23 ديسمبر، 2024 5:28 ص

أي يمعنون بإختلاق المعارك بينهم , وهمُ في عراك دائب , ويجتهدون بإختيار موضع القتال الذي يعتركون فيه إذا إلتقوا , وهمُ في معاركة دائمة وكأن رسالتهم وديدنهم الإعتراك!!
فالعرب معركتهم واحدة ومصيرهم واحد وكل ما فيهم واحد , لكنهم ألف واحد وواحد , فهم يتناطحون ويتصارعون ويتذابحون وبأسلحة أعدائهم يتفاخرون , وبسفك دمائهم يتمجّدون وبجهالتهم يتبارزون وبغفلتهم يعمهون.
والطامع بالعرب يقول: دعهم يتمعركون ولأسلحتنا يشترون , فنارهم تأكل حطبهم وهم فرحون!!
ما أرعب العرب , يستلطفون إستيلاد الخَطب خَطبا بعد خَطب , ويستعينون بالنار على الحطب , وأنهم الأحطاب ولكن لا يشعرون.
لهب لهب , وكل كرسي صار عونا لحمّالة الحطب.
فأين العروبة والعرب؟!!
يا أمة تتقدد , ونجيعها يتبدد , وليلها يتمدد , وأنينها يتجدد , ومَن فيها على بعضه يتوعّد , والسابغات من حولها تترصد , وعندما تستغيث يأتيها من أعدائها المدد , فتستكين وللهوان تتوسد , فأين العرب من أمةٍ لكي تنمحي تتعدد.
الزمن أعوج والمكان أعرج والحياة هرج ومرج , والدنيا على العرب تتأسد , فهم الفرائس والقرابين والأنعام الساعية إلى مجازر الأبد.
ماذا يدور في أمة العرب؟
مات الدين وإنتعشت الأصنام , وإنتهت الأخوة وتباركت العدوانية , وما يبغضه الله يمارسه عباده , وتحول الناس إلى فصائل ومجاميع تتذابح في مدنها وأوطانها وبيوتها , فالفرقة دين , والمذهب دين , والطائفة دين , والكرسي كتاب مبين , فتحولت المدن إلى خراب والحياة إلى يباب , فالكل قابيل والكل هابيل , والمفترسون من حولهم يتضاحكون ويتمتعون بوجبات دسمة ذات مذاق لذيذ.
أمة أزهقت روح أخلاقها وقيمها ومبادئها وأضاعت جوهر دينها وفحوى رسالة نبيها , وتجاهلت كتابها ومضت في أمية قرآنية مروعة.
أمة محكومة بالفتاوى المغرضة وبالدجل والأضاليل والعمائم المدنسة واللحى المغطسة بحناء السوء والبغضاء , والرؤوس المستعبدة بأمّارات السوء والعدوان على الإنسان.
وفي هذا الخضم المتلاطم يتمعرك العرب ويبخسون أنفسهم ويتسابقون إلى ميادين سوء مصيرهم , فهل وجدتم أمة أعز من أمة العرب؟!!