23 ديسمبر، 2024 12:49 ص

الطرح المتعدد المتكرر في وسائل الإعلام والخطابات بأنواعها تهدف إلى عزل الأمة عن العصر , وإصابتها بالذبول والخمول والشلل والإستنقاع الذي يعني التدمير الذاتي والموضوعي لوجودها الحضاري والأخلاقي والثقافي والمعرفي.
فالخطابات المتاجرة بدين كاذبة تضليلية تخديرية , تهدف إلى تغييب وعي الأمة وتعويقها وحرمانها من التفاعل مع معطيات الزمان الذي هي فيه , لأنها تدعو إلى تأكيد العقلية الخرافية , والتبعية وتأسيس الحشود القطعانية المرهونة بالسمع والطاعة , والمقيدة بالممنوعات والمحرمات , وأن عليها أن تسعى إلى جنات ما تريد بعد أن تتقافز إلى ميادين الموت الشديد.
هذا التوجه الإنعزالي والإنقطاعي التمويتي لروح الأمة وعقلها لا يتفق مع إرادة التفاعل البشري , الذي ألغى إرادة المكان وتمكن من الوصول إلى بقاع الأرض بسرعة خاطفة ومتدفقة بما تحمله من معلومات وأحداث , وتصورات ورؤى وتطلعات تعصف في دنيا الحياة الدافقة كالنهر الجاري الفياض.
وربما يغفل المتاجرون بالدين بأن دورهم قد إنتهى ومهماتهم قد تحققت , وأعطت أكلها وتوجب عليهم أن يرحلوا ويبتعدوا عن دروب الحياة , ويتركوا الأجيال الصاعدة تمارس حياتها وتحقق تطلعاتها.
فالثورة المعلوماتية والأعاصير المعرفية ستقتلع الذين يقفون بخرافاتهم وأضاليلهم بوجهها , فالأرض تدور وللتغيير قوة وحضور , ولا تسمح نواميس الأكوان وإرادة الأزمان بمن يقف عثرة في دروبها المزدحمة بالمستجدات , والمعطيات الإبداعية التي تنتجها العقول الإنسانية الحرة الفاعلة.
وعليه فما عادت هناك قوة قادرة على إستعباد العقل بما تطرحه من غيبيات , وهذيانات وتصورات بهتانية لا تصمد أمام أنوار العقول.
فهل أدرك تجار الدين أن الدنيا قد تغيرت وأن سكان القبور في قبورهم , والذين يعيشون في ظلمات الكهوف , يتوهمون الحياة على الجدران , لأنهم لا يستطيعون الرؤية في النور!!