مناهج الكراسي عجيبة غريبة لكنها متصلة بخيط يزداد فتلا وقتلا بآليات غابية ذات طباع متوحشة ونوازع فتاكة متأشرسة!!
فأكثرها يعضعض من (العض) , والعض من صفات الكلاب التي يزداد سلوكها عندما تصاب بداء الكلب المعروف , والكراسي تصاب بداء الكرسي الذي لا يختلف في أعراضه ونتائجه عن داء الكلب , فالكلاب تنكلب والكراسي كذلك.
والفرق بين السلوكين أن الذي يعضه كلب مكلوب يمكن معالجته بالحقن الواقية التي تزرق في بطنه , أما الذي يعضه كرسي مكلوب فأنه ينتهي في غياهب النسيان ومعتقلات العذاب والإمتهان , وتنهشه الكلاب المسعورة المدرية على أكل البشر الإنسان.
وقد شاعت الكراسي المكلوبة في الزمن الديمقراطي المكلوب , فأذاقت الشعوب مرارات الحياة وفتكت بالعباد والبلاد , فصار الدمار هدفها والخراب غايتها , وتشريد الناس وتهجيرهم أسلوبها في الحكم والتحكم بالمصير , ومعاداتها لحقوق الإنسان وقيمته وكرامته من مبادئها وجواهر عقائدها الظلامية المؤطرة بالبهتان والملونة بالغلو والإمتهان.
وبعد أن تتعب من العض وتدويخ الشعب , يتحول الناس في نظرها إلى حالة سائلة أو شراب غير مستساغ , تتمضمض به وتبصقه فوق رمضاء الخيبات والتداعيات والقهر بالآهات والحسرات , فالكراسي المتأكلبة على شعوبها , بعد أن تتعب من عضعضتهم , تتمضمض بهم!!
وأن يصل حال شعب من الشعوب إلى مصير المضمضمة , إنما يعني إلغاء وجوده ودوره وقيمته وتحويله إلى شيئ من الأشياء , التي لا تصلح إلا لغسل أفواه الكلاب اللاغبة بالدماء والأشلاء , والتمتع بلذة السطوة والحكم بالخوف ونشر الرعب والبلاء.
وبين العضعضة والمضمضة علاقة إمتهان وهوان وإذلال ومصادرة للوجود الوطني والإنساني , فحالما ينكلب الكرسي , تتحول الموجودات من حوله إلى أهداف جاهزة للإفتراس والإحتراس , ولا بد من إطلاق أعتى قدرات العدوانية عليها , وإنشاب حِراب الضغينة والبغضاء في نحورها , والإجتهاد في تسويغ ما يعزز الفتك بها ومحقها.
وعندما تنتقل الكراسي إلى سلوك المضمضة , فأن ذلك يعني أنها أعدّت العدة لحفلات جديدة وبإخراج مغاير ومخادع لتأمين مواصلة مهرجانات العضعضة بأنياب أخرى , ربما تكون أطول وأنبل وأقدر على الإنغراز الأليم في بدن الفرائس الجماهيرية , التابعة المذعنة لأصوات تملكتها وإستعبدتها بالتمام وأخذتها ضحايا ونذور بملئ إرادتها , لتجزر في معابد الكراسي ذات المقامات السلطوية الفتاكة!!
فهل ستمضي الحياة بين عضعضة ومضمضة , أم أن الشعوب عليها أن تستنهض كرامتها وتوقظ جوهرها الإنساني , وتعلن الثورة على الوحوش المسيسة؟!!