23 ديسمبر، 2024 9:33 ص

اعادة سيادة العراق مسؤولية كبيرة لا مفر منها, وهي تقع على عاتق الحكومة وقواها الوطنية والديمقراطية. والعملية برمتها مرهونة بالدرجة الاولى بالحد من التدخلات الخارجية في شؤون العراق من جانب, وباعادة الاستقرار السياسي و الامن الاجتماعي من جانب اخر.

العراق الان امام تحديات ومخاطر جمة, لا يمكن غض النظر عنها, بل ولابد من مواجهتها حكومة وشعبا, وهذا يتطلب توحيد الجهود السياسية والامنية والعسكرية على مستوى الحكومة الفيدرالية واقليم كوردستان معا.

في بيانه الرسمي عشية الهجوم الصاروخي على قاعدة التحالف الدولي في اربيل, أشار السيد نيجيرفان البارزاني رئيس اقليم كوردستان على ان مجموعة تخريبية قامت بالهجوم واعده اعتداءا على شعب اقليم كوردستان وحلفائه في محاربة الارهاب, كما اكد سيادته وبصراحة تامة بان “الذين ينفذون الهجمات التخريبية أعداء للعراق كله، ويجب على جميع القوات العراقية أن تواجههم بيد واحدة وتقديمهم للقانون”.

وبما ان كل من الاجهزة الامنية والعسكرية في العراق واقليم كوردستان قوي قانونية تنضوي تحت راية منظومة الدفاع العراقية, فلا حرج, بل لا ومن الواجب ان تلم شملها وتجمع قواها البشرية واللوجستية والمخابراتية في عملية التصدي لهذه العقلية وقطع دابر الارهاب والتخريب في كافة انحاء البلد.

ولذلك حث السيد رئيس اقليم كوردستان الجميع على التكاتف والتضامن والعمل المشترك من اجل التصدي لهؤلاء المرتزقة قائلا “نرى أنه يجب على كافة القوى الأمنية في إقليم كوردستان والعراق، قوات البيشمركة والجيش العراقي والحشد الشعبي، أن توحد جهودها لمنع أي عمل تخريبي تقدم عليه المجاميع الفوضوية والتخريبية جميعاً”.

الموقف الوطني هذا لسيادته نابع من ايمانه العميق بضرورة تجسيد مباديء وقيم التعايش السلمي بين مكونات واطياف العراق كافة وتثمين تضحيات الجميع الذين قدموا الغالي والنفيس من اجل احلال الامن والاستقرار وابعاد شر الارهاب وايادي التخريب عن العراق واقليم كوردستان واهلها, مؤكدا على وجوب “أن تكون تضحيات البيشمركة وجميع القوات العراقية وقوات التحالف حافزاً يدفعنا إلى حماية أمن واستقرار العراق عموما وكل سفارات وممثليات العالم في العراق”.

كثيرا ما نسمع بأن السلاح المنفلت بأيدي مجموعات خارجة عن القانون هو احدى المخاطر التي تهدد العراق, لكن في الواقع الخطر الاكبر ليس السلاح المنفلت, بل هو العقل المنفلت الذي يدير المجموعات هذه واصبح تهديدا على حاضر ومستقبل السلم و التعايش والامن في البلد.

اذن مواجهة هذه العقلية المنفلتة التي بات خطرا جديا على العملية السياسية وتهديدا على جميع مكونات العراق دون الاخر, سواء كان عربيا او كورديا, مسلما (شيعيا – سنيا) كان أم مسيحيا وازديا, بحاجة الى التنسيق الامني والتكاتف الجماهيري بين الحكومة الفيدرالية واقليم كوردستان. والا هذه العقلية المريضة المخربة ستؤدي بالعراق الى الهاوية والتهلكة, حينئذ لايسعف قول الشاعر احدا:
إذا كُنتَ في كُلِّ الأمورِ مُعاتِباً صَديقُكَ لَمْ تَلقَ الذى لا تُعاتِبُه