23 ديسمبر، 2024 1:13 ص

العرب وحضارة إشبنجلر !!!

العرب وحضارة إشبنجلر !!!

لازالت سكرة الاحساس بالانفصال عن التاريخ بحجة الحفاظ على الموروث المقدس تحجب المجتمعات المغلقة عن رؤية الحتمية التاريخية للانصهار الاجتماعي. فدورات التاريخ وتجليات العقد الحضارية لا ترحم ابتهالات المصلحين ولا تهجدات انبياء السلفية الجديدة. ووقوع المسلمين في كماشة التحولات التاريخية لن يعفيهم من مسؤولية التبني الاخرق لمستويات هابطه من الوعي النوعي او الاستعارة المضحكة لنفايات الغرب المتحضر.
يراهن منظورا نهاية الحضارة الغربية والمبشرين بعودة المسلمين كإمبراطوريه أرستقراطية تحكم العالم من جديد على المقدمات الفضفاضة لنظرية اشبنجلر في دورة الحضارة.  ليمتثلوا لنبوءة غير مقيدة الأجنحة من عالم وضعي طالما وصفوه بغييه بالضلال.
 اما المصلحين ودعاة التغيير فقد ملئوا المنابر ضجيجا” بنظرية ارنولد توينبي التي، استلهمها من عالم النفس الشهير كارل يونغ، وسماها ” التحدي والاستجابة” في وصف نشوء وموت الحضارات، وفحواها ان الانسان اذا تعرض الى صدمه نفسيه , تكون استجابته اما النكوص والهروب الى الماضي او امتصاص الصدمة والتغلب عليها والتفاعل معها , وما يعنيه بالتحدي هو مواجهة الازمات والحروب والتغير المناخي قبل نشوء الحضارات.
هذه النظرية تتماشا مع طروحات دعاة الانقطاع عن الماضي وتطوير ميكانزيم التدفق الحيوي للمفاهيم من مصادر معاصره. حيث ترتسم قواعد المدارس الفلسفية الغربية خاصة مدارس لما بعد الحداثة كأساس نظري للترويج التنويري.
تقوم نظرية اشبنجلر على ان الاتجاه المادي اذا سيطر في حركة الفكر والفعل على الجانب الروحي والديني سيؤدي الى اندثار الحضارة،
 اعتمد أشبنجلر في نظريته على نظرية هيجل في ديالكتيك التاريخ، إذْ يقول ان التاريخ هو تجليات الشعور بالحرية عبر الزمن وانه ليس مجرد احداث متناثرة لا يربطها معنى حيوي، بل ترتبط ترابطا” عضويا بين فكر الانسان والحدث المنجز. اي ان لكل حضارة روح حيه تتجلى في التاريخ، بالإضافة الى ان الحضارات لا تتأثر ببعضها، وان كل حضارة دائرة مغلقه لا يدخلها عامل من الخارج،
يقول اشبنجلر ان الحضارة الغربية في ازدهارها الحالي هي اقصى ما يمكن ان تصل اليه الحضارات أي حضارة في الكون، لأنها رسخت القيم الإنسانية في عالم كان قد فرض فيه همجية المغول، والتتار، الصليبيين لقرون.
 اشبنجلر يقول ان من يبحث في تاريخ امة ما، عليه ان يطبق المعايير والمقاييس التي في زمنها ولا يفرض المنطق الحاضر الذي تتبناه المدارس النقدية المعاصرة عليها، وايضا” أن الحضارة في اوربا تدهورت نتيجة انحطاط طبقة النبلاء واصحاب المال، وإن الغرب الآن في سبيله إلى الشيخوخة والهرم.

المفهوم الاسلامي التقليدي لنشوء وموت الحضارات قائم على جوهر الإرادة الإنسانية التي استخلفها الله لتأكيدها في الارض , والحضارة من النعم التي ينزلها الله على الانسان اذا ارتقى بإدارة الحوار الاجتماعي لنيل رضا الله سبحانه. لان هناك سنن تحكم حركة البشر وأعظمها الايمان، وضعها لله للإنسان كي يصنع الحضارة (ولو أن أهل القرى ءامنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض).
ولذلك فان صناعة الحضارة ليست في فطرة الانسان وانما هي فعل حيوي يمارسه الانسان بإرادته المتفوقة والتي تعتمد على عوامل فرديه وجماعيه.
تلتقي المفاهيم الإسلامي بعلاقة توازي غير بريئة مع دوائر اشبنجلر في الدورات الحضارية، لأنه(يُظن) إنه استلهمها من مقدمة ابن خلدون بعد ترجمتها للألمانية في بداية القرن 20 , والعرب بكافة مذاهبهم يعشقون اشبنجلر وينتظرون المخلص, والمنقذ, وعودة الماضي العريق, حتى لو كانت بنظريات اشبنجلر وهي نسخ مترجمة من كتبهم, لأنها تغذي الحلم والخيال العربي الهارب من الواقع الاسود, بل ولا يكتفي بذلك, فالعربي يهدد الامم الاخرى بانه لو دارت الايام فلن نرحم  الامم جميعا وخاصة المجوس