لا يخفى على احد اليوم ان اغلب المشاكل والخلافات الموجودة في محاكم الدولة اسبابها يكون اما في اهمال العائلة لأبنائها بالتسيب في الشوارع وعدم محاسبتهم او عدم تعليم ابنائهم ما هو الصح وما هو الخطأ..
اننا اليوم نعاني من جيل جديد اصبح همه الوحيد الشهرة والتفاخر امام الناس حتى وان كان هذا الشيء احيانا على حساب حياته او حياة الناس الاخرين..
اننا اليوم نعاني من نقص واضح في التربية الاسرية وهذا ما ينعكس على الشارع والاماكن العامة وخاصة موضوع سياقة السيارات من قبل الشباب الطائش والمتهور والذي مع الاسف الشديد اصبح له تأثير وضحايا ابرياء يعادل ضحايا الحروب نفسها..
وهنا يجب علينا جميعا ان نوجه ابنائنا بذلك وان نعلمهم بان السيارة التي يركبون بها هي نعمة من نعم الله وهي واسطة للنقل فقط وليس للمفاخرة والتباهي وان ثمنها لم يأتي ببساطة او من فراغ وانما هي اموال عائلة والمال من الكبد وان طيشه هذا وربما بلحظة معينة لا تتجاوز الثواني المحدودة يقوم بالتسبب في قتل انسان بريء لا ذنب له.. هذا من جانب النصيحة ومطلوب منا جميعا القيام بذلك…
اما من الجانب المشرق الثاني فإنني وجدت في هذه الايام ان المساعي لحوادث القضاء والقدر التي تحدث يوميا هنا وهناك ولم تكون عن طريق اسباب متعمدة وقد ذهبت بها ارواح بريئة ولكنه امر الله ولاراد لقضائه.. فان الملفت في هذا الموضوع هو قيام ذوي الضحية برفض استلام الدية الشرعية من الطرف الثاني اكراما لوجه الله تعالى وللشيوخ والنخب الطيبة التي تقوم بتلك المساعي الحميدة لحلحلة هذه المواضيع..
وانني اسمع يوميا وخاصة في محافظة نينوى عن اشخاص وعوائل كثيرة قد قاموا بإعفاء الخصم من موضوع دفع الدية وهذا بحد ذاته موقف رجولي كبير يسجل لهم لانهم اصحاب حق وقد اصبحوا بذلك اصحاب موقف مشرف..
لقد سمعت قبل فتره عن ذلك في قرية امنيره الواقعة في منطقة جنوب الموصل عندما قام والد الضحية بالتنازل عن حقه بذلك وقبلها بفترة شاهدت ذلك ايضا في محافظة نينوى.. مدينة الموصل بين عشيره البو خطاب والمتمثله بشيخهم الكريم راكان الخطابي وعشيرة الساده السبعاويين وشيخهم ميسر السبعاوي في موضوع حادث دهس ايضا حيث قام اهل الضحية بالتنازل الكامل عن موضوع الدية…
اما ما لفت انتباهي اكثر عندما كنت قبل ايام في مجلس عزاء احد الشباب في مقتبل العمر في ناحية القيارة وهو من عائلة معروفة ولها ثقل اجتماعي كبير انها عائلة الشيخ محسن المطلگ هذه العائلة الوطنية الاصيلة المعروفة مواقفها المشرفة على مر التاريخ حيث قام والد الشاب المتوفي بسبب الدهس بالتنازل الكامل اثناء دفن ابنه لخصمه الطرف المسبب بالحادث والذي كان من اخوتنا شركاء الوطن ابناء القومية الكردية حيث ان الحادث وقع في منطقة قضاء مخمور وذهب ضحيته شاب في مقتبل العمر..
ولكن ال المطلگ اثبتوا للعالم اجمع ان العراق واحد وان اللحمة الوطنية لابد منها وان امر الله قد وقع وان الدية مجرد مبلغ مالي لا يعيد المتوفي الى الحياة
نعم هكذا كانت كلمات الجد والوالد وجميع اهل المتوفي ترن في اذني وما زالت لحد كتابة هذه المقالة لقد شاهدت هذه العائلة جميعا ورغم صعوبة الموقف لفقدان ابنهم الا ان الرجولة والصبر الذي تحلوا به اثبت للجميع ان الدنيا ما زالت بخير وان الرجال تصنعها المواقف وان الجانب المادي ليس كل شيء وان الاخوة في الوطن من عرب واكراد واقليات اخرى يركبون سفينة واحدة.. وان مواقف الرجال تصنعها الرجال في ساعات المحن والصعوبات..
شكرا لكم يا ال مطلگ وشكرا لكل انسان قام بالمساعي الحميدة.. واخص بالذكر الشيخ عبدالرحمن الطابور ابو ساره وكل وجهاء ناحية القيارة…
وختاما اتمنى ان تكون هذه نهاية تلك الحوادث المأساوية وعلى الشباب جميعا تقبل النصيحة. ورحم الله أمرئ مقتدر بالحق وعفى لأخيه…
بسم الله الرحمن الرحيم
(( فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ۗ ذلك تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ)) صدق الله العظيم