لم تشهد العلاقات العراقية الخليجية تقدما يمكن ان يكون علامة مميزة ، منذ عقود من الزمان، وبقي التوتر والاضطراب وشيوع معالم الخوف والقلق من العراق هو الطاغي على مسار تلك العلاقات ، حتى وان شهدت منتصف الثمانينات بعض حالات التحسن والانفراج، الا انها عادت الى اوج توترها مابعد احتلال العراق للكويت والحرب التي اعقبتها!!
وكل ماشهدناه من تلك العهود المضطربة عن العلاقات مع دول الخليج العربية مع العراق انها لم تكن تضمر الخير للعراق في أي وقت من الأوقات، وكانت المملكة العربية السعودية من اكثر الدول التي حاكت المؤامرات للعراق منذ الثمانينات واحتضنت شخصيات عراقية معارضة ، وعملت مع الادارات الامريكية المتعاقبة على حياكة ونسج ( مؤامرات ) مختلفة الاشكال والاغراض بتوافق غربي، لأن السعودية وما تمتلكه من ثروات نفطية ضخمة ومصالحها المتميزة مع العالم الغربي عموما والولايات المتحدة على وجه الخصوص كانت هي من تتحكم بالمشهد السياسي لدول المنطقة، وتتقاسع مع ايران دائرة النفوذ للاستحواذ على مقدرات هذه الدول، وهي لايروق لها ان ترى العراق يقوى على حسابها او يكون منافسا لها على الساحة الدولية، لهذا اتسع نطاق تآمرها عليه، حتى في أوج تطور تلك العلاقات في بعض المراحل منتصف الثمانينات!!
بل ان السعودية نفسها هي من حركت مطامع العراق انذاك لاحتلال الكويت وهي من راحت تنظم حملات دعائية في الصحافة الغربية عن قيام الكويت باستغلال ابار النفط على حدودها مع العراق للاستحواذ على ثروات العراق لكي تؤجج الفتنة بينهما وهي من اشاعت في الصحافة البريطانية ان للسعودية اراض في الكويت ومن حقها ان تطالب بتلك الاستحقاقات، يوم كانت الكويت على رغم صغرها عملاقا اقتصاديا قويا كانت السعودية ترى فيها ايضا انها يمكن ان تكون منافسا قويا لها، ولهذا عملت على تعكير الاجواء مع العراق، بل انه حتى المؤتمر الذي رعته السعودية لجمع كبار المسؤولين العراقيين والكويتيين قبل اندلاع الازمة في اب 1990 كانت السعودية تدفع العراق باتجاه تأزيم الاوضاع بين البلدين، فهي من جهة تحرض العراق على الكويت لاخذ استحقاقاته منها وتحرض الكويت على العراق بدواعي انه يريد ابتلاعها او على الاقل يريد اخضاع سياساتها له، على حساب علاقاتها التي كانت مميزة مع السعودية حسبما تحاول حكومة الرياض انذاك تصويره للرأي العام وللحكومة في الكويت!!
وما ان حدثت الازمة مع الكويت والحرب التي اعقبتها كانت السعودية محطة انطلاق العدوان ضد العراق وهي من حركت مصر والجامعة العربية على اتخاذ قرار شن الحرب العربية الدولية عليه، وكان وزير الخارجية السعودي السابق سعود الفيصل أحد اخطر الشخصيات التي عملت على تحطيم العراق، لكي يخرج ضعيف القوى ليس بمقدوره ان يقف على قدميه وكان للسعودية ما أرادت، حتى في حربي الخليج الاولى والثانية!!
بل انه وللتاريخ نقول ان السعودية هي من حرضت إيران على شن الحرب على العراق بداية الثمانينات وهي من سعت بالمقابل لتحريك ( عوامل الشر ) لتفعل فعلها بين العراق وايران لكي تصل الازمة السياسية بينهما حد الاحتراب، وحدث ماحدث!!
حتى في الازمة الحالية التي يشهدها العراق مع داعش كانت السعودية تدفع باتجاه ان تؤذي داعش العراق وتسيطر على مقدراته ، وبالرغم من كل المعاناة الانسانية الاليمة التي عاناها العراقيون فان السعودية لم تعلن عن استضافة أي واحد من ملايين العراقيين الذين عانوا ماعانوا من محنة التشرد كما ان دول الخليج الاخرى لم تستضيف هي الاخرى ولا عراقيا واحدا ولم تدعو أي عراقي لتضييفه على اراضيها بالرغم من المحنة القاسية التي واجهوها، ولم تسهم دول الخليج والسعودية على وجه الخصوص بأية وسيلة من وسائل الدعم المادي يلمسها العراقيون، كي يمكن ان يقال ان هذه الدول اسهمت بأي جهد لانقاذ اخوتهم العراقيين، وبقي شعب العراق الوحيد الذي يصارع الاقدار وحده في هذه المواجهة الأليمة، دون ان يرف جفن لدول الخليج في ان تشعر بالذنب الكبير الذي اقترفته تجاه اخوتهم العراقيين الذين دافعوا عنهم في السراء والضراء، وهم اخوة يوسف الذي القوه في اليم، وقالوا ان يوسف أكله الذئب..ونحن عنه غافلون!!