17 أبريل، 2024 3:27 ص
Search
Close this search box.

العقدة في فم المنشار

Facebook
Twitter
LinkedIn

بلسان عبدالمهدي الكربلائي انتقد علي السيستاني البرلمانيين على تشريعهم قانون التقاعد، مطالباً من أسماهم بالناخبين بأن يحجموا عن انتخاب من لا يتعهد مسبقاً بإلغاء الامتيازات الخاصة بالبرلمانيين التي تضمنها القانون.

قبل كل شيء لا يسعنا صرف النظر عن حقيقة هذا الانتقاد الذي يبدو أقرب إلى الخطاب الملتوي ذي الرسالة المزدوجة، حيث الرسالة المسكوت عنها لفظياً، والحاضرة إيحائياً بقوة هي الرسالة الحقيقية، وهنا يكون الدفع إلى صناديق الاقتراع هو الرسالة الحقيقية. ولعلكم تتفقون معي بأن هاجس الخوف، والشعور العظيم بالقلق من احجام الناس عن الانتخابات، والإطاحة بالتالي بالعملية السياسية الفاشلة سلفاً يعشعش في رؤوس أقطاب الظاهرة السيستانية عموماً، بحيث لا يحتاج لأكثر من الإشارة إليه.

وبالنسبة لنفس خطاب الانتقاد لا أظن المتابع منكم قد فاتته ملاحظة أنه كخطاب يقع في السياق ذاته الذي يُنتج عادة الخطابات المنسوبة للكائن الخرافي المدعو علي السيستاني. فالعادة جرت أن لا يصدر شيء منسوب للسيستاني إلا في لحظات الشعور بالخطر على مستقبل المشروع السياسي الذي رهنت السيستانية وجودها به. وليس من شك في أن تجاهل البرلمانيين وبهذه الطريقة المستهترة لمطاليب الشعب يمثل مبرراً قوياً لمقاطعة العملية السياسية التي أنتجت وتنتج حتماً أوغاداً كهؤلاء.

لكن هنا مسألة خطيرة لابد من إثارتها تتمثل بتهديد السيستاني بعدم انتخاب من لا يتعهد بإلغاء إمتيازات البرلمانيين التي وصفها بأنها “غير منطقية”. فإذا تغاضينا عن سخافة هذا التهديد الذي علق الموضوع على حبل الوعود التي لا يجيد البرلمانيون شيئاً كما يجيدونها، فإننا لا يمكن، وليس من الصحيح أبداً أن نفرط بالفرصة الذهبية التي وفرها لنا التهديد المعلق على حبل الوعود، دون قصد من صاحبه.

الآن يمكننا أن نستعيض عن تفاهة التهديد باقتناص الأفكار والنتائج التي يمكن أن تبنى عليه، وكما يلي:

1- إذا خضع البرلمانيون لتهديد السيستاني الخارج من فم عبدالمهدي الكربلائي سيثبت بما لا يدع مجالاً للبس بأنهم – أي البرلمانيين – لا يحسبون للشعب أي حساب، فما يهمهم حقاً هو مصالحهم الشخصية التي يعلمون جيداً إنها ستكون مهددة في الحالة التي يكون خصمهم فيها هو السيستاني، بعكس الحالة التي يكون الخصم فيها الشعب.

2- سيثبت تماماً أن البرلمانيين يؤمنون بأن العملية السياسية برمتها، وبما في ذلك شخوصها، هي لعبة المؤسسة الدينية السيستانية، وهي الوحيدة القادرة على التحكم فيها، بعكس الشعب الذي ينحصر دوره بكونه أداة تنفيذية بيد المؤسسة الدينية السيستانية تحركه بما يناسب تحقيق أهدافها الذاتية.

3- سيثبت أخيراً أن الشعب سجين مؤامرة كبيرة تديرها المؤسسة الدينية السيستانية عليه أن يطيح بها ويغادر أسوارها.

لا بأس أخيراً من الوقوف عند وصف المرجعية لنفسها بأنها “الممثلة للشعب” ومطالبتها بتقديم الدليل على هذا الادعاء، فهل جرت انتخابات مثلاً اختار الشعب فيها علي السيستاني ليمثله؟ وإذا كانت المرجعية هي “الممثلة للشعب” فما حاجة الشعب لانتخاب برلمانيين لا يضارعهم لصوص علي بابا الأربعين؟

لا أدري حقاً متى تكف هذه المؤسسة المخادعة عن ادعاءاتها الكاذبة، ولا أدري حقاً ما هي العلة العميقة التي عز عليّ اصطيادها التي تدفع الناس للتمسك بهذه المؤسسة؟؟

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب