23 ديسمبر، 2024 6:47 ص

العرب والوضع السياسي الدولي عبر التاريخ

العرب والوضع السياسي الدولي عبر التاريخ

من خلال ما أقرأ من آراء وتحليلات ،تتحدث عن تغيرات رئاسية في امريكا أو دور الصهيونية في السياسة الأمريكية وانتخاب الرئاسة لها. أو حقيقة ما يجري في الـعراق وسورية من معارك ودور الدول الاجنبية فيها ولا سيما ما تلعبه إيران من دور توسعي خبيث باسم مذهب آل البيت وغباء العرب من الشيعة والسنة في أتاحة ذلك لها .كما إن سلوك ما يسمى الفـــــئات السياسية المبني على تنـــاقضات طائفــية وإثنية يلعب دورا أساسا في ذلك، أجدُ أن هؤلاءالسادةالمحللين يدورون في حلقة مفرغة، تبدأ abdبما نعرفـــه وتنتهي بما نعرفه، لكي تثبت لنا أن المسار السياسي في الوطن العربي دائري، أي الحاضر يعود إرتباطا بالماضي مــرة أخــــرى!!.فكل محلل، مـع إحترامي له ولما يبذله من جهد فكري,يقص قصـــة التــــــدخل الأجنبي وأطماعـــه في الوطـن العربي،لكن أصل الداء يمر عليه مر الكرام، كما يـــــقال،وتــلك برأيي معضلة أخرى تفرض أعراضها على ما في الوطن العربي من أعراض تتطلب تشخيصا دقيقا وتحديد العلاج الناجع. فليس المشكلة في أن هناك دولا تطمع في الوطن العربي كلا أو جزءا، وليست المشكلة في أن للصهيونية دورا في السياسة الامريكية وإختيار رؤسائها، أو أن إيران تمارس دورا توسعيا في الوطن العربي باسم تطرف مذهبي طائفي، أو تركيا تتأمل إعادة دور الدولة العثمانية أيضا على  أساس مذهبي طائفي،لتعيدا هاتان الدولتان الأعجميتان تاريخ التناحر بينهما تشويها للإسلام وتمزيقا للحمة الشعب العربي طائفيا. تلك دروس مررنا بها بعد سقوط الدولة العباسية،أي سقوط القيادة العربية للدولة العربية الإسلامية عام 1258م لضعف الخليفة ولتآمر الشعوبية الطائفية مع المغول والتتار. ثم خرجنا منها لنقع في أحضان إستعمار غربي صليبي جديد، قرر مسبقا وضع عوامل عدم نهوض الأمة العربية الاسلامية بقيادة عربية.حيث استفاد من خلفية التصارع مذهبيا وأحيانا إثنيا، ليعمق فرضية فرق تسد، فجزأ الوطن العربي الى دويلات قطرية ونصب لها حكاما له تابعون سياسيا، ونكل بالقادة العرب الذين بسبب سياسة التتريك التي مارسها العثمانيون ثاروا ضد الدولة العثمانية فوقفوا بجانب الحلفاء الغربيين أملا في دولة عربية موحدة.إذن تلك مرحلة تخبرنا أن العرب حين فقدوا قيادة أنفسهم وسادتهم وإرادتهم إنتهى بهم المصير تاريخيا إلى أمة ممزقة تعبث بها دول أجنبية، وخلافات طائفية زرعها في صفوفهم أعاجم لا مصلحة للعرب فيها.ومنذ 1921م نعيش تلك التنازعات القطرية تحت رعاية أجنبية لها،بل تقسم الوطن العربي بين ثقافات استعمارية مختلفة الاسلوب وإن إلتقت بالهدف ألا وهو إدامة تمزيق الأمة،فالمغرب العربي تحت استعمار اسباني- فرنسي- إيطالي وبعضها لأكثر من قرن. والمشرق العربي تحت استعمار انكليزي-فرنسي دام أكثر من اربعة عقود، تم خلالها إقتطاع جزء مهم روحيي ومادي من الوطن العربي، فلسطين وزرع كيان غريب فيه ليكون قازوقا في نعش الأمة.تلك حالة لو وضعت أمامنا مسترجعين الوعي العربي المطلوب لتبين لنا أن اساس المشكلة فينا وليس في الطامعين فينا، وليس في هذا الرئيس الأمريكي أو غيره ،وليس في سلوك الصهيونية وإيران وتركيا، فهؤلاء لهم مصالحهم ويعملون لوفق مصالحهم وحين تسود لغة المصالح وقوانين الغاب فكل ما هو لا إنساني يسود.فهل أدركنا ذلك يوما؟ وحين أدرك ذلك بعضنا وهل وقفنا بجانبه وشجعناه؟أم عليه تآمرنا وأسقطناه فكرا وعملا؟!.نعم تآمرنا عليه وأسقطناه لماذا؟ لإننا أنتقلنا إلي صراع جديد أضيف لما سبق، تركنا تراث الأمة وبه كفرنا ورحنا نتبع أفكارا وجدت في الغرب اوجدتها ظروف الغرب ومشاكله التي لعبت فيها الكنيسة دورا ساعد على الإلحاد والخروج عن إنسانية الإنسان إلى حيوانية الحيوان.هنا لا أريد أن أتدخل في ما يقرره الإنسان الأوربي أو غيره فهو حر بالتأكيد، إنما أردت أن أبين أننا أو بعضنا بدلا من دراسة حقيقة حضارة وثقافة وتراث أمته ليستنبط أفضل القيم فيها لتبنى من جديد على اساسها عصريا، تبنى أفكارا لا تنسجم مع حقيقة الأمة ورسالتها الإنسانية، بل إرتبط تبعيا فكرا وعملا لامم أخرى وافكارها،بل وقف معاكسا طموح الأمة في وحدتها ونهوضها، بل آمن بأن العالم يجب أن تحكمه البرولتاريا دكتوريا وصولا للمشاعية، فالوطن والقومية كفر برجوازي]!!
ثم أحزاب قطرية ترتبط فكريا وسياسيا بالمستعمر منكفئة قطريا على تبعيتها للغرب فكرا وسياسة.وبين هذا وذاك أحزاب دينية هي الأخري تحمل بذور الأممية أو الطائفية،فلا تؤمن بأمة للعرب وإن أتبع بعضها أمما ترغب التوسع على حساب أمة العرب تلك حالة وجدت بعد 1921م . وحين حاول فتية من العرب درسوا تراث الأمة وسيرة الدولة العربية الإسلامية من دولة المدينة في زمن الرسول الكريم وحتى خلافة المستعصم  تمكنوا من تحديد عوامل الضعف والقوة والسماة الصحيحة للقيادة،فكان شعارهم الاساس هو (كان محمد كل العرب فليكن العرب اليوم كلهم محمدا) مشخصين بذلك سماة الحكمة والزهد والعقل الرشيد والشورى والبطولة عند الضرورة في القائد،كما شخصت حقيقة ان الأمة تحمل رسالة بها كلفت تاريخيا فهي خالدة تتجدد على وفق التطور الإنساني عقليا وعلميا وحضاريا ضمن الثوابت المتمثلة بالعدل والمساواة والاخوة الإنسانية ومخافة الله حين الحكم واتخاذ اي قرار خارج ذلك.كما شخص هؤلاء ومن بعدهم أمكانات الأمة بشريا وثروة وجغرافية بين الأمم فحددوا أن وحدتها وإعادة إنبعاث نهوضها سيعد لها دور في بناء حضارة  متقدمة تسهم في تعميق الحضارة الإنسانية.لكن كيف يتم ذلك؟ يتم بوعي وإدراك كل ما مر أعلاه  من تاريخ مشوب بعوامل التخلف والتسلط الاجنبي والتخلص منه فكرا وسلوكا.فهل تم ذلك؟قطعا كلا حتى من قبل أولئك الذين إدعوا إيمانا بهذ الفكر العربي الإنبعاثي للأمة وتقدموا مسيرته قياديا مع الأسف!.أما أولئك الذين تبرقعوا بافكار اممية الحادية أو أسلامية أو تابعة للغرب فلم يالوا جهدا مخربا لإعاقة مسيرة الأمة عربيا وحدويا تقدميا مع الأسف.ولا شك أن قيادة الفكر العربي الوحدوي فشلت سياسيا ولم تكن في مستوى قيادة هذا الفكر النير العربي هوية والإنساني مبادئا.
أنا هنا استعرض بكل إيجاز واقع حال العرب كما عشته ودرسته لكي نستدرك ما يجب ادراكه للتخلص من هكذا واقع ونعيد النظر في كل سلبية مرت بنا عبر 70عاما من التخبط الفكري والسياسي ولم أقل ألا ما لاحظته عمليا, ليس إتهاما لأحد وإنما لكي نتعظ ونتجاوز الماضي.
من هنا أقولُُ ليس مهما أن نعرف مجددا ما عرفناه عبر تاريخنا السياسي، عن أعداء بنا يتربصون دائما ،بين مدافع عن مصالح غير شرعية ،وبين طَمعٍ توسعي بحجج طائفية، إنما المهم هو كيف نعمل داخليا لنكون ندا مكافئا لتلك الاطراف فكرا وقوة اقتصاد وقوة دفاع وردع عند الضرورة.ربما قائل يقول علينا بواقع نعيشه اليوم ساعة بساعة،هذا صحيح لكن مرض تعيشه تعرفه داءهُ وعلاجهُ لا يعالج بأدوية مسكنة،بل بأدوية مسكنة وعمل جاد لأيجاد العلاج الناجز في الوقت نفسه.فالأمة اليوم مالٌ سائبُ وبستانٌ بلا حارس أمين، والحكمة تقول مال سائب يشجع على السرقة، وبستان بلا حارس أمين مرتع للماشية.إذن أمام المفكرين المخلصين طريقان موجبان ،طريق يُوعِّي الشعبَ في كل قطر عربي، حول ضرورة تجاوز أمراض إجتماعية، شارك في إيجادها مستعمرٌ غاشم، وفقهاء دينٍ أغشم لا يفهمون الاسلام معنى وغاية، بل لم يقر فعلهم قرآن ولا رسول، إنما هي إجتهادات أناس أجتهدوا لغويا بلا دراية علم أو فكر نير، فأساؤا للاسلام وللرسول ولآل بيته الكرام، بل شقوا صف العرب والمسلمين عبر التاريخ ، تستغل ذلك دول تنتسب للإسلام وتعمل عنصريا لتوسِّعٍ تظنُّ أنها فقدتهُ بسبب الاسلام.ثم طريق يعالج واقع الحال من خلال إعادة النظر في كل ما حدث من إحتلال للعراق وحرب اهلية في سورية وليبيا واليمن، وتجاوز لايران في لبنان وفي سورية والعراق واليمن. فكيف يكون ذلك برأيي اعتماد هدنة عربية-عربية، وتفعيل دور الجامعة العربية، وإجراء إنتخابات نزيهة باشراف الجامعة العربية وبتعاون مع الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي،مع شجب لإي عمل إرهابي ومنع أي منظمات أو مليشيات ارهابية من ممارسة الإنتخابات، في تلك الأقطار العربية التي تسودها حروب أهلية طائفية وإثنية،والقبول بنتائج الإنتخابات،يتم ذلك بشفافية تامة.
أما البقاء في نقل الأخبار وتحليل ما ليس بحاجة الى تحليل، فكل شيء اليوم واضح ومبين، فلا يفيد ولا يظيف للمشهد ما هو جديد.فلنبدأ بالطريقين معا بجــــد متخلصين من أي شوائب في القلوب،نسأل الله الهداية وعمق البصيرة وثافب البصر لنا جميعا لندرك اول درجة في سلم النجاة للوصول  الى هدف الجميع وهو وطن عربي متحد بشعبه وقدراته يقوده نظام او انظمة تحت خيمته حضاريا وإنسانيا وحرية واحترام لإنسانه حقوقا وواجبات.والله من وراء القصد.