9 أبريل، 2024 7:38 ص
Search
Close this search box.

العرب والسحر الاسود !!

Facebook
Twitter
LinkedIn

في الوقت الذي تتسابق فيه شركات الفضاء الأوربية مع وكالة ناسا لاستيطان المريخ والكواكب الاخرى. وتتسابق الدول في ابتكاراتها المذهلة من الهندسة الوراثية أو النانو تكنولوجي الى تصنيع نباتات ذات كفائه غذائية عالية لإطعام جياع العالم ,تتسابق الشعوب العربية في عدد المشعوذين وحجم الانفاق على قراءة الفنجان والمنجمين. حيث بلغ حجم الانفاق العربي على الشعوذة 7 مليارات دولار في 2011 فقط ,حسب تقديرات مركز الدراسات الجنائية المصرية. يوجد في مصر وحدها أكثر من 300 ألف ساحر وساحره واضعافهم في الدول العربية ممن يعملون على طرد الجن وعلاج الامراض المستعصية، لدرجة ان المغرب اصبحت قبلة العالم في شؤون الجن والشياطين واستحضار الأرواح.
للمشعوذين (الفقهاء هكذا يسمونهم) عيادات في أرقى المدن، يمارسون فيها اغرب طقوس الكابالا اليهودية والرموز الماسونية، وعبادة الشيطان. في السودان واليمن والكثير من الدول العربية للمشعوذ سمعه قد تفوق طبيب الاختصاص المتخرج من اوربا في علاج الشلل او عدم لانجاب. ويدعي المشعوذون قدرتهم في حل معضلات الوسواس القهري و الطلاق وكشف الاسرار و الكنوز والجنون وأمراض الأطفال الانطواء وغيرها. اما قصص النصب الاحتيال خلف هذه الصناعة، فتفوق الخيال في حجم الاموال وفي وطبيعة استغلال الانسان لسذاجة الانسان.
اختلف الباحثين والمفسرين حول مصدر السحر فما بين من يقول انه مصدره سماوي كما يقول اليهود ان جبريل وميكائيل انزلا السحر الى الارض وبين من يقول ان مصدره شيطاني ارضي، حيث بقي سر حرف (ما) في (وَمَآ أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ) غامضا “بحيث انه في كل جيل تظهر رؤيه جديده تدور بين النفي والاثبات. وبين من يقول انه من الملكين هاروت وماروت بعد ان أغوتهما أمرأه في بابل فسجنهما الله في بئر تحول الى معبد لتعليم السحر للبشر، وتبقى جدلية ان كيف يأذن الله للشياطين بإيذاء الانسان تحير العقول، وكأن الله لم يأذن للهزات الأرضية والكوارث الطبيعية والامراض التي تفتك بالبشر.
أثبتت الاكتشافات الأثرية في كهوف النياندرتال ان الانسان مارس السحر والشعوذة منذ العصر الحجري , حيث كان لكل جماعه بشريه او قبيله ساحر او مشعوذ يساندها في الحروب ومواجهة الكوارث. فشاعت رقصات السحر والاتصال بالأرواح الكونية بطقوس غريبه لم يتم فهم طبيعتها الى الان . أمتزج السحر والشعوذة بتراث الامم ودياناتها بدون استثناء، وتجلى في قصائد الشعر والاعمال الأدبية العظيمة حتى لا تجد شاعرا” ذاع صيته دون ان يكون للجنيات وحوريات البحر اثرا” واضحا” في نتاجه. وكان في تاريخ العرب مشعوذين ومشعوذات مشهورين كسجاح التي ادعت القدرة على فعل اشياء كثيره منها النبوة.
تجلى اثر السحر في حياة الامم وشعوبها عندما صدق الملوك ورؤساء الدول المشعوذين ولازموهم في أدق مراحل حياتهم , فمارس عظماء التاريخ السحر والشعوذة للقضاء على الخصوم والمنافسين وكان هتلر صنيعة منجمه الذي اوحى له انه رسول من السماء لإنقاذ العرق الاري, وموسو ليني ونابليون وحتى بوتين, أما الملك المغربي الحسن الثاني كان محميا” ب ( التبارود) وهي خلطه للسحر ألاسود . أما حسني مبارك كان يلازم (ام ماجد) المستبصره المعروفة. أن معظم القيادات العربية مارست السحر الاسود بشتى اشكاله على شعوبهم المقموعة, فلا اشد من وهم الانتصار في حضيض الهزيمة، وسحر التفوق في عتبة الانحطاط، وسحر الماضي في وحل الواقع، وضاعت الاجيال بسحر زعمائها، حتى بطولات جمال عبد الناصر كانت تمر في تمتمات عرافه اختزنت هميم القومية العربية..
عندما تنهار الشعوب ويبلغ الياس درجته القصوى فيها، كالشعوب العربية، يلجأ افرادها الى الشعوذة والعرافات ولو من اجل لحظة خيال او امل تخترق مرارة الواقع وسوء الحال، فيرتمي في الحلم، ويغيب عن قدره بنبوءة عرافه او قارئة فنجان. فبعد ان اجتمعت جميع عيوب الدنيا فيه من جهل وتخلف وغموض في المستقبل , تعمقت ماساته عندما بدأ يقارن حاله مع الامم الاخرى ويرى كيف صنعت لأجيالها حياة رغيدة, وهو لازال يحلم بقطرة ماء او لحظة بلا هاجس الخوف من مخابرات تتبع حركاته, فبعد ان بُح صوته في الدعاء وهو يتنقل بين معسكرات اللجوء ومدن الارهاب وياس من التغيير , ضاعت روحه بين الجن وبين بحار تغرقه أينما يهرب.
يقول كلود ليفي شتراوس ان ابليس لا يحضر بنفسه او بتابعيه بين البشر وانما يتجلى بنظام معرفي، يغيب الوعي ويُفقِد القدرة, ويستعبد الانسان بقوة الاف الشياطين. وجريمة العرب بحق أنفسهم كبرت وتفسخت وهم يكيلون التهم للاخرين مرة” وللتراث مرات , ولكن ليس غريبا” أن تُسجل جرائم العرب بحق اجيالهم ضد جني مجهول !!!

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب