العرب يُسقطون ذاتهم وموضوعهم وهويتهم وما يتصل بوجودهم , وهم الذين أسقطوا حاضرهم ومستقبلهم ودولهم وهاهم يتساقطون.
فلو تساءلنا مَن أسقط بغداد؟
لتبين أن العرب قد أسقطوا بغداد في المرتين الأولى سنة 1258 , والثانية سنة 2003 , ولولا العرب لما سقطت بغداد!!
قد يقول قائل وكيف تتجرأ على هذا القول , فهولاكو هو الذي دمّر بغداد دون العرب , وهذه كذبة تم تمريرها فصدقت الأجيال بأنه لوحده أسقطها وأحرقها , والواقع السلوكي للتفاعلات التي أدت إلى تلك المأساة , تشير إلى أن العرب أسهموا في ذلك الدمار والخراب , فلربما يمكن الجزم بأن نسبة من الذين دخلوا بغداد وخرّبوها وأحرقوها من العرب المستعبَدين الخانعين لإرادة التتاريين.
فالتتاريون هم بضعة آلاف , وكلما تقدموا نحو قرية أو مدينة إنضم إليهم أهلها , فتنامى عدد جيشهم , وإستسلم لهم الناس قبل وصولهم لقراهم ومدنهم , لإشاعات الرعب والخوف الرهيب , وكانت الإشاعات أهم العوامل التي إستحوذوا بها على مصير الآخرين.
ومن قراءة الرسائل التي كان يرسلها هولاكو للقادة للعرب , يتبين أن كتابها من العرب , الذين إستسلموا وتحولوا إلى أدوات لخدمة الغازي الأثيم.
وهذه الحقيقة المريرة لا يتكلم عنها المؤرخون ويرسخون القول بأن التتاريين لوحدهم أحرقوا بغداد , فما وقفت بوجههم قوة حتى توهموا بأنهم الأقوى والأعظم , وقد وقفت بوجههم قوة أقل من جيوشهم عدة وعددا وغلبتهم في معركة “عين جالوت” , ولو فعلت ذات الشيئ بغداد لدمرت الجيش المغولي وأنهته على أطرافها , لكن القراءة السلوكية الدقيقة للتأريخ تشير إلى أن القبائل التي إرتعبت من التتار , ربما أسهمت بدمار وسقوط بغداد.
وتكررت ذات الحالة في سنة 2003 , وقبلها في سنة 1991 عندما تعاون العرب مع القِوى التي دمرت بغداد.
ويمكن إسقاط وتدمير أي دولة عربية بتعاون العرب مع القوى الضاربة لتلك الدولة , كما جرى في سوريا وليبيا واليمن , وغيرها من الدول التي ربما ستنالها الضربات , وستحف بها العاديات بمعاونة العرب أنفسهم , وكأنهم يتناسون بأن الذي يحفر حفرة لأخية سيقع فيها , والذي يتعاون مع الآخر ضد أخيه سيكون لقمة سائغة يمضغها الآخر أنّى ومتى يشاء.
فهل من عروبة يا عرب؟!!
د-صادق السامرائي