23 ديسمبر، 2024 12:11 م

“العلة علة والطبيب الله”!!

“العلة علة والطبيب الله”!!

العلة الحقيقية ليست بهذا الشخص أو ذاك , أو بهذا المذهب وغيره , العلة فينا جميعا , العيب فينا وبلا إستثناء!!

لماذا نحاول تنزيه أنفسنا ونجلس في قصور نفوسنا العاجية , وهي مشيدة من حجارة أمّارة السوء التي فينا!!

لماذا لا نواجه أنفسنا ونقول : لقد فشلنا على مدى عقد من الزمان , أن نحكم أنفسنا بأنفسنا , وتواكلنا على الآخرين لتحقيق مصالحهم بنا؟!

لماذا لا نعترف بعلتنا؟!

علينا أن نعي بأن نفوسنا وعقولنا ومداركنا معيوبة , ولا ينفع معها الترقيع , لأنه سيتسبب بإنبعاجات متوالية وشديدة , وقد تحقق ذلك بتفاعل عيوبنا.

فهناك عقلية ونفسية إقصائية إجتثاثية إمحاقية لا تعرف التفاعل المشترك , وإنما رؤيتها تتلخص بالمثل ” لو ألعب لو أخرب الملعب” , و “طريقي أو لا طريق” , و “ويايه لو عليه” .

وفينا عاهة مروعة عجيبة عنوانها “إحباط بعضنا” , فلا تجدنا نشجع بعضنا أو نفخر ببعضنا , وإنما نبحث في بعضنا عما هو سلبي ومفرّق , ونأبى أن نرى بعيون الرضا والحق والمسؤولية والعدل, وهذا ينعكس في سلوكنا وخصوصا الذي نسميه سياسيا.

كما إننا نتميز بالإستحواذية , فردية حزبية وفئوية , ونستحضر الدين لتبرير ما نقترفه من الخطايا والآثام , لكي نخدع أنفسنا ونسوغ المزيد من الأعمال المقرفة.

ولا يمكننا أن نتفق على راية واحدة أو هدف مشترك , لأن الشك سيد آليات تفكيرنا فيما بيننا فقط , ونميل إلى التبعية للآخرين القادرين على تأهيلنا لنكون ضد بعضنا.

وبسبب ذلك وغيره قالوا فينا “عراقيون ما تصير إلْهم ﭽارة” , وقد أثبتنا بالعمل الصريح صوابية هذا القول , وإلا كيف يمكننا تفسير هذا السلوك المضحك المبكي , الذي أوصلنا إلى قاع الوجيع القاسي , ونحن في القرن الحادي والعشرين , ولا يزال الكثير منا بعقلية لماذا لم يكن فلان الخليفة بدل فلان , وعلينا أن نقاتل بعضنا بسبب ذلك؟!

من المؤلم والمخزي أننا تحولنا إلى “نكتة” , إلى “مضحكة” , ومجتمعات الدنيا تنظر إلينا على أننا لا نستحق بلدا بحجم العراق , وبأننا أعداء الوطن والدين والديمقراطية والقيم الإنسانية , وعاجزين على العيش معا والعمل سوية , بل تصلح تسميتنا بالسراق والنهابة , الذين سرقوا وطنهم ونهبوا ما فيه وأودعوه في بنوك الدنيا , حتى صنعت السنوات العشرة الماضية عشرات البليونرية وملايين الفقراء والموتى والمهجرين داخليا وخارجيا , والكل يسبّح بحمد ربه الذي يتصوره كما تمليه عليه رؤاه!!

إنها المخازي والمآسي وناعورالقواسي المقنعة بما تسميه دين!!

فهل سنرعوي ونستفيق ونمتلك شجاعة مواجهة النفس وإيقاظ الضمير؟!!