22 ديسمبر، 2024 11:07 م

من أخطر أسباب فظائع السلوك البشري هي العقائد , أيا كان نوعها (دينية أو دنيوية) , فما أن يكون منطق السلوك عقائدي , فأنه سيتميز بالبشاعة والعدوانية السافرة , ذلك أن العقائد تحرر الفاعل من المسؤولية الأخلاقية وإرادة الضمير , وتجعله يقتنع بأنه بريئ وينفذ ما تمليه عليه العقيدة التي يؤمن بها.
ولهذا تجد النسبة العظمى من البشر الذي قتل كان بسبب العقائد الدينية والحزبية.
وفي واقعنا تفاعلت الأحزاب بشراسة وعدوانية مرعبة , وأصيب الناس بالويلات الجسام , التي أقدم عليها إبن الوطن ضد إبن الوطن , وفقا لمناهج العقائد الفاعلة فيه.
هذه العقائد تبني سلوك معتنقيها , على الكراهية والعدوانية , وتثقف الأجيال تباعا على ذلك , وتختلق قصصا وروايات ذات إنفعالية عالية وإنتقامية فائقة , تؤهل المغفلين للقيام بالبشائع المرعبة.
والعجيب بالبشر أنّه ميال للتبعية والإنتمائية لحالة ما لكي يتوهم ببعض الأمان , فتراه يعتنق آراء مستعبديه ويقدسها , مع أن التفاسير والفتاوى وما يتصل بهما , عبارة عن آراء أشخاص إجتهدوا وفقا لما لديهم من معارف , ولا يمكن لرأي ان يبلغ درجة الإطلاقية , وإنما هو نسبي في صوابيته , وربما يحمل أغراضا دفينة , توجهها إرادة النفس الأمارة بالسوء .
فلماذا لا يستعمل البشر عقله ويتفكر ويتدبر؟
لماذا يخنع ويتبع ويتوهم بأنه يمارس الدين , لأنه يقلد شخصا ما يطلق آراءه المحققة لرغباته , فهل وجدتم رأيا يبحث عن الحقيقة , ويتقاطع مع مصالح صاحبه.
البشر لا يفكر , لأن السورة الإنفعالية بمعززاتها ومديماتها تؤثر على مداركه , وتحجب عنه الحقائق وتدفعه إلى الأضاليل والأباطيل , فيصدقها وينطلق منها إلى حيث يريد المستعبدون له.
وفي هذا المضطرب التضليلي يختلط حابلها بنابلها , وتتحول الأيام إلى مستنقع تتعفن في قيعانه , أسباب الحياة والألفة والأخوة وتموت الشعوب والأوطان.
وكل حزب بما لديهم فرحون…
وسعيد من إكتفى بغيره….
وقل مات العقل يا أمة يعقلون!!