ما هو دور ومكانة العشائر العراقية في مسيرة تاريخ العراق بعد إندحار الإحتلال العثماني بدخول الإحتلال والإستعمار البريطاني.ثم إنقلاب 14 تموز وحكم عبد الكريم قاسم الذي دام بضعة سنين؛ وغدر البعثيين وأنصارهم والأطاحة به وقتله ليبدأ الإحتلال الأميركي الأول بواجهة “صدام حسين” وعصابته والذي هو الآخر تمرد على أسياده فحق عليه القول فدمروه تدميرا والعراق معه لتستلم مجموعة جديدة من العملاء والخونة كانوا تربوا في أحضان أميركا وبريطانيا وفرنسا وأجهزوا على ما تبقى من هيبة وعز ورفعة العراق حتى جعلوه طريحاً عليلاً وتحمل طعنات أرذل وأخس المخلوقات من بعض أبناءه “النغولة” منهم؛ ومن وساخة جيرانه الذين كانوا يرتجفون من اسم العراق ويحسدونه على تاريخه ورقيه وحضارته المشهودة والتي يعترف بها من في الأرض جميعا ومن في السماء!!.
في خضم هذه الأحداث وتواريخها أين كانت العشائرالعراقية أو وبالأخص زعماؤها وماذا فعلت أو قدمت للعراق ولشعب العراق و لأبنائها على وجه الخصوص؟
في حقبة الإحتلال والإستعمار العثماني البغيض كانت العشائر العراقية خاضعة تماما لذلك الحكم الديكتاتوري الظالم ولم تحرك ساكناً ولم تعرف معنا الرفض والمقاومة بل كانت تدفع الجزية والضرائب عنوة ولا وجود مؤثر للعشائر وليس لها حضور إلا في مناطقها وكانت تحدث خلافات بينها ثم يتدخل المحتل العثماني لحسمها بسرعة وإخضاع المتمردين بالسياط
والخيزران!! حتى جاء الإنكليز.وطردالعثمانيين وقمع المعارضة وهنا بدأت أو ظهرت نوع من المقاومة قادها بعض رجال الدين وبعض العشائر ليس دفاعاً عن الإحتلال التركي وضد المحتل الجديد الأنكليز الذين سيطروا في نهاية المطاف والمواجهات قتل فيها الكثير من الإنكليز ولكنهم سيطروا على الوضع واستطاعوا أن يوظفوا أول دفعة من العملاء من رؤساء العشائر وبعض رجال الدين كانت نتيجة لما يسمى “ثورة العشرين” التي انتهت بمجلس نواب “الموافج” ودعم الإقطاع واضطهاد الفلاح واستقرت الأمور في العراق لصالح الإحتلال البريطاني وحلفائهم وفتحت أكبر سفارة في المنطقة آنذاك في بغداد منطقة “الكريمات” في مساحة واسعة وتطل على نهر دجلة ثم نصب تمثال الجنرال “مود” فاتح بغداد!! وانتهى ذكر شيء اسمه “العشائر العراقية” وبدأوا يعملون في خدمة الإنكليز وتحقيق مصالحهم !! حتى حدث إنقلاب 14 تموز بقيادة “عبد الكريم قاسم” الذي خطط له الإنكليز أنفسهم لمتطلبات الوضع في العراق على أن يعمل عبد الكريم قاسم على ضرب الجبهة الوطنية العراقية التي باتت تهدد النظام في العراق وخطر انحياز العراق إلى المعسكر الإشتراكي والتيار اليساري المتنامي في المنطقة حينذاك إلا أن عبد الكريم قاسم تمرد على الإنكليز وتبنى مصالح العراق وشعبه وبدأ في عملية إصلاح وتعمير دامت حوالي أربعة سنوات وتأكد للإنكليز خطورة مسيرة “قاسم” باتخاذه إجرائين مهمين أحدهما تأسيس شركة النفط الوطنية من دون المساس بشركات النفط الإستعمارية في العراق حتى لايثيرهم!! وثانيهما هو قرار إنهاء الإقطاع وتحرير الفلاح من ظلم رؤساء العشائر العراقية الذين كانوا يتصرفون بالأرض ومن عليها بأنها ملك لهم يتصرفون بها كيفما يشاؤون مما أثار غضبهم! ووقفوا ضد عبد الكريم قاسم وكانوا واحدة من أدواة سقوط أشرف وأشجع زعيم عربي وبدأ الإنكليز والأميركان هذه المرة بالعمل على إسقاط أو قتل عبد الكريم قاسم بالتعاون مع زعماء العشائر العراقية الناقمين عليه وعصابات القوميين العرب في العراق ووضعت خطة القضاء على النظام الديمقراطي في العراق في القاهرة وبأشراف خائن الأمة العربية والإسلامية المدعو “جمال عبد الناصر” الذي هو الآخر قام بدور مرسوم له وبدون علمه لأسقاط الملكية في مصر وبان غدره في أعفاء اللواء محمد نجيب قائد الإنقلاب الواجهة!! وبرعاية المخابرات الأميركية ومباركة عبد الناصر ودعمه تم اختيار “صدام حسين” لاغتيال عبد الكريم قاسم وتحريك القوات العسكرية المعدة بعد نجاح العملية التي فشلت واستمر حكم قاسم حتى رتبت له مؤامرة جديدة محكمة في 8 شباط الأسود 1963 فكانت فاجعة على العراق وشعبه حدث ذلك والعشائر العراقية كانت إلى جانب القتلة وشاركوا في إسقاط النظام القاسمي الشعبي ودفع أبناء الشعب المخلصين أغلى الأثمان واقتيد الآلاف من السياسيين والمثقفين في قطار
الموت المشهور إلى معتقل نقرة السلمان الرهيب واستمر حكم حزب البعث الأميركي بالتعاون مع الأحزاب القومية ثم انفراد صدام حسين بالحكم وبدأت طموحاته تتنامى وبدأ بالعصيان وتحدى أسياده فتقرر الخلاص منه وفي نفس الوقت تدمير العراق وإذلال شعبه! وبعد توريطه بالحرب مع إيران ودفعه لاحتلآل الكويت ونتائج الحصار القاسي على الشعب العراقي الذي خلف مشاعر الحقد والكراهية لنظام البعث الصدامي الذي جلب إليهم المزيد من المشاكل والمصاعب في حياتهم مما سهل على القوات الأميركية وتحالفها إزاحة صدام وقواته الهشة وقياداته الفاشلة ودخلت قوات الغزو الأجنبي من الكويت ودخل معهم بعض الكويتيين المنتقمين بصفة مترجمين وعاثوا في المدن والقرى العراقية التي مروا بها قتلا وإهانة وسرقة أموال أبناء الشعب وما يملكون من ذهب وأشياء ثمينة أخرى !!
وكان دور العشائر هذه المرة أسوأ من المرات السابقة لأن الذي غزى بلدهم ووطنهم هو الأجنبي على الرغم من أن السبب هو صدام وحزب البعث إلا أن الوطن والأرض والعرض في هذه المعركة يجب أن يطغى على كل ما كان بين الشعب وبين حكامه الطغاة وكان بإمكان العشائر العراقية إن كانت حقاً “عشائر” أن تتصدى للغزاة وتعرقل مسيرتهم وكان معظم أبناءهم في القوات المسلحة وكان دورهم أن تراجعوا وانهزموا وسرقوا أسلحة الجيش العراقي وأمواله في خزائن الوحدات والفرق ولجأوا إلى أهلهم وتركوا الغزاة يتسللون براحتهم!! ولا أطلقت طلقة واحدة ضدهم ولا فجروا دبابة ولا أسروا جندي وهم في أرضهم وكانت الذريعة أو الحجة عندهم هي “نحن لا نقاتل من أجل صدام حسين والبعثيين” ونسوا أن وطنهم سيكون في خطر وإن شعبهم سوف يذل وسوف يشملهم كل مكروه يصيب الشعب العراقي وقد كان فعلا وإلى اليوم!! ولو أرادوا مقاومة المحتل لما استطاع أي جندي أجنبي أن يدنس أرض العراق أو على الأقل يعرقلوا تقدمهم ويكبدونهم خسائر في الأرواح والمعدات ويسجلوا موقفاً وطنياً شجاعا حتى لو لم ينتصروا على القوات الغازية ولكنهم كالعادة لم يفعلوا واختبئوا بين “نساءهم” بانتظار النتائج وإعلان الولاء والوفاء كالعادة لمن يسيطر على الحكم ليكونوا عبيداً لديه يتصرف بهم حيث يشاء كما هو تأريخهم المعروف لدى كل العراقيين الأحرار؛ثم جاءت حكومات المحتل وأعاد التاريخ نفسه وذكريات “ثورة العشرين” !! حكومات عميلة وبرلمان الموافج وعشائر خانعة تلهث وراء الفتات لولا أن جيلا جديدا من أبنائهم غير بعض الموازين وتصدر العملية السياسية ولكنهم لم يستطيعوا التخلص من العادات والتقاليد والأعراف التي كانت تقيدهم ولا تسمح لهم بالتصرف والخروج على تلك العادات والتصرفات والسلوك المتخلف والإستمرار بعمليات الثأر وغسل العار والدية والدكة والإرهاب العشائرية ضد أهل المدن خاصة وحتى الإقتتال بينهم على مسائل بسيطة ولكنهم يبدون عاجزين جبناء إزاء الإحتلالات التي جرت على العراق منذ الإحتلال العثماني حتى الأحتلال الأميركي الأخير 2003 والذي لا زال قائما جاثماً ولا زالت العشائر تتظاهر باللامبالاة لعجزها وخوفها إلا فيما بين ابنائها فهي أسد عليّ وفي الحروب نعامة!! إلا أن هذا الجيل الناهض من أبناء العشائر قد غير المعادلة وتصدى للمعتدين “الدواعش” وحواضنهم هذه المرة وأزاح عن العشائر العراقية عار التخاذل أمام القوى الكبرى ومرتزقتها وتحداها وانتصر .. نرجو أن تعي العشائر العراقية دورها وتحافظ على ما هو معروف عن العشائر وقيمها وتنهض للدفاع عن الوطن والشعب في هذه الأيام العصيبة والمحافظة على العراق العظيم وتاريخه المشهود ورجاله في تاريخه القديم ولا يبخلوا في تضحياتهم ومواقفهم النبيلة في سبيل الحفاظ على العراق وأهله وكرامتهم ويعيدوا مجد أجدادهم بناة الحضارة الإنسانية الحاضرة!؟ .