إن عالمنا يمر بتغييرات سريعة تقربه أكثر وأكثر نحو ما أطلق عليه بعض ب’القرية العالمية’ نتيجة التغير الحاصل في تقدم الاتصالات وسرع التواصل حيث لا تحتاج الا للضغط على زر بسيط ثم ترى ان المعلومة قد وصلت الى المقصد في رمشة عين او ثواني معدودة ، لقد كانت المجتمعات البشرية قديمًا قائمة على الانتقال والترحال في شكل قبائل وجماعات؛ وكانت البشرية تبحث بشكل دائم عن أماكن توفر الماء والطعام؛ لذا فلم تكن هناك بالنسبة لهم أراضٍ محددة أو ثابتة للاستقرارعليها والعيش فيها كما نشاهده اليوم، ولم تكن تلك العلاقات يوماً مستقرة، ففي أوقات كثيرة كانت تتسم بالسلم، وأوقات أخرى تشهد ظروفاً غير مستقرة وحروباً وثّقتها أحداث التاريخ حتى يومنا المعاصر وقد بدأت الحضارات القديمة لدى المصريين والإغريق في تشكيل ما أصبح يعرف الآن بالدولة؛ حيث أصبح هناك حكام يقومون بفرض القوانين وتعيين الموظفين لتطبيقها، بالإضافة إلى تكوين الجيوش لتتمكن من التصدي إلى أي عدوان.،
لقد عاشت الحضارات والشعوب أغلب حقب التاريخ في معزل عن بعضها البعض في حين قد صارت الآن تتعامل وجهًا لوجه على أساس متطلبات اليوم. ولكن للأسف، فإن التقدم الاجتماعي ونمو الحكمة والفهم لم يكونوا على قدم وساق مع هذا التطورات ولذلك نشاهد ان العلاقات العالمية ليست مكانًا سعيدًا يتمتع بالسلام ، و المنظومة الدولية هي عبارة عن مجموعة من الوحدات السياسية المستقلة حيث يجب ان تتفاعل هذه الوحدات فيما بينها بانتظام و من أجل أن تكون هناك منظومة دولية سليمة لابد من وجود مجموعة من الوحدات المستقلة تعمل جميعها وفق مبدأ الاعتماد المتبادل فيما بينها.
لقد حان الوقت الان لهذه المنظومة الدولية ان تتشاور فيما بينهم والتفكير في المستقبل لان الوعي والادراك اصبح اكثر نضجا في عالمنا اليوماً وضرورة التخلي عن التسيد و الحروب والازمات بالحوار، وتبنى العلاقات الدبلوماسية بين الدول ضمن إجراءات وقواعد محددة يلتزم بها الاطراف حيث يستمر العمل على بناء علاقات متينة متبادلة وتطوير المصالح المشتركة على الاصعدة المختلفة الاقتصادية والسياسية والإيديولوجية والقانونية والدبلوماسية ما بين تلك الدول أو منظمات الدول ومابين الطبقات الأساسية والقوى السياسية والاجتماعية والاقتصادية والحركات الشعبية التي تؤثر بوجودها على الساحة الدولية ، وتختلف العلاقات الدولية عن مفهوم السياسة الخارجية التي تمثلها القرارات التي تتخذ لتحقيق الأهداف الدولية الخارجية.
تقوم العلاقات الدولية على نوعين من أنواع السلوك، أحدهما الأفعال التي تتخذها الدول، مثل قيام إحدى الدول بغزو عسكري، أو اتخاذ قرار بمقاطعة اقتصادية تجاه إحدى البلدان، أو تحالف بين مجموعة من الدول. أما النوع الثاني من أنواع السلوك في العلاقات الدولية، فهو ردود الأفعال بين الدول على قضايا ومواقف معينة.
تتمتع الدبلوماسية بامتيازات حصانة دولية تمنع اي طرف التجاوز على أفراد الجانب الآخر لحماية الأشخاص العاملين وضرورة البحث عن استخدام الإمكانيات المتاحة في تطوير العلاقات بينهم ، وواجب هذه الدول الامتناع في علاقاتها عن التهديد باستعمال القوة أو استعمالها ضد السلامة الإقليمية أو الاستقلال السياسي لأي دولة أو على أي نحو آخر يتنافى مع مقاصد الأمم المتحدة ، ويشكل مثل هذا التهديد باستعمال القوة أو هذا الاستعمال لها انتهاكاً للقانون الدولي ولميثاق الأمم المتحدة، وتترتب عليه مسؤولية دولية.
تحاول “الدول الكبرى والعظمى” كما تسمى اتباع سياسات عديدة مثل سياسة فرق تسد في سياسة شد الأطراف وسياسة الإدارة بالأزمات؛ بهدف منع قيام وحدة بين تلك الدول والعمل على وجود توتر دائم في علاقاتها ببعضها البعض، وذلك بالرغم مما لديها من عوامل ومقومات مشترکة للاتفاق والوحدة. کما تهدف القوى العظمى والإقليمية إلى بقاء تلك الدول في حالة من الضعف، واستمرار حاجة تلك الدول سواء العربية أو الأفريقية إلى تلك القوى العظمى والإقليمية. السياسة لا تقف عند الشعوب وحقوقها كما أنها لا تقف عند المبادئ والقيم، إنما هي مصالح متبادلة بين الأطراف الحاكمة تتغير وفقًا لتغير الظروف، وهنا يبدو أن دول الشرق الأوسط تتجه نحو تصفير المشاكل فيما بينها دائما ولكن الشيطنة الاستكبارية تقف حائلة بين ذلك في ظل توالي الأزمات العالمية الكبيرة وتغير الظروف والأحوال، لكن لا يعلم ما إذا كانت هذه المصالحات السياسية كفيلة بأن تهدئ المنطقة المشتعلة منذ زمن بعيد.
الصراع السیاسی قد يتخذ صورة صراع عنیف، ويقصد به الحرب أو الصراع المسلح الذی تلجأ فیه الدول إلى العنف والقتال دفاعا عن مصالحها الحیویة، وقد أخذ صورة صراع غیر عنیف، وهذا یشمل کافة أشکال الصراع الأخرى بخلاف الحرب، بوسائل التنافس السلمی کالدیبلوماسیة بصورها المختلفة، وإجراءات القسر الدولیة الأخرى باستثناء الاستخدام الفعلي للعنف أو القوة المسلحة.
يضطلع بناء السلام بدور مهم في تعزيز الإستقرار الإجتماعي. فيعي العامِلون في المجال الإنساني التوترات التي قد تنشأ بين الدول والمجتمعات والتركيز على مقاربات بناء السلام التي تساعد البرامج التنموية والإنسانية على ضمان إسهامها في التماسك الاجتماعي بدلاً من مفاقمة النزاع عن غير المقصودة منها.
أما الحوارات الوطنية تستلزم بحكم التعريف، نقاشات واختلافات وطروحات متقاطعة وأفكاراً متنوعة وربما متناقضة. كما أن الانفراج السياسي يعني بالضرورة طرح قضايا سياسية ومشاغل عامة واستيعاب لكل الآراء والاتجاهات. ومن منظور عملي محض، لا يمكن القيام بأي انفتاح من دون مشاركة وتمثيل لكل القوى والتيارات، من دون استثناء. وبالفعل على الشمول المطلق بنص مكتوب يدعو بذاته إلى التفكير مليّاً وضرورة التأكد من صديقته. فما أسهل تطويع الشمول وتطبيق ‘عدم الاستثناء’ بانتقائية، استناداً إلى نصوص كثيرة حاكمة تُجرّم التعامل مع هذا الطرف أو ذاك الشخص، لأسباب قانونية ودواعٍ ‘وطنية’ أيضاً.