18 ديسمبر، 2024 9:48 م

العلاقة بين الدين والعقل 1/3

العلاقة بين الدين والعقل 1/3

هناك ثلاثة اتجاهات في كيفية التعامل مع الدين (أو عموم الإيمان)، فيما يتعلق بدور العقل في ذلك، أضفت إليها اتجاها رابعا، بعد تبلور ملامح المذهب الظني عندي في صيف 2007، والذي تجاوزته بعد أشهر إلى الإيمان العقلي اللاديني، وهو، أي المذهب الظني، ما يمكن اعتماده من قبل المؤمنين الدينيين الظنيين، أو العقليين-التأويليين-الظنيين، أو اللاأدريين الدينيين، أو كذلك من قبل المؤمنين التفكيكيين أي الإلهيين اللادينيين:

اتجاه يقول: لا علاقة للعقل بالدين، بل يجب الإيمان والتسليم بالدين بدون طرحه على العقل واستدلالاته، لأن قياس الدين على إدراكات العقل قد يؤدي إلى بعث الشبهات، ثم الانحراف عن العقيدة مما يعني الكفر. وهو اتجاه لا يمكن القبول به، لأن إلغاء دور العقل في هكذا قضية حساسة ومصيرية ومؤثرة ليس قرارا مرفوضا من وجهة نظر العقل وحده، بل هي مرفوضة أيضا من وجهة نظر الدين، على أقل تقدير في الإسلام، لاسيما على ضوء فهم المدرسة العقلية، فيما يطرحه الإسلام في قرآنه، بقطع النظر عن المفارقات ولعله التناقضات فيه، حيث يأمر الإنسان في العديد من نصوصه أن يُعمِل عقله، وينهاه عن الاتباع الأعمى لما يجده بين يديه من موروث ومشهور. لكن القرآن وقع في مفارقة، فمن جهة «لا إِكراهَ فِي الدّينِ»، ومن جهة «وَمَن يَّبتَغِ غَيرَ الإِسلامِ دينًا فَلَن يُّقبَلَ مِنهُ وَهوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الخاسِرينَ»، إضافة إلى ما يروى عن جعفر الصادق بأن الدين لا يدرك بالعقل، كما وهناك تحذير ينسب لعلي من التعمق في الدين.
اتجاه آخر يقول: كل ما في الدين يُطرَح على العقل، فما قبله العقل، يؤخذ به، وما لم يقبله العقل، يرفض ويهمل، فالعقل هو طريق التعرف على الدين في أصوله وفي فروعه، أي عقيدة وشريعة وأخلاقا، وهذا ما يعتمده المعتزلة. وقد يُشكِل الإمامية الذين يحصرون دور العقل في الأصول دون الفروع، على هذا الاتجاه كونه يشمل الشريعة، مما يعتبره الاتجاه الثالث ليس من اختصاص العقل، لأن الالتزام بها أمر تعبدي، بعد ثبوت صدق العقيدة التي تتفرع الشريعة عنها. وهذا ما نناقشه عند ذكر الاتجاه الثالث.