بين الطبيخ وبيننا علاقة أزلية… وفيما كان ملوك آل بوربون يزينون قصورهم بالنساء العاريات، كان خلفاء بني اميّة والعباس يزينونها بصور الفواكه والخرفان المحشوة. تلك الخرفان التي أكلناها حتى شابهناها !
كل نقطة تحول هامة في حياتنا مرتبطة بالطعام، ومنذ لحظة الولادة نٌستقبل بوليمة، وعند الختان وليمة… وفي الزواج وليمة… وعندما نموت نودع بوليمة تحضرها أرواحنا بالنيابة !
لا اجتماع إلا وينتهي بوليمة، ولا قرار إلا وتصاحبه وليمة، ولا صفقة فساد إلا وتعقد على وليمة
ميزة الوليمة إنها لا تفرق بين علية القوم عن سفلتهم أو ربما تكون على شرف أمير أو فقير أو حتى….
في المنزل مطبخ، وفي الصحافة مطبخ… وفي السياسة مطبخ… وفي الانتخابات مطبخ ولطالما تفتقت عبقرية المرشحين لعضوية نقابة أو جمعية أو برلمان أو مجلس محافظة عن فكرة تكاد تكون مشتركة محورها الوليمة وشعارها (اطعم الفم… تستحي العين) وعلى إيقاع الصحون تبدأ المنافسة لاستقطاب زبون ذواق يعرف طعم فمه، ويميز ما بين لحم الغنم ولحم العجل وتحتدم النقاشات بين الناخبين حول المضايف أيها الألذ طعاماً وشراباً ومن هو المرشح الأكثر كرماً في توزيع الهبات ومن المرشح الفائز بأطيب سمك مسكوف أو دجاج محشي، وأي المقبلات أشهى !
يفوز المرشحون الأكثر اهتماماً بالبطون ويلحسون وعودهم الانتخابية كما لحس الناخب أصابعه بعـد وجبـة دســمة !
هذا من الناحية الديمقراطية… أما من الناحية الرومانسية… فتهتم المرأة ببطن الرجل أكثر من أي شيء آخر على اعتبار إن البطن هي اقصر الطرق إلى القلب وما تبقى يأتي لاحقاً، وهكذا يختلط الغزل برائحة الطعام .
أما (برنامج المرشح ) فأن أكثر البرامج إثارة هي تلك التي تستغفل بسطاء الناس لايقاعهم في شرك المرشح الذي يجيد اللعبة السياسية فضلا عن اللعب على الحبال… وعموماً تكمن مشكلتنا كمواطنين… هو إن البطون غالبـــاً ما تمتلــئ لتبــقى العقـول فارغـة.