7 أبريل، 2024 3:21 م
Search
Close this search box.

العقيدة العسكرية الغامضة…!

Facebook
Twitter
LinkedIn

الجيوش لا يمكنها أن تؤدي واجباتها المناطة بها من غير عقيدة عسكرية وطنية واضحة تؤمن بها وتقدسها وتقاتل من أجلها , وبدونها تعجز عن القيام بواجباتها الدفاعية أو الهجومية.
وهذا معروف منذ أولى الحضارات وحتى يومنا هذا , فالدول القوية التي تبسط نفوذها في الأرض لديها جيوش عقيدتها الوطن , الذي من واجبها الذود عن حياضه ومصالحه ومواطنيه , والحفاظ على أمنه وسلامة أبنائه.

والجميع يسمع مرار وتكرار عبارة المصالح الوطنية والأمن الوطني وسلامة المواطنين , من قادة الدول التي ترسل جيوشها للمهمات بأي مكان في الأرض.

نعم إنه الوطن والمصالح الوطنية , ولا شيئ يعلو عليهما في عرف الجيوش المهنية الوطنية , التي تصون سيادة الوطن وقيمة المواطن.

الدول بأسرها لكي تكون قوية لابد لها أن تبني جيشها على أسس ومعايير وقيم وأخلاق وثوابت وطنية , ولا توجد دولة ذات قوة وأمن وإستقرار وعزة وكرامة , وفيها جيش مبني على أسس طائفية ومذهبية وتحزبية وفئوية وتفريقية , لإن في ذلك تفريغ كامل لإرادة الصمود والتحدي , وتثبيط للعزيمة والقدرة على المجابهة والشعور بالإنتصار.

تأملوا الجيوش القوية من حولكم , في الدول التي تدّعي أنها دينية , ستجدون أن الجيش يتمتع بعقيدة وطنية عالية فوق الدين وكل شيئ آخر , كالمذهب والطائفة والعرق والفئة , وجيوشها تقاتل خارج بلادها دفاعا عن المصالح الوطنية بإبعاد الحرب عن أراضيها , ويتوهم الآخرون بأن جيوشها طائفية أو مذهبية وما إلى غير ذلك من الأوهام , وهي دول تعرف معنى القوة والسيادة الوطنية , وعندها عقيدة الوطن فوق جميع العقائد والأديان والأطياف والفئات والأحزاب والتعارضات.

فالمجتمعات الحية تعرف ذلك بالفطرة , ولهذا تجدها تتوحد أمام المخاطر , وتتنازل عما يفرقها وتتحول إلى عصبة واحدة ترفع رايات الوطن الموحد العزيز بتكاتف أبنائه , وجيوشها مهنية إحترافية ذات عقيدة وطنية لا تشوبها شائبة , وتنتمي للوطن وليس لشخص أو حزب أو فئة.

فلا يوجد جيش بعقيدة غير وطنية يستطيع أن يحقق إنجازا وطنيا وسياديا , لأنه جيش مهزوم في صميم ذاته وبلا معنويات.

والجيش الحقيقي إبن وطنه بالولادة , ولا يمكنه أن يرى غير ذلك ولا يستطيع أن يستوعب بأنه يقاتل إبن بلده , فالجيوش لم تولد لمقاتلة أبناء البلد الذي تنتمي إليه , وإنما للمحافظة على عزته وكرامته وسلامة جميع مواطنيه.

فهل وجدتم جيشا يقاتل أبناء بلده , إن الذي يقاتل أبناء وطنه ليس بجيش , وإنما عصابة ومليشيات بأدمغة محشوة بالسوء والبغضاء والكراهية , ومحقونة بأفكار سلبية لتحقيق مصالح الآخرين الطامعين بالبلاد وأهلها أجمعين , والقادرين على خداعهم وتضليلهم وإستخدام الدين للأخذ بهم إلى أتون الويلات.

فالجيش يُبنى بعقيدة وطنية مهنية لا تعرف التفريق والتمييز بين أبناء الوطن الواحد , الجيش دينه ومذهبه الوطن وعقيدته الوطن وحزبه الوطن ومرجعيته الوطن , فكيف تسمى القوات التي تدين بعقائد مذهبية وطائفية بالجيوش , ويُطلب منها أن تنتصر وتدافع عن الوطن , الذي تم إلغاءه من وعيها , وتحولت أشياء أخرى عجيبة غريبة إلى وطن لها , وكيف تلام على ما تفعله أمام التحديات المصيرية , وعقيدتها تعزز ذلك…؟!

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب