذه الاجندة ومن يسخرها بتمحيص النتائج واتخاذ القرارات السياسية المطلوبة لديمومة سيطرتها على عقول الناس ، وتستطيع هذه الاجندة طمر اية حقيقة لا تروق لسياسات القوى الشيطانية العالمية .

مقدمة جورح اوريل التي ذكرتها انفا منعت من النشر لمدة ثلاثين عام وهذا يؤكد صحة ما تطرق له في المقدمة وهنا اؤكد على الانتباه الشديد ان المقدمة كانت في منتصف القرن التاسع عشر يعني لا يوجد نت الحديث عن الصحافة فقط فكيف هو الحال اليوم والنت ومواقع البحث تحت سيطرة الادارة الامريكية .

اين العلماني الذي يتحدث عن الحرية وعن جرائم الاسلام بينما الولايات المتحدة الامريكية وبذكاء تتلاعب بمقدرات الشعوب حتى اوربا مستشهدا نعومي بمشروع مارشال الذي اخذ حيزا واسعا في الاعلام وبين شعوب اوربا من الثناء بينما واقعا الاموال التي قدمتها امريكا الى فرنسا وهولندا كانت مساوية للاموال التي سحبت من خزائنهما لتمويل حملاتها في جنوب غرب اسيا لارتكاب جرائم مروعة ( كاهن وكاهن، التخريب كسياسة خارجية . حول التماثل البريطاني انظر : جون سافيل ، سياسة الاستمرارية ، لندن فيرسو 1993 ومن اجل سياق اشمل انظر مارك كورتيس ، التباسات القوة (زيد 1995) ، قمت بنقل المصادر من كتاب الدول المارقة لنعومي تشومسكي ص 280) ، بمعنى لم اطلع عليها بل اطلعت على كتاب نعومي

مشروع مارشال مهد الطريق بعد سنوات لكميات كبيرة من الاستثمار الامريكي المباشر في اوربا ، اليوم جاء الاتحاد الاوربي ليقلق المجال الاقتصادي الامريكي بعض الشيء وحاولت بريطانيا التاثير على الاتحاد بانضمامها وانسحابها لان اليورو اقوى من الدولار ولكنها عموما اي اوربا لا تستطيع مواجهة امريكا ليس خوفا منها بل خوفا من هدم الاقتصاد المتشابك فيما بينهم جميعا ، ويرى نعوم ان هنالك ترابط ثانوي بين المساعدات الامريكية والانتهاك الفظيع لحقوق الانسان ، فالعلماني المتشدق بحقوق الانسان هل اطلع على هذا ام انه لا يريد الاطلاع ام اطلع وادار راسه صوب الدول الاسلامية فقط ؟