23 ديسمبر، 2024 6:54 ص

العشائر العراقية…… والقيم الحديثة

العشائر العراقية…… والقيم الحديثة

ينقل لي صديق حكاية جرت مع احد اقاربه في بغداد قام بشراء عجلة من احد ابناء قبيلة معروفة( نحتفظ بالاسم أكراما لها ) , ضمن العقد الموقع بينهما ان يحضر صاحبها الأصلي لتوقيع العقد معه , كثرة وعوده واخلف الموعد لمرات عده مما أضطر بالمشتري ان يذهب لأمير قبيلة البائع ويأخذ كل المتمسكات معه ليطلع عليها بنفسه , وصل للمضيف والتقى بالأمير وحكى له الحكاية , قال له بعد ان ادى واجب الضيافة والكرم للضيف طلب منه ان يأتيه بعد يومين , عاد المشتري للأمير حسب الموعد المقرر ,عند دخوله المضيف وجد البائع مربوطا على واحد من أعمدة المضيف بحالة يرثى لها , استقبله الأمير هاشا باشا واجلسه بقربه وسأل المربوط هذا الشخص اشترى منك العجلة والتزمت بجلب صاحبها ؟؟؟ , قال نعم محفوظ , لماذا لم تف له بالوعد اطرق وبكى , أمر الأمير بجلده واهانته امام المشتري واعاد له مبلغ الشراء واعادة العجلة لصاحبها وانتهى الأمر , هذه الحكاية ليست ضربا من الخيال أو قصة كباقي القصص الممتعة ابدا فهي حقيقة حدثت في محافظة واسط قبل عام 2003, لنسأل انفسنا من يمتلك هذه الصلاحية الان وتأديب معيته وابناء قبيلته بهذه السطوة وسرعة الإجابة ؟؟؟ الهيبة والجلالة والحظ والبخت بكل أسى تبددت وانتهى مفعولها, ليحل محلها , المال والسطوة ,والسلاح , والابتعاد عن الصيغ العشائرية السمحة والعرف والسناين عند البعض ممن ركب موجة المشيخة وابتعد عن الشجرة الاصل بسطوة السلاح التي غزت قبائلنا في أبسط المشاكل واتفهها , فبدلا من لغة العقل ومبدأ التسامح وسلوك العفو راح السلاح يلعلع صوته مخترقا اجساد الاخوة والمحبة والايمان ويخلق حالة الرعب بين الناس ,والتهديد والدكه العشائرية التي انتهت مؤخرا بقوة القانون وحرق المنازل والمتاجر ,صادرة رابطة الجيرة والأخوة الايمانية ورابطة القرابة , والصداقة , فالسطوة والقوة والجرم ساد منطق العقل بين الاطراف المتنازعة , القبائل العربية في العراق وخاصة في مناطق الجنوب وبعض مناطق الوسط ( ميسان /الكحلاء , البصرة , الناصرية , بغداد /مناطق , المعامل , الفضيلية , العبيدي , الشعلة ) ,وخلت مناطق الفرات الاوسط من هذه النزاعات المسلحة , والفصول المهولة والديات البعيدة عن الشرع والدين والمنطق ,هذه الظواهر حظية باهتمام السلطات التنفيذية بدءا من رئاسة الوزراء ووزارة الداخلية والاجهزة الامنية , خلفت حالة من عدم الاستقرار لدى الدولة والمجتمع واصبحت ظاهرة منبوذة لا تقل عن الإرهاب أذى وساعدت في هدم السلم المجتمعي , واشاعت الفوضى بين افراد المجتمع , مما حدى بالمديرية العامة لشؤون العشائر بمديرها العام العميد ناصر النوري وبتوجيهات معالي وزير الداخلية المحترم عثمان الغانمي المحترم ان يأخذ على عاتقه وضع دراسة مفصلة ( عن هذه الظواهر وكيفية معالجتها وايجاد الحلول لها وبالتعاون مع كل دوائر الدولة المهمة , وزارة العدل , المخابرات , الامن الوطني , رئاسة الوزراء , الهيئات الدينية , منظمات المجتمع المدني خلية الصقور , قيادات العمليات ) ,طرحت هذه الدراسة للمناقشة بإسهاب اشترك بها الجميع وتم وضع الحلول المناسبة لها للحد منها وانهاءها والسيطرة على السلاح المنفلت خارج سيطرة الدولة ,وقد حصلت الموافقة للعمل بها وتكليف وحدات من الجيش في هذه المناطق الواهنة للسيطرة عليها . الحقيقة تواجه هذه الدراسة معوقات اهمها :

01غياب اصحاب الحل والعقد عن المشاركة فيها وبيان رأيهم الصريح بالإجراءات التي تنوي

الوزارة والاجهزة المعنية اتخاذها مع مرتكبي هذه الممارسات .

02 ضعف اجهزة الدولة التنفيذية بمتابعة هذه الممارسات غير القانونية بحجة عدم حمايتهم من سطوة القبائل و من الدولة .

03 السلاح الموجود خارج سيطرة الدولة ( منفلت ) وضرورة ايجاد حل للسيطرة عليه ومصادرته.

04حدود مفتوحة مع الدول المجاورة أو بعيدة عن سيطرة الدولة مما جعلها ممرا سهلا لتهريب السلاح والمخدرات وكافة الممنوعات . ورحم الله الشاعر الذي قال :

“اذا لم تكن ذئبا على الأرض أجردا
كثير الأذى بالت عليك الثعالبُ ”
وان لم تكن نسرا على قمة السما
عليك جرابيع الكهوف تكالبوا
فكن شامخا كي لا تداس بأرجل
لكي لا توارى بالتراب الكواكب

تكاتف الجميع وتفعيل القانون ومحاسبة المقصرين والعودة للشيوخ العامين الاصليين مع الدعم لهم ومساندتهم كفيل بحل الكثير من المشاكل العالقة بين القبائل بعضها مع الاخر .ان ما تقوم به مديرية شؤون العشائر في وزارة الداخلية ومديرياتها العاملة في جانبي الكرخ والرصافة والمحافظات , عمل كبير ومتواصل في التواجد الميداني والمتابعة اليومية سوآءا كان على مستوى الاتراح والنزاعات وحتى الافراح دليل وعي وحرص ومسؤولية , خلق حالة من التواصل والالفة بين جميع الاطراف الجنوبية والوسط والغربية والشمالية , تحققت على يد السيد العميد ناصر النوري , ثم ما يدعوا للفخر ان هناك لجان عاملة لفض النزاعات وتقدير الاضرار وقراراتها ملزمة على جميع الاطراف , ليأخذ القانون مساره والعرف العشائري مداره ,ومبدأ القانون فوق الجميع , واخرها ليلة الامس واليوم كيف تم الصلح والتراضي وحل نزاعات قبيلة العكيل مع كعب بقرارات ملزمة من قبل لجان الحل وقبيلتي البو محمد وعكيل وكذلك بين قبيلتي الذهيبات والبوهزيم بفرض هدنة لحين ايجاد حلول ترضي الاطراف عرفية وعشائرية . الوعي والقانون و العدل ضمان للسلم الاجتماعي وحل النزاعات.
عميد ناصر النوري وفريق عملك وادواتك ولجانك تستحق الاحترام والتقدير لأنها دأبت وبنكران ذات ان تكون عامل مساعد وفاعل في احلال السلم المجتمعي ومحاربة الظلم ومحاسبة المقصرين . نتمنى ان يحذو حذوكم كل مسؤول من موقعه اداريا ,فنيا ,قانونيا وعشائريا ليحل الامن والسلام في ربوع بلدي .