العشق الريفي الممنوع -1

العشق الريفي الممنوع -1

الجزء الاول
كانت هناك قرية صغيرة تبعد عن المدينة عشرات الكيلومترات، تقع على سفوح التلال المجاورة لها، وتجد مياه الأمطار في الشتاء والربيع تجري في تلك الوديان التي تحيط بها…..
في هذه القرية كان هناك شاب اسمه عبد الحق، وينادونه أبناء قريته بلقب عبود. أنهى دراسته الابتدائية في المدرسة الموجودة في قريته، وتعلم القراءة والكتابة فيها، وها هو الآن في مرحلة الدراسة المتوسطة. كان من الأشخاص الذين يحبون الشعر والأدب ويجيدون كتابة القصة والقصيدة، يحمل في داخله قلبًا نقيًا صادقًا، ويساعد والده في أمور الزراعة. وبعد اجتيازه مرحلة الدراسة المتوسطة، قرر والده أن يقوم بتسجيله في معهد إعداد المعلمين الموجود في المدينة، حيث تكون الدراسة فيه لمدة خمس سنوات يتخرج بعدها كمعلم مدرسة ابتدائية خاصة وان عمه كان من المسؤولين المحليين في الدولة…
وكانت هذه الوظيفة عند أبناء تلك القرية تعتبر من الوظائف المرموقة التي يحلم بها أغلب شباب القرية.
مضت أربع سنوات على تواجده في ذلك المعهد، وما إن بدأت السنة الخامسة حتى كانت سنة تطبيقية يقوم فيها الطالب بالتدريس في أقرب مدرسة له للتهيؤ لحالته الوظيفية بعد التخرج. وكان من نصيب الأستاذ عبود أن يقوم بالفترة التطبيقية داخل المدرسة الابتدائية في قريته، والتي صادف أيضًا مع تلك الفترة نقل معلمة جديدة إليها جاءت من المدينة، اسمها الست لمى. وكانت تحمل في صفاتها طابع الحياة المدنية بدءًا من ثوبها الأنيق ولهجتها الناعمة المختلفة كثيرًا عن تلك اللهجات المتعارف عليها في تلك القرى. ورغم أن الأستاذ عبود كان يعتبر ما زال طالبًا، إلا أنه له الحق أيضًا في الجلوس داخل إدارة المدرسة، وبما أنه من أهالي القرية فكان يقدم واجبات الضيافة التي يحضرها أحد أفراد أسرته من منزله القريب إلى المدرسة. وشيئًا فشيئًا تعارف الأستاذ عبد الحق عبد الله خلف الجبوري على الست لمى بسمان سمير النجار، وأصبحت شغله الشاغل، وقد دخلت في عالم أفكاره وأصبح يخلق الحجج الواهية حتى يلتقي بها دومًا داخل الإدارة. وبالمقابل، هذا ما جلب انتباهها أيضًا، وكانا يتقابلان بابتسامة لطيفة يوميًا، وكانت تقرأ في عينيه حكاية لم تعرف تفاصيل مضمونها بعد. وفي أحد الأيام قام والد الأستاذ عبود بدعوة كافة الكادر التعليمي إلى منزله الطيني البسيط على وجبة غداء بعد انتهاء الدوام الرسمي.
لم تكن تلك الدعوة بالنسبة للمعلمة لمى سوى اطلاعها على ذلك الواقع الفلاحي الذي لا تعرف عنه شيئًا لولا عملها الوظيفي الذي أتى بها إلى هذه القرية. مرت سنة كاملة وانتهت فترة التطبيق للطالب عبود، وتم نقل الست لمى إلى مدرسة أخرى داخل المدينة. وبعد تخرج الأستاذ عبد الحق صدر الكتاب بتعيينه في نفس المدرسة، وذلك لظروف إنسانية وقرب سكنه هناك ولحاجة هذه المدرسة له. أما الست لمى فقد عادت إلى حياتها الطبيعية مع المدينة وشوارعها ومعالمها الحضرية، مع وجود مشاعر خاصة تتملكها وسؤال أين أصبح زميلها الأستاذ عبد الحق أو عبود، وهل ما زالت ضمن أفكاره وخططه المستقبلية أم أنها مجرد نزوة عاطفية وقتية انتهت في حينها؟ إنها لا تعرف أن قلب ذلك المعلم أصبح متعلقًا بها رغم أنه لم يخبرها بحبه لها، لأنه لا يستطيع ذلك ظنًا منه أنه لا يليق بها كونه ابن فلاح قروي وهي ابنة مدينة ومن الطبقات الإقطاعية الموجودة في المدينة. ولكنه في المقابل لا يستطيع نسيانها ولا يستطيع أن يقوم بالبحث عنها لأن هذا يعتبر في المجتمعات الريفية شيئًا معيبًا، وربما يواجه بعض الصعوبات أو الانتقادات من قبل زملائه المعلمين. مرت سبعة سنوات حتى استطاع الأستاذ عبد الحق أن يحصل على وظيفة عليا داخل المديرية العامة للتربية في تلك المدينة، كون أحد أعمامه كان من الأشخاص أصحاب النفوذ في الدولة ويرأس في حينها الاتحاد العام للجمعيات الفلاحية. وشيئًا فشيئًا وبالتدريج أصبح المدير العام لها وأصبحت شهرته معروفة. وفي إحدى الليالي وبينما كان مشغولًا بأحد الاجتماعات، همس بأذنه السكرتير الخاص به أن هناك معلمة اسمها الست لمى تطلب مقابلته. حاول أن يعيد أوراقه وأفكاره المختلطة وأن يتذكر هذا الاسم جيدًا، إلا أن رنة جهاز الهاتف والاتصال الذي تكلم معه محافظ المدينة وطلبه باجتماع عاجل قد أنساه اللقاء بها.