17 نوفمبر، 2024 2:28 م
Search
Close this search box.

العرب والكرد علاقات تاريخية تتقوى باحترام الخصوصيه

العرب والكرد علاقات تاريخية تتقوى باحترام الخصوصيه

في تاريخ العراق القديم والحديث او في سواه من اجزاء المجتمع العربي الكبير هنالك حقيقة اثبتتها التجارب والاحداث بان روابط الاخوة والالفة والتاخي مهما قويت او ترسخت عبر التاريخ فانها لايمكن ان تلغي الاخر مهما كان اقلية بسيطة او قومية ولا تدفعه لان ينصهر .. وان هذه الروابط التي نتغنى بها ونعيش بعض صورها في حياتنا اليومية كمواطنين ،لا يمكنها ان تزيل اختلافات وثقافات وافكار تفرضها طبيعة الانتماءات القومية والدينية للمجاميع البشرية والمكونات ..وفي طبيعة العلاقة بين قوميتين رئيسيتين في العراق العرب والاكراد فانه ربما ينطبق عليها ما ذكره ميلاد حنا في دراسة له عن اقباط مصر حيث ان ( هنالك غلالة رقيقة تعزل بينهما يمكن في اوقات الازمات ان تتحول الى صراع ظاهر ومن المؤكد انه في اوقات الاسترخاء تبدو هذه الغلالة وكأنها غشاء ناعم هفهاف من الحرير قد لانراها لكنها موجودة على اي حال ..).لذا فان اي قفز على خصوصية اي طرف تفضي الى نظرة متعصبة عنصرية وان العلاقات التاريخية بين العرب والكرد تتقوى باحترام خصوصية كل قومية ومصالحها .
وعودة الى تاريخ العراق الحديث منذ تأسيس الدولة العراقية على انقاض انهيار الخلافة العثمانية عام 1921 والى الان تظهر لنا جميعا اننا ارتضينا ان نغمض اعيننا عن امال واحلام امة لها تطلعاتها التي ربما لاتتطابق وتطلعاتنا لكننا اعتدنا اذا اضطرتنا الظروف لبحث موضوع العلاقة معها فاننا نرتأي الدوران في محيط طبيعة العلاقة التي ينبغي ان تكون بيننا وبين الاخوة الكرد او نبتعد ولا نتقبل الغوص في اعماقها لذا بقيت المشكلة قائمة وجمرها تحت الرماد ..جمر سرعان ما يتحول الى نار خاصة وان هنالك رياح خارجية قوية تحرك الرماد لتشتعل النيران وتحرق الاخوة شركاء الوطن والمصير الواحد !
بعد احتلال العراق في 2003 استمرت الاطراف السياسية التي تسلمت مقاليد السلطة ، بالنظر الى طبيعة العلاقة بينها وبين الاكراد بنفس المنهج وجاء الدستور ببنوده وفقراته القابلة للتأويل ليؤكد حقيقة الخلافات وعمقها وبانه اي الدستور ورقة هشة تفرق ولا توحد و يمكن لاي طرف ان يفسرها بما ينسجم ومصالحه هو وليس مصالح مجموع الشعب ، وهو ماعرض العلاقة بين إقليم كردستان والحكومة الاتحادية الى التصادم في احيان كثيرة ..
وبغض النظر عن النظرة الى الاستفتاء الذي جرى في الخامس والعشرين من ايلول 2017 وشرعيته وانسجامه مع دستور مختلف عليه وقضية توقيته وسوء تقدير حسابات حصلت ، فانه ( اي الاستفتاء) كشف طبيعة ثقافة التعصب والقبلية في نفوس ظلت تردد ( هربجي كرد وعرب فد حزام .. ) لكنها لم تدخل القلوب والضمائر.. والمؤلم ان هذه العصبية نجدها عند من يدعون الثقافة والمعرفة وبشكل سافر اكثر من غيرها بل ما يؤسف له ان بعض هؤلاء تبرع لتغذية نزعة الصراع بين الاخوة متخذا من ذريعة الحرص على وحدة الوطن ذريعة لالغاء كل دور للكرد في النضال الطويل لشعبنا ، بل الاساءة اليهم .. ومن المخجل ان اطرافا وشخصيات سياسية انتهزت الفرصة للتحريض وتصوير ما تحقق من مكتسبات للاخوة الكرد وكأنة منة وليس حقا ! من دون ان يعني هذا تبرئة اطراف سياسية في إقليم كردستان هي الاخرى صعدت وبشكل متعصب ثقافة القطيعة وتجاهل كل ما كان يربطهم من اواصر مع اخوتهم العرب خاصة في اوساط الشباب حتى بتنا نشهد جيل جديد لايتقن اللغة العربية ان لم نقل لايريد التحدث بها !
لقد ظهرت بعد الاستفتاء مشاهد مخجلة ومعيبة وسمعنا كلمات بذيئة وقرأنا منشورات بائسة ، وهو ما يجعلنا نتوقف كثيرا عند ما يحصل وما يجري لنعرف الى اين يمكن ان تقود مثل هذه الثقافة القومية المتعالية المتغطرسة البلد ؟ !
ان ما حصل من ظواهر بعد استفتاء إقليم كردستان على مراراته يقودنا الى حقيقة مهمة تتطلب وقفة شجاعة لمراجعة تجارب الماضي والاعتراف بالاخطاء سواء من قبل القيادات الكردية او الاطراف السياسية الاخرى وخاصة العربية وتفهمها بان الكرد حتى وان كانوا جزءَ من العراق لهم مشاعرهم وامانيهم وخصوصياتهم ..
وبصراحة فان مثل هذه الازمات تتفاقم عند غياب المشروع الوطني وانحسار اطرافه وهيمنة عقليات متخلفة تتبرقع بالدين كستار لسوءاتها، على السلطة ، لذا فان اول خطوة في اتجاه بناء علاقات سليمة تحفظ حقوق جميع المواطنين تكمن بوجود نظام وطني يؤمن بالديمقراطية ويشيع ثقافة المساواة والعدالة بين مواطنيه وما ينبغي ان يفهمه العربي والكردي وغيرهما بان ما يتعرضون اليه من ظلم وانتهاك للحقوق واحد وهو ما يجمعهم للنضال من اجل دولة وطنية ديمقراطية . مرة اخرى لنقراً التاريخ ونعي ان لاحل الا بالديقراطية .

 

أحدث المقالات