كثيرا ما يتعرض الفكر والمد القومي العربي لحملات عدائية من قبل اعداء العرب والمسلمين وللاسف يشترك جهلا او عن قصد بها بقوة كثير من الاحزاب التي تسمي نفسها اسلامية فتظهر بين الفينة والاخرى رسائل ومقالات تدعي عدم وجود مصطلح الوطن او الشعب او اللغة في الاسلام وان هذه تسميات ظهرت بعد سايكس بيكو او استعملها القومجيون ! ووصفوها بانها عنصرية غرضها هدم الاسلام ,وتارة يتهمون الفكر القومي بانه ليبرالي غربي او جاء منهم , رغم ان المفكرين العرب وتيارهم القومي الصحيح قد حدد الشروط التي تختلف عن الفكر الغربي ورفض ما يسمى الحرية المطلقة عند تطبيق التعددية لانها تتعارض والدين الاسلامي كما ان هؤلاء الاسلامَويون فشلوا في بيان كيف ان احياء القومية العربية هي معول من معاول هدم الاسلام وان الاسلام ولد عربيا وانتشر بواسطة العرب, بل وانهم يرون بام اعينهم ان الاسلام بدأ يضعف عندما انتقلت قيادته الى قومية اخرى غير عربية ! وان اتاتورك كان المعول الاكثر هدما للاسلام بحجة العلمانية الغربية التي اعتنقها,ناهيك عن ان بعضهم يحلل لنفسه ان يشترك بنظام تعددي او يقوده ويحرم ذلك على الاحزاب القومية الاشتراكية !..والغريب لدرجة الفكاهة السمجة انهم انضموا لفئة التكفيريين من خلال اتهام القوميين العرب بانهم ملحدون (لانريد ان نناقش هنا عقوبة رمي المسلم بالكفر فهذه سيتحملونها بينهم وبين الله سبحانه ) ولكن يبدوا لنا ان بعضهم الكثير لا يفقه معنى كلمة ملحد ومن هم الملحدون بالدين الاسلامي وعليه فهم يقذفون بها الاخرين جهلا , ربما ننصحهم بقراءة الكتب التي توضح هذا المعنى الا اننا سنختصر الوقت لهم والمعنى لنقول – الإلحاد بمعناه المختصرهو رفض الاعتقاد أو الإيمان في وجود خالق , فما هو الدافع على اتهام القوميين بالعموم بانهم ملحدون وهم يصلون معهم او يرونهم يصلون على اقل تقدير؟! – اتقوا الله !.
هنا ربما سينبري لنا سؤال وهو لماذا نسعى لاحياء الفكر القومي ونحن مسلمون ونؤمن بوحدانية الله وان الدين الاسلامي هو خاتم الاديان والشرائع .. أقول لما كانت الخلافة ففي بداياتها لم تكن كل القوانين جاهزة لذلك تم استنباطها بشريا من التعاليم الاسلامية في القران الكريم والاحاديث النبوية وان باب التأويل والاستنباط والفتوى يجب ان يبقى مفتوحا الى نهاية الخلق بسبب اختلاف المجتمعات والامم و الحياة ,كما ان الشريعة لم تطبق في كل الاماكن كمجموعة جاهزة واحدة حيث ان الفتوى كانت تختلف من بلد الى اخر فما كان يطبق في مكة اختلف في تطبيقه في مصر مثلا رغم ان مصدر التشريع واحد وبعض الحدود أوقف تطبيقها فترة كحد السرقة .
اننا نعيش في هذا الوقت الذي فشلت فيه الاحزاب الاسلامية في الحفاظ على دولة الخلافة ولم نكن نحن موجودون اثناء فشلهم هذا او شاركنا به! .. واننا وجدنا بزمننا عشرات الاتجاهات الدينية و الاثنية والعلمانية وتيارات اخرى هي عبارة عن الورث الذي اوصلنا اليه الاسلامويون , ولو لم تكن محاربة الفكر القومي نابعة من اغراض حزبية لمن يسمون انفسهم اسلاميون لاصطفوا مع هذا الفكر لانه ربما سيسهل عملية عودة الخلافة او على اقل تقدير سيوحد بلدان وممالك واقطار فشل الاسلامويون بتوحيدها او تطبيق الشريعة فيها. كما اننا لم نوجد بدولة تطبق الاسلام ووقفنا ضدها او حاربناها , ثم اذا اردنا التطبيق الحرفي للدين الاسلامي فان أي مذهب سنتخذه اساسا لنا سيجعلنا في المواجهة القتالية والدموية مع بقية المذاهب الاخرى,, وعليه فان سيادة الفكر القومي كهئة و شكل نظام يتخذ مدخلا لانهاء جميع الصراعات المذهبية والطائفية والعنصرية هو الحل في تعددية سليمة يحفظها القانون وفي ذلك فليتنافس المتنافسون حيث ستكون الساحة مفتوحة لهم وحرية مخاطبة الشعب مضمونة والكسب الحزبي ضمن دولة القانون هذا مكفولة , اليس هذا افضل من التحالفات المشبوهة مع امريكا او بريطانيا والان ايران وروسيا!او حتى الانفراد ثم تدمير مدننا وقتل شعبنا؟!!
اذن القومية العربية تتعرض لهجمات شرسة من قبل الخارج والداخل ذلك ان الخارج وهم اعداء العرب والاسلام ايقنوا ان قوة الاسلام وبقاءه هي بقوة العرب ومدى تمسكهم بتعاليم الاسلام الصحيحة لذلك كانت الهجمة الاولى على الامة العربية بتجييش جيوش العالم قاطبة شاركهم قادة مسلمين بغباء أوجهل بان اشترك الجميع على ازاحة الحكم الوطني القومي ذو النهج الاسلامي الصحيح في العراق ثم ابيحت بلاد المسلمين كافة كما يرى الجميع الان.
ان هذا العصر هو عصر الحيرة والخداع والتشتيت ( فرق تسد ) فبما يخص موضوعنا قام اعداء الاسلام والقومية العربية باستلاب وحيازة قيادة الفكر القومي من خلال عنصرية مدروسة تم رفع اشخاص واعتبارهم مؤسسي الفكر القومي مثل ( رغم وجود احزاب قومية نزيهة ) ومن خلال تصريحات مسمومة تؤيد مثلا دولا ورؤساء دول قتلوا ودمروا بلادهم فوق شعبهم وبذلك قالوا هذا هو الفكر القومي وهذه عنصريته .وحجتهم ان بعض مؤسسي الاحزاب الاسلامية هم مسيحيون كالراحل ميشيل عفلق ورغم علمنا انه قد اعتنق الاسلام لكن نقول جدلا ثم ماذا ؟؟ فميشيل عفلق لم يصنع القومية العربية بل اعتنق مفهومها ولم يكن الفكر البعثي ضد الدين بل عمل على اصلاح ذات البين .
وعليه لو جئنابمثل على الفكر القومي النقي فاننا سنجده متمثلا في حزب البعث ,ولأنه لم يكن وحيدا في الساحة عند نشأته أتخذ البعث مبدأ الديمقراطية بديلا عن التناحر والصراع بين القوى (كما يحدث الان ) والجميع خاسر , مدخلا لا كما يعتنقها الغرب لان الفكر القومي الصحيح ضد الحرية المطلقة وان الانطلاق كان من مبدأ (وأمرهم شورى) مدخلا للحوار البناء وصولا للقناعة الكبرى الشاملة للشعب .
الوطن كلمة جاءت من كلمة موطن والموطن هو المكان الذي قد يكون ظرفيا او زمانيا – كأن يقال بيت الداء المعدة أي أن موطن الداء هو المعدة وهذا مكانه – وموطن القهوة اليمن أي مكان زراعتها ووجودها هناك ,واستعمل المسلمون هذه الكلمة للدلالة على ما ذكرناه فقد يكون المقصود مكان حدث او زمان او موقع .ومصغر الوطن هو منطقة ابناء الحي هو السوق او المدينة فكل هذه تتشكل لتكون كلمة الوطن او المملكة كما كانت تسمى بالسابق فكانت المدن عبارة عن ممالك وهي تمثل الوطن لكل الجماعات التي عاشت فيها , اما اللغة فهي العامل الاساسي لحماية الدين فلغتنا العربية هي التي حمت الدين واوصلته لنا ولينظر اعداء القومية لكل الدول الاسلامية الغير عربية فسيجد رغم انهم يحفظون القران عن ظهر قلب الا انهم لا يفقهون كل معانيه ولا يتحدث بالضرورة حافظ القران العربية !!.. فعليه يتوجب على اعداء القومية ان يعيدوا النظر في مفهومهم ويعيدوا دراسة وتمحيص هذا الاتهام الباطل الذي اوجده الغرب الامبريالي واعتنقوه هم جهلا متحججين في الحديث الشريف ( لا فرق بين عربي و لا أعجمي و لا أبيض ولا أسود إلا بالتقوى )وبموقع اخر قال تعالـى : [ ياأيها الذين آمنوا لايسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم ولانساءٌ من نساءٍ عسى أن يكن خيراً منهن …] صدق الله العظيم فعلى من يدعي انه مسلما ويحمل انتماء الى حزبا يسمى اسلاميا ان لا يسخر من الفكر القومي والقوميين عسى ان يكونوا خيرا منهم!.. ,ومن الخطأ الشنيع مقارنة القومية العربية بالقوميات الغربية التي ظهرت ضد الدين نتيجة تخلف الفكر الكنسي وتحريف الانجيل وسطوة رجاله على الحكم وفشلهم في ايجاد حلول لمشاكل الحياة وتطورها ودون ايجاد فتاوى جديدة تتماشى وسنن الحياة واختلافها ,ذلك لان القومية العربية بصفاتها كانت موجودة قبل نزول الوحي الالاهي (الاسلام) وان الدين قد هذبها واضاف اليها صفات اخرى مثل الاية الكريمة والحديث السابق ذكره ( ولا ندعي بان الاصل هو القومية او العرب فهذا خلق الله سبحانه وهو الاصل , ثم ابتعد مفهوم القومية العربية عن التكبر والتفرقة العنصرية والطائفية لكنها بقت المعين والرافد القوي للدين الاسلامي وبدونها فان الدين في زوال كما نراه في البلدان الغير ناطقة بالعربية.والملاحظ ان اكثر دعاة ذم القومية وتكفير المسلمين القوميين هم انفسهم يعيشون في الغرب اذلاء لقوانينهم ومع ذلك فانهم يرفضون التعددية والفكر القومي الذي يسمح لهم العيش الكريم في بلادهم العربية ويضمن لهم حرية ممارسة شعائر الدين الصحيحة وممارسة الكسب الشعبي. اليس في ذلك غرابة ما بعدها غرابة . هم بنظري انهزاميون هاربون من الواقع فتصديهم للحلول المتدرجة وللقومية العربية هي الحل لديهم في البقاء بعيدا عن جهاد النفس و يتخذون ذلك حجة لهم تريح بالهم وجهادهم الهزيل .
– ما من امرئٍ مسلمٍ ينصرُ مسلمًا في موضعٍ يُنتهَكُ فيه عِرضُه ويُستَحلُّ حُرمتُه إلَّا نصره اللهُ في موطنٍ يحبُّ فيه نصرَه وما من امرئٍ خذَل مسلمًا في موطنٍ يُنتهَكُ فيه حُرمتُه إلَّا خذله اللهُ في موضعٍ يحبُّ فيه نُصرتَه : تخريج الإحياء الإسلام بعث الروح القومية عند العرب، فقد أقام لهم دولة بدأت ببعض اجزار جزيرة العرب ثم امتدت لتشمل مناطق واسعة من مواطن سكنها العرب و من مواطن اخرى لغير العرب من العالم المعروف في ذلك الوقت، فأصبح مفهوم العروبة والإسلام شيئًا واحدًا حتى انك ان قلت مسلما فهموا انه عربيا وان قلت عربيا عرفوا انه مسلما.وكان للعرب دول متعددة كونت وطنهم المميز قبل الاسلام في نجد والحجاز وسط وشرق وغرب الجزيرة العربية واليمن والكوفة والعراق والشام ومصر وبقيت هذه التسميات لما بعد الاسلام وقيام دولة الخلافة وما لحقها ..
اذن الاسلام ليس ضد القومية العربية الصحيحة التي وصفناها يعيننا في توضيح ذلك الحديث النبوي الشريف الذي يرويه السيوطي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (إن الله خلق الخلق، فاختار من الخلق بني آدم، واختار من بني آدم العرب، واختار من العرب مضر، واختار من مضر قريشًا، واختار من قريش بني هاشم، واختارني من بني هاشم، فأنا من خيار إلى خيار).
أخبرنا الله تعالى أن انقسام الناس إلى شعوب وقبائل هو بأمر منه وأن الحكمة من وراء هذا بينها عز وجل بقوله: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ [الحجرات:13]. فلم يحارب الاسلاميون حكمة الله في خلقه.؟
لا يحتاج المرء ان يكون مفكرا و محللا ليرى ان الاسلام هو هدف الغرب الحالي الساعي للقضاء عليه وقد تحقق هذا لهم بعد ان فرقوا وجزؤوا الامة العربية فسهل عليهم بث الفتن و الحروب الطائفية وكانت غلطة العرب الكبرى بالسماح والمشاركة بانهاء الحكم القومي الوطني الصحيح والوحيد الذي كان يحمي الامة العربية والاسلامية ,,, ثم اصبح الامر سهلا لديهم فلقد تم الكشف اخيرا عن بعض الوثائق التي تبين خطة ومساهمة الحكومة الامريكية ودفعها لمئات الملايين من اجل جعل المسلمين ارهابيين ولصق كلمة الارهاب بالاسلام . لذلك لينتهي الاسلامويون من حلم اقامة دولة خلافة في هذا الوقت فالجميع متحفز على شيطنة وانهاء اي توجه اسلامي او نشاط او قيام حكومة اسلامية والقضاء عليها في المهد, وعلى الجميع ان لا يركب راسه معاندا ولا يكون كالهاربين الذين يرفضوون اي شيء الا الجهاد بالكلام من بعيد, يعيشون هم في رخاء ويرمون الاخرين اتباعهم في التهلكة ,لذلك أصبحت القومية العربية والوحدة العربية ونهجها الصحيح هي الحل الاخير خصوصا لهؤلاء المنتحرين على ابواب تكفير الاخرين ورفض العمل معهم , ان انشاء اول وحدة عربية بين اي دولتين او تحالف قوي هو الطريق الصحيح لوحدة العرب والمسلمين وهي الطريق الامثل لضمان العمل الحر وديمومة البقاء والبقاء لله.