لا فرق بين ما يحصل في بعض بلدان الأمة وما جرى في الهند عندما كانت محتلة , لو قارنتم أحداث الهند أبان الإحتلال وما يجري في بلدان الأمة المفجوعة بأنظمة حكمها فلن تجدوا فرقا , بل تماثلا في السلوك وإن إختلفت الأساليب.
وهذا دليل على أنها مستعمرات لقوى إقليمة وعالمية متكافلة المصالح.
فدول الأمة يحكمها سفراء الدول المشاركة بإستعمارها , فالإستعمار المعاصر متعدد الأطراف , وتتعاون القوى على فرائسها , كما تفعل الأسود التي تحاوط أهدافها في الغاب.
والعجيب في أمر الدول المُستعمَرة أنها لا تتعلم , ولا تستحضر التجارب وتستعبر منها , وإنما تعيد الكرة وتمضي في ذات السكة التي مرت عليها أنظمة حكمها السابقة.
ويبدو أن التعلم ممنوع , لأن دوامة اللاحق يمحق السابق تسود , وتتأكد في فترات الحكم المتعاقبة , مما يؤمّن العماء السياسي ويفرض الأمية التفاعلية مع الأحداث والتطورات , ويحوّل الكراسي إلى دمى وتوابع للطامعين بالبلاد والعباد.
وهيهات أن تستفيق الدول من غفلتها , وتتبصر طريقها , وتعزز حاضرها وتتطلع لمستقبلها , لأن المستعمرين يؤهلونها للتفاعلات القهقرية , والإندحارات المأساوية , ويمتطون عقائدها وما يحركها لتوجيهها نحو أهدافهم المرسومة , فيحققون مشاريعهم وبرامجهم بطاقات الهدف وعناصره المغفلة المندفعة ببسالة نحو حتفها المعلوم.
إن وعي حقيقة الواقع الذي تعيشه بعض دول الأمة بدرجات متفاوتة , ما بين التبرقع والإسفار , يساهم في تحديد أساليب المواجهة وتطهير النواهي من الأضاليل والخداعات , والدجل المؤدين اللازم للتنويم والتدمير والتعتيم.
فهل لدينا القدرة على الفرز والتمحيص وتعبيد دروب المستقبل الآمن السعيد؟
إن الإجابة تحملها أجيالٌ ذات وعي منير!!