18 ديسمبر، 2024 9:20 م

العقولُ المخدَرة و سياسة التأويل‎

العقولُ المخدَرة و سياسة التأويل‎

إذا ما أردتَ أن تعيش بهدوء و سكينة فليس عليك أن تكون ساكتًا إزاء ما حولك فحسب ، وإنما لتحظى بها وتنعم برغد عيشها عليك أن تشيع ثقافة الصمتِ و التصميت ، وتغض الطرفَ بعيدًا عن ما يُثير فيك استغراب العقل أو يُلهب الشجون ، فالحياةُ هي الحياة و لامناص لتأخير عجلة السيارة كوننا مشغولين بأنفسنا في تسابق مع الزمن وفاتورة الطلبات مفتوحة ، لأن قولَك ما هذا ؟ إثارةٌ للفتن بل مجلبٌ للضوضاء التي ستعكر صفوَ نومنا.

دعنا نرفل بالسعادة التي لن تدوم طويلاً ، المهم أننا نعيشُ لحظتنا التي نحن فيها وحسب ، أما حديثك عن قانون الغاب و لمِّ الشتاتِ و رصِّ الصفوف و احتضار الأمم و دموع اليتامى و المستقبل الواعد فهي كلماتٌ ستجرُ علينا الويلات .

مصائبنا باتت رفيقة دربنا بعد أن عزفتْ عن استقبال ضيوف التغييرومرفقات مشاريع الإصلاح ،  و الدين أضحى حبيس أنفاسه بين سجادة المتخشِّغ نهارًا و دموعِ المتهجِّد سحرًا ، وليس مهمًا ما كان ورائي وما سيأتي المهم أني أنعم بجنة عدنٍ في جواري ، وليس مهمًا أن تُداسُ حضارتي وتُنتهك ثقافتي و تميَّعُ هويتي و تُغتالُ ذاتي و تُحملُ جنازةُ أفكاري وانتظرُ دوري في طابور الرقيق ؛ لأنهم وعدوني بجناتِ الخلد أمضي بها شطر حياتي .

ومادامَ للتأويلِ فنٌ ضرب بأطنابه جذور التفكير فلن نحمل همَ مخاوف المستقبل بعد اليوم ، ولو داهمنا على حين غفلةٍ ما حذرونا منه المصلحون ، فما من إشكالٍ إلا وله حلٌ ، فالباطلُ يمكن أن نصيرَه حقًا في ظلِّ ( التأويل ) ، والوطنُ وأن مزقتْ حدودَه أيدي الضباع وهوتْ صهوته تحت آلام الجياع وسُحقت أضلاعه على سفوح قصور الرعاع نم قرير العين ياشعبُ باطمئنان فالعراق بخير تحرسه ملائكة الرحمن ، ، والسلامُ يرفل في بلادي فقد لم شملنا وتناثرت أشلاؤه في مناهج التدريس لأجل توحيد الكلمة في يوم دفن جنازتها ، فلا تعبأ بما يقولون ، وليس الحق بأن يكون ذا عنوانٍ واضحٍ فيُتَّبع ، إنما الحق ما قال فلان ويقوله فلان ودون ذلك خلاف الإيمان .

في ظلِّ سياسة ( فن التأويل ) التي فاقت سياسة ( فن الممكن ) زورًا و خداعًا و تسطيحًا للوعي أضحى الحقُ مُنتظِرٌ مَن يتَّبعه بعدما صودرتْ كلمتُه واغتيل في وضح النهار ، فالحقيقةُ ها هنا يهددها الانقراض لتلتحق بـ( الماموث ) ، وأيُّ شيءٍ من الممكن أن لايكون شيئًا في ظلِّ تأويلِ المتأوِّلين ، وهي أقرب ما تكون من مقولة ( الأيمان ببعض و الكفر ببعض ) أو منطق ( أن تأخذ من هذا ضغث و من هذا ضغث ) وها هنا تُغتال الحقيقةُ ويعود الإسلامُ غريبًا ، وفي نهاية المطاف تسير السفينة نحو مرفأ الأمان و لامن سائس أو مسوس و لا من راكبٍ أو قبطان تلك هي حكايةُ عراقُ الأديان .