18 ديسمبر، 2024 11:27 م

يحتدم الجدل بين العراقيين على قضايا عديدة بعضها يتعلق برقاب الناس، ومنها ماتعلق بالكرامة. ووصل الأمر وهو ليس بالجديد الى الأمعاء المهددة بسبب إستيراد كميات كبيرة من الأطعمة المعلبة ومشتقات الحليب والرز. ويشتبه أن هذه المستوردات من الخارج فاسدة وتحوم حولها شبهات إستغلال للحصول على مكاسب مالية كبيرة على حساب شعب لم يعد يعرف من أين تأتيه الضربات، والى أين تتوجه. فهو كالملاكم الفاشل، ويقابل ملاكما محترفا أقوى منه. فمرة يوجه له لكمة على الوجه، وفي الثانية على الصدر، وثالثة على الرقبة، وفي الرابعة يطيح به بعد أن إستهدف منطقة المعدة.

يشتكي العرب من غلاء مادة الرز، ولايتوفر الكثير منها في الأسواق، وهي مادة غالية الثمن عادة لكن العراقيين يحصلون على الرز بكميات وافرة ومن مناشيء مختلفة. الحكومة العراقية ماتزال تسير على خطى صدام حسين الذي أقر الحصة التموينية لكل مواطن لتلافي آثار الحصار الإقتصادي الذي فرضته واشنطن بعد مغامرة الكويت الشهيرة 1991 وتتضمن تلك الحصة العديد من المواد الغذائية الضرورية كالشاي والسكر والرز والمنظفات والزيوت، وعندما سقط النظام السابق لم تعد الحصة التموينية مهمة لسد حاجات الناس من الأغذية، فقد إرتفعت أسعار النفط، وصارت الأطعمة ومن مختلف المناشيء تملأ الأسواق لكن فئات إجتماعية ماتزال تنتظر الحصة التموينية بسبب الفقر والحاجة، وعدم القدرة على الحصول على أموال كافية.
يتوفر الرز في الأسواق التجارية بكثافة ولكن أسعاره تتفاوت بحسب الجودة، ولهذا لايتمكن كل إنسان من شرائه فليجأ الى الكمية التي توفرها الحكومة بأسعار مدعمة، وواحدة من الصفقات المهمة التي وقعها وزير التجارة العراقي بأمر من رئيس الحكومة تضمنت عشرات آلاف الأطنان من الرز هندي المنشأ ومورد من شركة سنجابورية. وبحسب أحد أعضاء اللجنة الإقتصادية الذي جمعني وإياه حوار في القناة العراقية الحكومية فإن الوزير كان وقع الصفقة مع مافيها من شبهات تتعلق بحجم الأموال التي خصصت لها والتي تضمنت زيادة على السعر الأصلي لسبب ما، لكن المعطيات تشير الى أن الرز المستورد كان فاسدا، وفيه نسبة شوائب عالية، وقد إطلعت على التقارير بنفسي، عدا عن وجود حشرات، وتكاثر للخنفساء التي ربما تكون تكاثرت خلال الرحلة وأنجبت، فالسفينة الناقلة قطعت مسافة كبيرة في البحر، وبقيت في الميناء لفترة.

التحقيقات مستمرة برغم الأخبار التي تشير الى توزيع كميات من الرز على المواطنين، وهناك كمية بقيت في أحد العنابر يجري التحفظ عليها، بينما البرلمان لم يقرر حتى اللحظة ماإذا كان الأمر يستدعي إستجوابا لوزير التجارة، أم لا وكل المعطيات تؤكد أن الجدل حول صفقة الرز هو جدل يستتبعه إتخاذ تدابير للضغط على الموردين المستقلين والهيئات الحكومية ليتم تحجيم دور المفسدين وهم كثر فليس مقبولا أن تستمر هذه الطريقة السيئة في الإدارة، وتنعكس على واقع مجتمع لم يعد يتحمل المزيد من النكبات