19 ديسمبر، 2024 12:59 ص

العقائد بأنواعها تعبيرات تضليلية لقتل الآخر , فأتباع العقائد يحسبون أن ما يعتقدونه هو الحقيقة , وأي مخلوق آخر لا يعتقد بما يعتقدونه , يكون عدوا ويمكن قتله وتطهير الدنيا من وجوده الآثم.
فلا توجد عقيدة تقر بوجود عقيدة غيرها وبدورها وضرورتها , وإنما هي في تصارع وتحارب وتآمر وإنقضاض على بعضها البعض.
وقد عاش القرن العشرون صراعا مريرا ما بين العقيدة الإشتراكية والرأسمالية , ولا نزال نعيش على هوامشها التصارعية ومنطلقاتها التفاعلية.
أما العقائد الدينية فأنها من أقوى الدوافع للقيام بأبشع الجرائم ضد الإنسانية , لأن السلوك الإجرامي يتحول إلى طقس تعبدي تعبيري عن إرادة الرب الذي يؤمن به أصحاب العقيدة.
ولهذا فأن أشد الحروب وأفظع الجرائم في تأريخ البشرية تحققت وفقا لإرادات العقائد الدينية , فالطبع البشري عدواني أناني إستحواذي إستبدادي , وليس من السهل تهذيبه وتطويعه وتحويله إلى حالة ذات قيمة سلوكية إجتماعية متوافقة أو متكاملة.
وما نعيشه في عصرنا الحالي برغم ما يشوبه من صراعات وويلات وتداعيات عدوانية وإجرامية , فأنه يعتبر من أرقى عصور البشرية على مر الأزمان.
فالتوحش البشري هو القانون السائد والحاكم للسلوك عبر الأجيال في جميع الأمم والشعوب , وما تمكن دين من لجم العدوانية والوحشية البشرية , بل أن معظم الأديان تحقق إمتطاؤها للتعبير عن العدوانية القاسية والتوحش الرهيب الذي أصاب المجتمعات وكلف البشرية خسائر مروعة ولا يزال فعالا , وقد توفرت له الآلات والوسائل المتطورة التي تتسبب بأضرار جسيمة وعظيمة.
وعندما نتحدث عن المحبة والألفة والتسامح ما بين البشر المتنوع المعتقدات , فاننا نسبح في سرابات ونأتي بهذيانات , فلا يمكن السيطرة على السلوك البشري العدواني الكامن فيه إلا بدساتير أصيلة فعالة وقوانين صارمة لا تعرف الهوادة.
أي أن الوسيلة الوحيدة لتهذيب السلوك البشري هي القوة بأنواعها وتمثلاتها.
القوة الدستورية والقانونية والعسكرية والبوليسية والأمنية , هذه هي الروادع الأكبر تأثيرا وفعالية , أما الأديان والمعتقدات الأخرى فأنها تطلق العدوانية وتجسمها , وتمنحها معاني إيمانية وإنتمائية تدفع إلى مزيد من الحماقات الدامية , المسوغة بتأويلات وتفسيرات وتخريجات وفتاوى إجرامية ذات قناع أعتقادي خدّاع!!