23 ديسمبر، 2024 7:58 م

العقيدة بين الإخلاص والمُوالاة

العقيدة بين الإخلاص والمُوالاة

لن يُدرك معنى خطر مُوالاة اليهود والنصارى،من لم يُدرك معنى الإخلاص لله في القول والعمل ويعيشهما إبتداءاً!!
من أجل ذلك لن أتكلم عن شروط وأركان لا إله إلا الله جميعها التي صنفها العلماء،ولكن سأتكلم بالتحديد عن أهمها في الحياة العملية،وفي حياة المسلمين،والتي بإدراكها يستطيع المسلم تحقيق باقي الشروط،لأنه بتغيبها عن حياة المسلمين حصل اﻹنفصال الروحي عن العقيدة،حتى عاش المسلمين إسلام بلا روح،أو إسلام شكلي لا يُلامس القلب،يرضاه لنا الكُفار من اليهود والنصارى ومن والاهم.  

وهذان الشرطان هما النسيجان اللذان يُسيجان لا اله الا الله محمد رسول الله بسياج الإسلام،فإن تحقق هذان الشرطان حفظ إسلام المرء من الشرك وصلح بهما العمل، ألا وهما:

الإخلاص والإيمان بحُرمة مُوالاة اليهود والنصارى.

 

(وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ۚ وَذَٰلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ )]البينة[5:

 

فمعنى التوحيد لن يتحقق عند المسلم حتى يستسلم المرء ﻷمر الله ونهيه طوعاً وكُرهاً،وحتى يتبرأ من الشرك ومُوالاة المشركين في القول والعمل ..

ولن ينضج معنى الولاء لله إلا بعد أن يقع الإخلاص في القلب,إيماناً ويقيناً،قبل تحصيله على الحياة العملية,فهو مادة التقوى,فالله سبحانه فرض علينا أن نتبرأ من المشركين(اليهود والنصارى)يوميأ في كل ركعة من فرائض الصلاة غير السنن والنوافل بقراءة سورة الفاتحة التي فيها تبرؤ واضح منهم ومن شركهم،ﻷنهم حادوا عن الطريق المستقيم في قوله تعالى

 

(اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ(6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ) ]الفاتحة[6-7:

 

 فالمغضوب عليهم اليهود،والضاليين هُم النصارى،حتى يعيش المسلم معنى الوحدانية إقراراً باللسان والقلب،وحتى يبقى يتذكر أن في مُوالاتهم مُخالفة صريحة لمعنى التوحيد الذي يُقر به، وحتى يبقى في حذر من شرهم وغدرهم,لانهم لن يرضوا عن المسلمين حتى يردوهم عن دينهم إن استطاعوا كما جاء في قوله تعالى في سورة البقرة

 

((وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ۗ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَىٰ ۗ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ۙ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ )] البقرة:120 [

 

وحتى لا يستهين المُسلم بمُوالاتهم جعل الله هناك سورة خاصة ابتدئت بالتبرؤ منهم,وممن والهُم،وهي سورة براءة,لذلك تعمد الله سبحانه عدم إبتدائها بالبسملة لأن الرحمة لا تجوز على المشركين ابتدائاً.

ونحن للأسف نُردد الأيات دون أن نفهمها،فنقع في المحظور,فلا حققنا الإخلاص,ولا فهمنا معنى الولاء والبراء,وبذلك أصبحنا أسوأ أمة لها دين لا تفهم منه إلا القشور,بعد أن كنا خير أمة أخرجت للناس وذاك عندما تم خلط المفاهيم,بتحريف الكلم عن موضعه زوراً وبهتاناً,بالتركيز على أهمية مُعاملة أهل الكتاب بالإحسان المطلق دون فرز الذمي,عن المُعاهد،عن المحارب، حتى ظن المسلمون أن هذه المعاملة تسقط على جميع أهل الكتاب بلا استثناء حتى مع من إحتل الأرض،وسلب الإرادة ،وحتى على من إستعبد وتحكم في ديار المسلمين،ودون تفسير لمعنى القسط وأن حسن المعاملة بالبر والقسط اليهم،باستثناء المحارب منهم لا تعني مُناصرتهم والعيش في جلبابهم

 

(لا ينهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ*إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) )]البينة:8[9-

 

إذاً بداية الطريق والتنوير،واﻹصلاح تبدأ باﻹخلاص,فبه يصلح العمل ويُقبل,فهو منبع التقوى وغذائها الدائم…

وبسقوطه من العمل تُحبط الأعمال،فهو نبتة اﻹيمان الأولى التي لا يصلح الزرع إلا بها،تُسقى باستحضار المراقبة من الله عز وجل في النفس،وعند العمل,تنمو مع المسلم حتى تُصبح السياج الذي يُسيج به عمله،فإن حسُن زرعها والعناية بها،تحققت الغاية الأولى من الإسلام،وهي تطهير العمل من أن يكون للشيطان فيه نصيب،لأن الشيطان يجري من إبن آدم مجرى الدم من العروق يسعى إلى إحباط أعماله من خلال الرياء والنفاق وإشراك غير الله في كل عمل يعمله،فإن تمكن من ذلك ضمن زعزعة التوحيد في نفسه،وإشراك مع المرء نفسه وهواها،حتى يُصبح المرء عبداً لهواه حينما يبتعد عن إستحضار مخافة الله في نفسه واستحضار رقابته سبحانه وتعالى، وبذلك يضمن عدم شعوره بالمسؤولية تجاه قضايا المسلمين..

فإن تغلب على الشيطان بالتقوى المُسيجة بالاخلاص صلُح عملُه وصلُح فهمُه للدين، وأصبح يُميز عدوه من صديقه،وأمن بعد ذلك الوقوع في غدر المشركين حتى لو أظهروا كامل وُدهم للمسلمين،فأصبح يسير على طريق الهدى عزيزاً كريماً وفق الضوابط الشرعية،وإلا تقطعت به السبل,وأصبح يهيمُ على وجهه في هذه الدنيا دون هُدى من الله, يُخضع الأمور لمصلحته لا للشرع ,لا يعلم مُحبه من عدوُه،مُتلون لا إلى هؤلاء,ولا إلى هؤلاء،كما هو حاصل الان بين أغلب المسلمين.

إذاً بهذين المعنيين يتحقق الطُهرين:

طُهر النفس بمُجاهدتها من الشرك الأصغر الخفي الذي يُحبط العمل بالرياء والنفاق والمن واﻷذى…

والطُهر من الشرك الأكبر بالتبرؤ من الشرك وأهله ومن والاهم…  

إذاً الإخلاص وعقيدة الولاء والبراء هُما اللبنة الأولى الذي بُني عليه هذا الدين الحنيف الأول

(أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ )] التوبة:109[

 

من هنا كان إبعاد المسلمين عن حقيقة عقيدتهم،وتغيبهم عن فهم القواعد والثوابت الاساسية للدين،هو السبب الرئيسي في التخبط الذي نعيشه,وبُعد الناس عن الدين,لأن العلم الديني اختُصر على معرفة أركان الإسلام دون التركيز على شروط قيام هذه الأركان,حتى أصبحنا نتعبد بأركان دون شروط لها,فلا تذوقنا طعم الإسلام،ولا أصبحنا قدوة يُقتدى بها.

وهذا ما يفسر غياب أكثر المسلمين عن عقيدة الولاء والبراء،التي فيها يتحقق الحُب والوُد والمُناصرة بين المؤمنين،والتبرؤ من الوُد والمُناصرة مع الكفار والمشركين،وحتى المنافقين ،لأن المنافق لا يؤمن شره بين المسلمين.

 

فالمسلمون أعزة على الكافرين أذلة على المؤمنين كما قال تعالى قال الله تعالى

 

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ ﴾ [المائدة: 54[

 

لذلك عندما أصبحت تُذكر بهذه الأصول والثوابت،تُنتقد وكأنك تتكلم عن شيئ جديد دخيل على الدين،أو أنه أمر مُستحدث لم يكن معلوم.

لقد غُيبت حقيقة الولاء والبراء من المشركين قصداً وعمداً,لأن المرحلة التي عشناها ونعيشها تتطلب تغييب هذ ا الأصل والمرور عنه مرور الكرام،فهذا زمن مُوالاتهم ووُدهم والوقوف بجانبهم,من أجل تنفيذ أجندتهم في المنطقة،وخاصة أن من يُوالونهم أخر همهم الإسلام وأهله…

فتم ذلك برعاية وعناية من علماء السلطان الذين غيبوا هذه الحقائق وركزوا للناس على التسامح,لكي لا ينتبه المسلمون لأهمية اﻹنقلاب على من يُوالي الكفار والمشركين،ولكي لا ينتبهوا لعدم جواز التسامح معهم وخاصة أنهم من خربوا ديار المسلمين حينما أعانوا عليهم بني يهود.

لذلك يجب على المسلم أن يحرص على عمله من الضياع أولاً,أو من أن يُحبط بإستهانته باﻹخلاص …ومن ثم يحذر على عقيدته من اﻹختراق الخارجي,حتى لا يخرج بالتهاون فيها من الإسلام وهو مستهين بما هو عند الله عظيم.

وهذا ما يُفسر حالة الضياع التي يعيشها المسلمون اليوم,فلا هُم أصابوا الإخلاص فصلُحت أعمالهم،وطُهرت من كل رجس،ولا هُم إستوعبوا خطورة مُوالاة اليهود والنصارى فتحققت الكرامة.

لذلك لو قيمنا حال المسلمين اليوم لوجدنا أنه بالرغم من أن كثيراً منهم يُقيمون الطاعات والعبادات،ورغم ذلك لم يحصلوا الحد اﻷدنى من ثمرات أعمالهم,لوضح هذا المعنى جلياً وهو عدم صلاح العمل،وعدم قبوله لبُعده عن الإخلاص الذي هو عمود التقوى وسياجها المتين…

وذلك عندما أصبحت الغاية من كل شيئ نعمله يخضع لموازيبن البشرومفاهيمهم البعيدة عن الدين لا لميزان الله…حرصاً على السُمعة…وحرصاً على الصيت….لكي لا يُزاود علي أحد…..لكي أقطع الطريق على من يتطفلون علي وحتى لا يُحقق وتُحقق فلان،وفلانة انتصار أكبر علي في أي مجال،أو أسعى أن أظهر أمام الناس  بأني من يُحسن التربية،حتى لا يقال عني أم فاشلة…وإني من يُحسن الحديث ليقال عني اجتماعية…أو أحاول إهمال الناس اثناء الحديث معهم أو لقائهم ﻷصنع لنفسي هيبة…وأعلم أولادي الحرص على إنتقاء الكلمات أمام الناس ليس تأدباً مع الله بل ﻷبحث عن عورات أولادهم…أو يسعى البعض للوصول إلى أعلى الدرجات العلمية ﻹستحضار الهيبة التي يسعى من خلالها أن يتكبر على الأخرين بعلمه،وبشهاداته ليُقال دكتور أو بروفسور أو مهندس أو طبيب أو يجمع المال…حرصاً على مظهره وشكله،وليتسابق بالأفضلية على من سواه …ثم بعد ذلك كله…يتفيهق كل أولئك بالقول بأن أهم شيئ رضا الله سبحانه وأن يتقبل الله العمل….وأن القناعة كنز لا يفنى سبحان الله .

وهل بقي لله شيئ من بعد كل هذه النوايا الدُنيوية المُغيبة عن إستحضار مراقبة الله؟؟

يعني أصبحت أعمال المرء مأسورة وتدور في دائرة الحرص والخوف من كلام الناس،وحرصاً على شكل الإنسان وموقعه بينهم ليس أكثر,وهذا مكمن الخطر،وهذه مصيدة الشيطان التي يضيع فيها العمل وهي الغفلة عن إخلاص النية لله في كل اﻷعمال واستحضار رضاه عند صغيرها وكبيرها,فيضيع العمل ويضيع معه الوقت الذي سيحاسب عليه كما قال تعالى

 

) قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا*الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا )]الكهف:103-104[

 

وحينها سيُغيب الهدف من الوجود في هذه الدنيا وهو خوض امتحان مُجاهدة النفس بكبح جماح الشهوة فيها،عندما تتعارض مع الدين وتُصبح معركة بين البشر يُحقق فيها القوي اﻹنتصار على الضعيف بكل مناحي الحياة

وهذا ما حصل ويحصل للأسف لأن هناك فرق في التربية,وفي طريقة نهج الحياة بين من يهدف منها إلى اﻷخذ باﻷسباب لنيل رضا الرحمن الرحيم للدخول في استقامة الحياة,وسلوك الطريق المستقيم,وبين من يسعى من نهجه في الحياة ومن تربيته ﻷولاده ليكون المختلف بين الناس وليحقق إنجازاً بعيداً عن تقوى الله…

تماماً كالفرق بين من يسعى من إعتنائه بوالديه لكسب البركة والثواب من الله في طاعتهما وبين من يسعى من اﻷعتناء بهما لكي يقطع الطريق على المزايدين.

لذلك أغلب الناس يُفاجأوا بضعف ثمرات أعمالهم,رغم الإقبال على الطاعات ورغم وصلهم للأرحام أو حتى رغم البر ورغم الصدقة,فتقف متأملاً في السبب لتجد بأن المعروف لا يحمل في معناه إلا القشور وأنه بعيداً كل البعد عن العمق الديني المطلوب،بل يخضع هذا المعروف في أغلب أحواله إلى الموروث الاجتماعي ليس أكثر…

لذلك عند الحصاد ليس هناك فرق بين كثير ممن يعملون المعروف وبين غيرهم من المتأخرين عن عمله,يعني العمل أصبح مُحبط في مهب الريح عند الجميع …

فيُدرك من يفهم معنى وحدانية الله…أنها الغفلة عن إستحضار النية لله أثناء العمل،حينما غفل المسلم عن تسييج عمله بإخلاص الوحدانية لله سبحانه فيضيع عنه أجرها وبركتها،وكأن هذا العمل جاء من منطلق تربوي دُنيوي بحت,بعيداً كل البُعد عن التربية الإسلامية الصحيحة التي تدعو إلى البر والصلة والإحسان بين الجيران والناس,حتى تتحقق الوحدانية لله بصدق من أجل الوصول إلى رضا الرحمن الرحيم ومن ثم الدخول في استقامة الحياة مما يتطلب عدم انتظار التقييم أو الاجر من البشر …

ومن هنا لو كان العمل خالصاً لله لما تحدث أحد بمعروفه…

ولما طالب واصل بالمكافأة على عمله لأنه يعلم أنه ليس الواصل بالمكافئ…

ولما انتظر ولد أن توزع مسؤولية والديه على إخوته بل كان من المُسارعين قبل غيره على برهما ليقينه أن لا توفيق إلا بهما…

ولما غمز ولمز انسان بحق عمل غيره احتقاراًوانتقاصاً…

ولما اقدم مسلم على عمل يبتغي به رضا الناس من أجل الناس أصلاً…

وإنما يتقرب إلى الله بالإحسان إلى الناس,لأن في الإحسان إليهم رضى الرحمن الرحيم…

إذاً نحن نعيش الفجوة الكبيرة بين الإسلام ومعانييه وإسقاطه على أرض الواقع تطبيقاً،وهذا السبب الرئيسي في عدم جني الثمار,لأن الزرع لم يكن على أرضية صلبة تقيم عود الزرع ،فأُحبط العمل ابتدائاً حتى كان السبب في سوء الخاتمة,ودخول النار كما جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم

(إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ،وَهُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ،وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ،وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ)رواه البخاري ومسلم.

من هنا مـَن لا يُدرك الإخلاص لله سبحانه وتعالى,لن يُدرك خطورة مُوالاة اليهود والنصارى,لأنه من لا يحرص على حُسن علاقته بالله في أعماله لن يفهم معنى الصد والدفاع عن شرع الله من شرك المشركين,ومن هنا يبرز معنى الحُب والبُغض في الله،فإن كان إيمان المرء لا يكتمل حتى يكون الرسول عليه الصلاة والسلام أحب إليه من ماله وولده،والناس أجمعين ليتعلم الإنسان أهمية اتباع سنته عليه الصلاة والسلام,كما جاء في قوله عليه الصلاة والسلام

(لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده،وولده،والناس أجمعين)

وكما جاء في قوله تعالى

(وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) ]الحشر:7[

فكيف بالمُشرع العظيم الذي هو سبب الرسالة وأصلها,والذي شرعه قائم أصلاً على الوفاء,بعدم إشراك غيره معه،أفلا يستحق سبحانه وتعالى أن ننتصر له ضد كل هؤلاء الأعداء الذين يعادونه عناداً وكفراً،وصداً عن سبيله!!

وكيف أقبل أن أمتثل لأمر حاكم لا يُطبق من الاسلام إلا القشور,وحتى لو طبق شرع الله في الظاهر وبث الأمن والأمان،وأغدق على شعبه ولكنه يُناصر في نفس الوقت اليهود والنصارى على حساب رضا الله سبحانه!!

فكيف يكون له حق المُوالاة على المسلمين وهو يُوالي أعداء الدين والله يقول 

 

(لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ۚ أُولَٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ ۖ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ۚ أُولَٰئِكَ حِزْبُ اللَّهِ ۚ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ )]المجادلة:22[

 

ومن تربى على الولاء للعشيرة أو العائلةأو البلد,كيف سيفهم أن هذا الولاء مُخالف للولاء والبراء؟؟

إذاً المسألة تحتاج الوقوف على سبب العلة  لكشف المرض ومُعالجته,ولن يتم إلا بسلامة الصدر،ومُجاهدة النفس،وكثرة الاقبال على الخيرات وذكر الله،والبُعد عن المعاصي والكبائر وإسقاط الحسابات البشرية من أي عمل يعمله المسلم,والإنقلاب على الموروثات الإجتماعية المُخالفة للدين

إذاً الإخلاص هو بداية الطريق المستقيم الذي يُنير القلب،ويحميه من الوقوع في غدر الشرك والمشركين،وهو السياج الذي يحمي الإنسان من الوقوع في الكبائر لأنه يستشعر به مراقبة الله عز وجل فيحميه من النفاق والكذب،ويفتح له نافذة على اليوم الأخر يستعد برؤيتها الوصول الى هذا اليوم بسلام,وهو الذي يجعل المسلم يُدرك خطر مُوالاة اليهود والنصارى وخطر ذلك على عقيدته ودينه,فيبقى متيقظاً منتبهاً لكل ما يُراد له والله أعلم.

 

[email protected]